عاد الخلاف المغربي - الجزائري في شأن الصحراء الغربية الى الواجهة في الساعات الماضية، مع دعوة الجزائر مجلس الأمن الى وقف ما اعتبرته تساهلاً في موقفه من الرباط. لكن مصادر مطلعة في الرباط رجحت ان يكتفي مجلس الأمن بإصدار قرار جديد، يكون امتداداً لقرارات سابقة، يعرض للمأزق الذي توجد فيه القضية ويدعو الى إقرار حل سياسي تقبله الأطراف كافة عبر المفاوضات. وطالب ممثل الجزائر لدى الأممالمتحدة السيد عبدالله بعلي مجلس الأمن بأن يجدد"دعمه لمخطط بيكر ويدعو مباشرة المغرب إلى قبوله وتنفيذه ... بصفة واضحة وغير غامضة". وعبّر بلهجة غاضبة عن رفض الجزائر أن يستمر مجلس الأمن في"تساهله"مع المغرب"إذا كان هدفه تكريس اللاعدل". وتحدث ممثل الجزائر خلال مناقشات مجلس الأمن لتقرير الأمين العام كوفي أنان حول الصحراء الغربية، مساء الإثنين. وقال بعلي انه"لا يمكن لمجلس الأمن أن يستمر في تساهله مع المغرب إلا إذا كان هدفه تكريس اللاعدل". وأضاف في تصريحات وزعتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أمس،"لدينا أراض تعد ضمن الأراضي غير المستقلة التي سجلتها لجنة تصفية الاستعمار الأممية وهي محتلة بصفة غير شرعية من طرف بلد مجاور ... يتمادى في رفضه لمغادرتها"، مشيراً إلى أن المغرب"مستعد فقط ... لمنحها استقلالاً ذاتياً في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية". وقدر ممثل الجزائر لدى هيئة الأممالمتحدةالجزائر عضو في مجلس الأمن حالياً أن المغرب"يستمر في موقفه هذا ... لأنه يلقى لدى مجلس الأمن دعماً لا مشروط يحول دون القيام بأدنى عمل ردعي أو ضغوطات"، لافتاً إلى أن الديبلوماسي الأميركي السابق جيمس بيكر الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة"لم يكن له خيار آخر غير الذهاب لأن مجلس الأمن لم يتمكن من تحمل مسؤولياته في حين تحمل هو مسؤولياته كاملة". وقال بعلي:"نجد أنفسنا اليوم مجدداً أمام طريق مسدود. فلدينا مبعوث شخصي جديد قام بزيارة إلى المنطقة وعاد ليؤكد لنا بأن جبهة بوليساريو مستعدة لاحترام قواعد اللعبة وتوقيع مخطط السلام وتنفيذه، في حين أن الطرف الآخر مستعد فقط لمنح الاستقلال الذاتي للصحراء الغربية...". وتساءل بعلي في هذا الصدد"عما سيقوم به مجلس الأمن". ودعا مجلس الأمن إلى"توجيه رسالة صارمة إلى المغرب يؤكد له فيها أنه لا يمكنه الاستمرار في غلق هذه الأراضي في وجه المنظمات غير الحكومية ومختلف وسائل الاعلام الدولية وانتهاك الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي". وقال في هذا السياق"من المؤسف أن يبقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان الذي سرعان ما تكون له ردود فعل فورية على أبسط انتهاك لحقوق الإنسان في بلد أو آخر، صامتاً عن المأساة التي عاشها الشعب الصحراوي خلال الشهور الأخيرة في الأراضي الصحراوية على رغم تجند المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية "أمنيستي إنترناشيونال"". وذكّر في هذا الشأن بأن لمنظمة الأممالمتحدة"مسؤولية سياسية وشرعية تجاه سكان الأراضي التي لا تتمتع بالاستقلال الذاتي". وأضاف بعلي"وعندما يقرر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان الاهتمام بالوضع السائد في الصحراء الغربية فإنه يختار حتى لا يغضب المغرب التحقق أيضاً من إدعاءات المغرب بخصوص وضعية"مواطنيه المحتجزين"أي اللاجئين الصحراويين في مخيمات اللاجئين في تندوف". وأبرز أن"هذه الموازنة الشنيعة التي تضع المعتدي والضحية على قدم المساواة هي التي تمس بهذه المنظمة وبصدقيتها وتشوه سمعتها وتضر بهيبتها ونفوذها". وذكر بأن جبهة"بوليساريو"أطلقت لاعتبارات إنسانية سراح جميع أسرى الحرب المغربيين، مبرزاً في هذا الصدد أن من الأهمية بمكان"أن يطلق المغرب سراح مئات سجناء الحرب والمعتقلين السياسيين الصحراويين الموجودين في سجونه". وقال إنه يتعين على مجلس الأمن"أن يفي بمسؤولياته بخصوص هذه المسألة أيضاً". وأكد أن الجزائر تدعم دعماً تاماً توصية الأمين العام المتعلقة بتمديد ولاية بعثة"المينورسو"مدة ستة شهور إضافية، مشيراً إلى أن هذه المدة"ينبغي أن يغتنمها المبعوث الشخصي للأمين العام ومجلس الأمن لإقناع المغرب باحترام مخطط السلام للسيد بيكر وتنفيذه". وفي الرباط، رجحت مصادر في الأممالمتحدة ان يتبنى مجلس الأمن قراراً جديداً حول الصحراء يكون امتداداً لقرارات سابقة تعرض للمأزق الذي توجد فيه القضية ويدعو الى اقرار حل سياسي تقبله الأطراف كافة عبر المفاوضات ويمدد لولاية المينورسو لفترة ستة شهور جديدة. ويأتي القرار عقب الجولة التي قام بها الوسيط الدولي الجديد بيتر فان فالسوم الى المنطقة، إضافة الى اسبانيا وفرنسا، لاستكشاف مواقف الأطراف. وأعرب عن اعتقاده بوجود تباين في وجهات النظر على رغم ان كل الأطراف تدعو الى تسوية الملف سياسياً. وأجرى الوزير المغربي المنتدب في الخارجية السيد الطيب الفاسي الفهري الذي يزور باريس محادثات في هذا الموضوع مع كبار المسؤولين الفرنسيين. وأجرى وزير الخارجية الإسباني ميغيل موراتينوس محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول تطورات قضية الصحراء وجدد التزام مدريد التعاون مع الوسيط الدولي الجديد، إضافة الى كونها"عازمة على التعاون مع المغرب والجزائر". وصرح موراتينوس في اعقاب المحادثات مع أنان بأن بلاده"أخذت علماً بالخلاصات الأولى للوسيط فان فالسوم التي تشير الى بزوغ دينامية جديدة من شأنها ان تؤدي الى حل المشكلة". غير ان مراقبين رأوا في تصريح الوزير الاسباني تفاؤلاً كبيراً في وقت تقر فيه الأممالمتحدة بوجود تباين في وجهات نظر الأطراف المعنية. غير ان حكومة مدريد التي جربت القيام بمساع لدى الجزائر وجبهة"بوليساريو"في وقت سابق، ترغب في الإفادة من التنسيق القائم بينها وبين باريس للضغط في اتجاه بدء مفاوضات بين الأطراف المعنية بالنزاع، خصوصاً المغرب والجزائر. لكن المصادر لاحظت ان الاتحاد الأوروبي يدفع الى تقريب وجهات نظر البلدين في التعاطي مع ملف الهجرة غير الشرعية والإعداد للمؤتمر الأور - أفريقي حول هذه القضية في وقت لاحق.