حض زعماء شيعة على تشديد المطالبة باقامة فيديرالية ذات"طابع طائفي"في جنوبالعراق بصلاحيات لا تقل عن الفيديرالية الكردية ضمن اقتراحين أساسين، أولهما قدمه أعضاء في كتلة نواب الجنوب الى اجتماع قادة الكتل السياسية الذي عقد أمس في مقر رئيس الجمهورية جلال طالباني يطالب بحق اقامة فيديرالية المحافظات الثلاث البصرة والناصرية وميسان بما ينسجم مع طروحات قانون ادارة الدولة في هذا الشأن. بينما يفضل زعماء آخرون بينهم رئيس"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"عبدالعزيز الحكيم توسيع حدود الاقليم ليشمل كل المحافظات ذات الغالبية الشيعية. لكن تياراً شيعياً لا يقل أهمية في الشارع يمثله السيد مقتدى الصدر، لا يزال يرفض بشدة إقامة مثل تلك الفيديرالية في جنوبالعراق وان كان يترك الموضوع برمته لقرار الشعب العراقي في استفتاء حر. وأكد عبدالعزيز الحكيم في خطاب امام جماهير أحيت الذكرى الثانية لمقتل الزعيم الشيعي محمد باقر الحكيم في النجف، ان اقليماً يضم كل المحافظات الشيعية"حق من حقوق الشيعة بعد اضطهادهم على يد الحكومات المتعاقبة". وكان زعيم"منظمة بدر"التابعة للمجلس الاعلى، ندد في خطاب في المناسبة ذاتها بما أسماه"محاولات سياسية"لحرمان الشيعة من حقهم في تكوين فيديرالية، مضيفاً انه"يجب أن نحصل على الفيديرالية في الجنوب كي نضمن حقوقنا التي حاول الأعداء منعنا من الحصول عليها". وسربت مصادر مطلعة ل"الحياة"انباء عن عودة المفاوضات الى الطريق المسدود الذي بدأت منه بما يخص مسألة الفيديرالية بعد تعارض ثلاثة مواقف متداخلة، يدعو أولها الى اقامة اتحاد فيديرالي اختياري على أسس قومية وجغرافية وتاريخية يشمل كل مناطق العراق بالاستناد الى قانون ادارة الدولة مع منح سكان الاقليم حق الاستفتاء بعد مرور ما بين ست او تسع سنوات على الانفصال من جسد الاتحاد او البقاء فيه. ويدعم الاكراد هذا الطرح رابطين بينه وبين مفاهيم أخرى، كانتماء محافظة كركوك الى اقليم كردستان وحق الاقليم في ادارة شؤون الادارة والشرطة والجيش والتشريع القانوني والمهني داخل حدوده الرسمية، بالاضافة الى حقه في 60 في المئة من ثروة الاقليم تضاف الى الموارد التي تأتيه من الحكومة المركزية. لكن هذا الطرح يجد معارضة شديدة من السنة والشيعة الذين يرون ان تطبيقه سيخدم مصلحة الاكراد بالدرجة الاولى. في المقابل جاء الطرح الثاني على يد الكتلة الشيعية التي وجدت على لسان زعمائها ان التمسك باقامة اقليم بصلاحيات اقل في المناطق الشيعية سيضعف الموقف الكردي المتشدد ويحفظ حقوق"هذه الطائفة المضطهدة التي تقع ضمن حدودها أكبر منابع نفط العراق"، على حد وصف قيادي في"حزب الدعوة". وهذا الطرح يرفضه العرب السنة بشدة ولا يحبذه الاكراد الذين اتفقوا أمس مع العرب السنة على اقامة حكم لامركزي يتيح اقامة اتحاد فيديرالي بين العرب والاكراد ولا يسمح باقامة فيديراليات غير الفيدرالية الكردية بما أثار حفيظة القادة الشيعة. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان اتفاقاً أولياً للمفهوم الأخير للحكم اللامركزي - الفيديرالي في العراق يفضله السفير الاميركي خليل زلمان زاد الذي نقل الى المجتمعين رسالة من حكومته في هذا الشأن حصلت على موافقة العرب السنة والاكراد ورفضها الشيعة. وتنص الصيغة المقترحة الجديدة على اقامة نظام حكم لامركزي بصلاحيات واسعة للمحافظات مع إقامة اتحاد فيديرالي عربي - كردي بصلاحيات اكبر. وتزامن هذا الطرح مع ايجاد صيغة مقبولة من جميع الاطراف لمسألة توزيع الثروات لتحقيق توازن بين المكاسب والخسائر للاطراف ذات العلاقة. وتنص صيغة توزيع الثروات على حصر الموارد المتأتية عن النفط في يد الحكومة المركزية التي توزعها ضمن نظام يأخذ بالحسبان عدد السكان وحاجة المحافظات ومشاريع الاعمار في كل"محافظة - اقليم"، على ان تُضاف نسبة 5 في المئة من الموارد الى موازنة الاعمار والخدمات لدى المحافظات التي تقع ضمن حدودها منابع النفط او الثروات الطبيعية. وأكدت المصادر ان الكتلة الكردية أبدت مرونة في مسألة توزيع الثروة بعدما تراجعت عن مطالبتها بنسبة 60 في المئة من نفط كركوك لمصلحة اقرار نظام فيديرالي يخص كردستان العراق على ان ترحل قضية كركوك الى المرحلة المقبلة من العملية السياسية في اطار نصوص المادة 58 من قانون ادارة الدولة السابق التي سيستمر العمل بها. "نتمنى أن لا يأتي هذا اليوم"! وقال صالح مطلك العضو السني في مجلس الحوار الوطني معلقاً على مطالبة الشيعة باقليم فيديرالي في الجنوب:"نتمنى أن لا يأتي هذا اليوم". نحن نعتقد أن العرب في العراق بسنتهم وشيعتهم"كيان واحد"لذلك فان أي محاولة لاثارة موضوع طائفي لتقسيم العراق موضوع مرفوض بينما، وجد ليث كبة المتحدث باسم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري إن فكرة تشكيل اقليم شيعي غير مقبولة مؤكداً على ان موعد 15 آب اغسطس الجاري كتاريخ نهائي لاكمال مهمة صوغ الدستور سينفذ مع تأجيل عدد من القضايا موضع الاختلاف الى المرحلة اللاحقة من دون الاشارة الى القضايا التي تم ترحيلها من تلك التي وجدت طريقها الى الحل. وقال الشيخ عبدالناصر الجنابي، عضو لجنة صوغ الدستور ومجلس الحوار سني ل"الحياة"ان نظام اللامركزية الادارية هو الحل الامثل لحكم العراق، مشدداً على ان الفيديرالية وتقاسم الثروة بالصيغ المطروحة حالياً تشكل وسيلة انفصال لا اتحاد. مؤكداً على ثقته بان الحكمة السياسية ستؤدي في النهاية الى صيغة تصون حقوق العراقيين مع ترحيل المسائل غير المتفق عليها الى المرحلة المقبلة مع تقديم الضمانات المطلوبة من جميع الاطراف.