هل تستطيع تركيا ان تحول موقفاً قد يكون سبباً في أزمة خارجية الى منفعة؟ الموقف هذا هو ما تتعرض اليه سورية من ضغوط بسبب الملف اللبناني. فتقرير المحقق ميليس يضع سورية تحت كثير من الضغوط، ان لم يدفعها نحو عزلة دولية كبيرة. وهذا التحرك الدولي ضد سورية يضع تركيا التي حرصت في المدة الأخيرة على توطيد علاقاتها بدمشق، في موقف صعب وحرج. وأنقرة ظهرت في صورة صديق الرئيس الأسد وسنده، في أثناء العامين الماضيين اللذين بدأ فيهما الضغط الأميركي على سورية. وتعرض موقف أنقرة من سورية لانتقادات من واشنطن التي تحاول إحكام العزلة الدولية على دمشق. ولعل الانتقادات الأميركية المتوالية دفعت تركيا الى التخفيف من حماستها في التعامل مع سورية أخيراً. فألغيت على سبيل المثل، زيارة الرئيس الأسد الى تركيا، وهي كانت متوقعة في عطلة الصيف. ولم يجرَ التنسيق تمهيداً للقاء أردوغان والأسد بنيويورك، في أثناء انعقاد دورة الأممالمتحدة. وأنقرة بين نارين، رغبتها في الاستمرار في توطيد علاقاتها بدمشق، من ناحية، ومسؤوليتها أمام المجتمع الدولي عن الالتزام بقراراته، من ناحية أخرى. والتوفيق بين الموقفين سبب أزمة لتركيا. حتى لو كانت الضغوط الغربية على سورية متمثلة في ضغوط سياسية، دون عقوبات اقتصادية، لا تستطيع أنقرة ان تتجاهل موقف الغرب، وتتصرف خلافاً له، لأن ذلك يخلق مشكلة حقيقية في علاقات تركيا بأمريكا والاتحاد الأوروبي معاً. ولكن انقرة تستطيع أن تجعل الموقف الى منفعة لها، وذلك من طريق العمل على كلا الطرفين معاً. فتدعو الأسد الى التعامل في جد مع قرارات الأممالمتحدة، والى الاسراع في تطبيق الاصلاحات الداخلية، والحد من تسلل الارهابيين عبر الحدود السورية. وفي الوقت نفسه تدعو بوش والغرب معه الى تجنب الاساءة الى الرئيس الأسد، والرجوع عن قلب نظامه، أو عن السعي الى تدخل عسكري، أو حتى فرض عقوبات اقتصادية، لأن ذلك يؤدي الى نتيجة عكسية. فعلى الغرب انتظار نضوج تفاهم مع دمشق في صبر وتأن. والوقت حان على ما أرى كي تتلمس مرتكزاً للتحرك في هذين الاتجاهين. عن سامي كوهين، ملييت التركية، 28/10/2005.