يتوجه روبرت زوليك، نائب وزيرة الخارجية الأميركية، الى السودان هذا الأسبوع لدفع المتمردين والحكومة في اتجاه السلام في اقليم دارفور، وسط مخاوف يبديها بعض اعضاء الكونغرس وجماعات حقوق الانسان من ان واشنطن تتساهل أكثر مما يجب ازاء الزعامة الاسلامية في الخرطوم. وتأتي زيارة زوليك في الوقت الذي تتعثر فيه محادثات السلام بين زعماء المتمردين والحكومة ويجذب فيه تصاعد أعمال العنف في اقليم دارفور في غرب السودان اهتمام العالم بزيادة عدد القتلى ومعاناة نحو مليوني لاجىء. وتتهم الولاياتالمتحدة حكومة الخرطوم وميليشيات متحالفة معها بالابادة الجماعية في دارفور حيث أودت اعمال العنف بحياة عشرات الالاف. وقال زوليك الجمعة، قبل يومين من قيامه برابع زيارة للسودان منذ نيسان ابريل الماضي، ان"عمليات القتل على نطاق واسع في دارفور انخفضت ولكن التصعيد الذي حدث في الآونة الأخيرة في أعمال العنف خطر كبير". وأردف قائلا في نشرة صحافية ان"جماعات التمرد في دارفور تتقاتل فيما بينها. وأي شرارة يمكن ان تُشعل حريقاً هائلاً، ومن ثم فإن كل الأطراف الرئيسية لديها عمل مهم تؤديه لابقاء الأمور في مسارها". وسيسافر زوليك ايضاً الى كينيا لاجراء محادثات مع زعماء المتمردين الرئيسيين. وبعد 11 شهراً من المساعدة على ابرام اتفاق سلام تاريخي لإنهاء حرب مطولة في جنوب السودان، يحض زوليك أيضاً اعضاء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة على تنفيذ العناصر الصعبة ولكن المهمة في الاتفاق بين الشمال والجنوب ومن بينها تسريح القوات وتحديد الحدود الداخلية. وتقول الولاياتالمتحدة ان نجاح تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان مهم لإقناع متمردي دارفور بأن ابرام اتفاق مماثل يمكن ان يحقق لهم الصوت السياسي والدعم الاقتصادي الذي يسعون اليه. وقالت جينداي فريزر، مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية،"اننا ملتزمون السلام في السودان". وعلى رغم هذه التعهدات يتهم منتقدون ومن بينهم عدد من الاعضاء الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الحكومة الأميركية بأنها متساهلة أكثر مما ينبغي في شأن السودان الذي حظي باشادة لتعاونه ضد الارهاب منذ هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001. ويقولون انه يتعين على واشنطن ان تضغط على الزعماء السودانيين في شكل أقوى لوقف أي دعم لميليشيا الجنجاويد التي تواجه اتهامات بشن حملة اغتصاب وقتل وحرق على نطاق واسع في القرى غير العربية خلال التمرد في دارفور الذي بدأ قبل عامين ونصف العام. وحمل متمردون غير عرب السلاح في وجه الحكومة في اوائل عام 2003 متهمين الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب باحتكار الثروة والسلطة وتهميش دارفور. وقال جون بريندرغاست من معهد ابحاث الجماعة الدولية للأزمات انه حدثت مناقشات حكومية داخلية كثيرة في شأن كيفية التعامل مع السودان وانه يعتقد ان ادارة الرئيس جورج بوش خففت من موقفها بسبب اهمية السودان في الحرب المناهضة للإرهاب. وقالت فريزر ان واشنطن التي قدمت 160 مليون دولار للمساعدة في ضمان السلام في دارفور، تواصل الضغط على الرئيس السوداني عمر البشير وحكومته من أجل العمل في شكل اقوى في اتجاه السلام. واضافت ان واشنطن تستخدم اسلوب العصا والجزرة - الذي قالت انه يتمثل في قدرة واشنطن على المساعدة في القبول الدولي للسودان او عرقلته - للحض من أجل ابرام اتفاق. مصالحة متمردي دارفور وقالت فريزر في مؤتمر صحافي ان روبرت زوليك سيحاول اجراء مصالحة بين مختلف فصائل"حركة تحرير السودان"، أبرز فصائل المتمردين في درافور، خلال لقاء في نيروبي. وأضافت ان"جميع الفصائل وافقت على الذهاب الى نيروبي"للمشاركة في اللقاء مع زوليك. وأضافت ان"جميع الاطراف تعتبر الولاياتالمتحدة بمثابة ممثل أساسي لجمع فصائل حركة تحرير السودان"المهددة بالتفتت بعد انتخاب رئيس جديد لها الخميس هو ميني أركو ميناوي، وهو أمر رفضه زعيمها المؤسس عبدالواحد محمد نور. ويؤثر هذا الصراع على السلطة داخل"حركة تحرير السودان"سلباً على آفاق نجاح مفاوضات السلام في ابوجا نيجيريا التي تهدف الى وضع حد للحرب الأهلية التي تجتاح منذ العام 2003 اقليم دارفور الذي تصل مساحته الى مساحة فرنسا تقريباً. وكان زوليك اعلن انه سيزور قريباً السودان اثر اجتماع في واشنطن مع النائب الأول للرئيس السوداني سلفاكير ميارديت. لكن الرجل الثاني في وزارة الخارجية الأميركية لم يعلن عن زيارة لكينيا التي ستتم كما قالت فرايزر"في بدء"جولته. واوضحت ان"نجاح مفاوضات ابوجا يتوقف في قسم منه على وحدة حركة تحرير السودان ولهذا السبب تعتبر مهمة زوليك في نيروبي مهمة ايضاً". واضافت فرايزر"ما سيقوم به مساعد وزيرة الخارجية هو القيام بوساطة محايدة بين الفصائل وتقديم مجال محايد لهم في محاولة لاعادة توحيد حركة تحرير السودان"، مشيرة الى ان زوليك سيحاول اقناع الفصائل بالتخلي عن العنف. وقالت ايضاً ان"الرسالة التي نريد ان ينقلوها الى دارفور هي انه لا يمكن ان نكون اصدقاء ولا تسجيل نقاط على طاولة المفاوضات من خلال مهاجمة مدنيين. انه أمر غير مقبول". وختمت بالقول"اذا اردتم ان تساعدكم الولاياتالمتحدة خلال المفاوضات فيجب ان تحترموا وقف اطلاق النار". وفي نجامينا ا ف ب، اعربت الوساطة التشادية في النزاع في دارفور، الجمعة، عن أسفها لعملية انتخاب رئيس جديد على رأس"حركة تحرير السودان". وقالت الوساطة في بيان"انها تأسف لما توصل اليه اجتماع بعض عناصر حركة تحرير السودان الذين اعلنوا ميني أركو ميناوي رئيساً لهذا الجناح في المعارضة السودانية". واضافت الوساطة التشادية انها"تعرب عن خشيتها من ان يؤدي هذا المعطى الجديد الى تفاقم الانقسام داخل هذه الحركة وان يعرقل عملية السلام"التي بدأت برعاية الاتحاد الافريقي في ابوجا. وفي ختام مؤتمر من خمسة ايام ضم في حسكنيتة، شرق دارفور، احد الفصيلين المتنازعين على السيطرة على حركة تحرير السودان، انتخب ميناوي رئيساً للجناح العسكري للحركة. واضاف البيان ان تشاد توجه"نداء ملحاً الى الكوادر القيادية في حركة تحرير السودان كافة لكي يتحلوا بضبط النفس وحضهم على المشاركة في مؤتمر مصغر طالبت به الأسرة الدولية بهدف اعادة توحيد كل اعضاء قيادة حركة تحرير السودان من دون استثناء". وكان الرئيس التشادي ادريس ديبي دعا في تشرين الاول اكتوبر الفصيلين في حركة تحرير السودان الى المشاركة في ابشي شرق تشاد في مؤتمر"مصالحة". لكن مؤسس الحركة عبدالواحد محمد نور وحده توجه الى ابشي الاسبوع الماضي لمقابلة ديبي.