أجمع أعضاء مجلس الوزراء اللبناني على ضرورة كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومعاقبة المسؤولين عنها، داعين الجميع الى التعاون معها. وشكر المجلس الأممالمتحدة ولجنة التحقيق الدولية مثنياً على أداء الأجهزة اللبنانية في العمل معها. ورحب المجلس، الذي عُقد في السرايا الكبيرة بعد ظهر أمس برئاسة رئيسه فؤاد السنيورة وحضور الأعضاء باستثناء وزير الدفاع الياس المر الموجود في سويسرا للعلاج، بالتمديد للجنة الدولية، مركزاً على أهمية وحدة اللبنانيين في المرحلة المقبلة. وبعد الجلسة تحدث وزير الاعلام غازي العريضي، فقال ان السنيورة تحدث في بداية الجلسة قائلاً:"صبر اللبنانيون على جرح الجريمة الكبرى باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري طوال الأشهر الماضية واستحقوا في النهاية التقرير الذي كشف الملامح الكبرى للحقيقة التي انتظروها بفارغ الصبر". ورأى السنيورة"ان التقرير كان عند حسن ظن وتوقع وثقة اللبنانيين، فقد ظهر التقرير معبراً عن ذاته بقوة الحقائق مشفوعاً بالمهنية العالية كما توقعه الشعب اللبناني من دون مسايرة أو تحيز أو تسييس. وان الشعب اللبناني ينظر بعين التقدير العالية لما قامت به لجنة التحقيق، وللدور المميز الذي قام به القاضي ديتليف ميليس". واعتبر ان"الجهد الكبير والمشكور الذي بذلته لجنة التحقيق يشكل بنظرنا القاعدة الصلبة والمتينة للتطلع الى المستقبل من أجل استكمال التحقيق للكشف عن تفاصيل الجريمة الارهابية التي أدت الى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولاً الى الحقيقة الكاملة واحقاق العدالة بالاقتصاص من المجرمين والقتلة أياً كانوا وأينما وجدوا". وشدد السنيورة على"ان الشعب اللبناني ينظر أيضاً بعين التقدير والاعتزاز لما قامت به الأجهزة الأمنية والفضائية اللبنانية في المساعدة على التوصل الى النتائج التي تم التوصل اليها، وان هذه التجربة المميزة من نشاط الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولي انما تدل على أنه حين تتوافر للقدرات اللبنانية الأجواء المناسبة فإن الطريق يكون مستقيماً والنتائج تصبح مطمئنة وموثوقة. وان استمرار المؤازرة من الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي لا يزال مطلوباً لتعزيز الأجواء المناسبة وكي تبلغ هذه الأجهزة المستوى الذي نطمح اليه في المستقبل، وزادتنا هذه النتائج ثقة بأن استمرار هذه المساعدة من الأشقاء والأصدقاء أمر مطلوب ومشكور لاستكمال التعاون مع لجنة التحقيق الدولية، خصوصاً ان الكشف عن كامل تفاصيل الجريمة لا يزال بحاجة الى مزيد من الوقت والجهد". واعتبر السنيورة"خطوة انجاز التقرير بما أبرزته من حقائق وأدلة ومعطيات انها تمثل مقدمة ضرورية لاحقاق الحق بإنزال القصاص اللازم والصارم بالمجرمين الآثمين والمتورطين والمخططين والمنفذين لقطع دابر العقلية الاجرامية التي اعتادت تنفيذ جرائمها من دون خوف أو رادع". وشدد على"ان الكشف عن تفاصيل الجريمة الارهابية الكبرى انما الهدف منه وقف مسلسل الاغتيالات السياسية ليس في لبنان فقط بل في الأرجاء العربية المحيطة". وشدد على"ان كل ما جرى ويجري لن يُغير من حقيقة علاقات الأخوة والتعاون بين الشعبين اللبناني والسوري، فعلاقات لبنان الجيدة بسورية يجب ألا تتأثر أو تتراجع تحت أي ظرف من الظروف، اذ ان ما يربطهما على مدى السنين أقوى من الارتكابات المدانة والأخطاء المرفوضة والمستنكرة". وأكد"ان استكمال كشف الحقيقة يتجاوز كونه خطوة سياسية وقضائية ضرورية ومطلوبة إلى اعتباره خطوة أساسية على طريق مكافحة الفساد والافساد وطرق عيش هذا الفساد ونموه، كما ان كشف الحقيقة كاملة هو مقدمة أساسية على طريق مسيرة الاصلاح وازالة معوقاته عبر التصدي لأدوات النظام الأمني تمهيداً لاقامة الدولة المدنية الآمنة والمستقرة". وقال:"ان معركة الاصلاح مرتبطة ارتباطاً كلياً ووثيق الصلة بخطوات كشف حقيقة الجريمة والمجرمين، فالفساد ينبت الاجرام كما ان الاجرام لا يعيش ولا ينمو الا في مستنقع الفساد ولا يقضى عليهما الا عبر تجفيف المياه الفاسدة الملوثة بدعم الاصلاح وتنمية روح الابداع الخلاق وتعزيز بيئة النمو الطبيعي الصادق والأصيل". وجدد السنيورة الشكر والدعم للجنة التحقيق الدولية وعلى رأسها القاضي ميليس"لتعاونه الكامل والمشكور مع الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، فالذي تحقق ليس الا خطوة وان متقدمة على طريق الوصول الى الحقيقة الكاملة". وأشار الوزير العريضي الى ان الوزراء ناقشوا خلال الجلسة التقرير وقدموا ملاحظاتهم ومواقفهم"بكل موضوعية وجدية وأكدوا اجماعهم على وصول الحقيقة كاملة ومعاقبة المسؤولين عن التخطيط والتنفيذ للجريمة الارهابية التي أودت بحياة الرئيس الشهيد الحريري ورفاقه". وأكد مجلس الوزراء النقاط الآتية: 1 ? اثبت الشعب اللبناني حرصه على معرفة الحقيقة ومستوى عالٍ من المسؤولية في التعاطي مع تقرير السيد ميليس وثبت ان الوحدة الوطنية اللبنانية هي أقوى وأهم من أن تهزها اشاعات وتسريبات ومحاولات من هنا وهناك روج لها البعض وكأن البلاد ستواجه خراباً بعد صدور التقرير وأثبت اللبنانيون بوعيهم تمسكهم بوحدتهم وفهمهم لكل تلك المحاولات وحرصهم على اسقاطها، وفي هذا المجال يتوجه مجلس الوزراء الى جميع المواطنين بدعوتهم الى المزيد من الوحدة واليقظة لمواكبة المرحلة المقبلة من التحقيق للوصول الى الحقيقة ووضع حد لكل مسلسل الاغتيال في لبنان والتأسيس لبناء دولة عصرية ومكافحة كل أشكال الجريمة وعلى رأسها جريمة الفساد التي أشار اليها التقرير في بعض فقراته. وان الحقيقة هي مفتاح الوحدة، انها لا تخيف ولا تفرق انما تريح وتوحد. 2 ? ان مجلس الوزراء يعتبر التقرير خطوة متقدمة ومهمة على طريق الوصول الى الحقيقة الكاملة ويؤكد شكره للجنة التحقيق الدولية رئيساً وأعضاء على الجهد الذي بذل للوصول الى هذه المرحلة من التحقيق ويأمل استمرار عملهم في الفترة التالية المحددة حتى 15 كانون الأول ديسمبر بذات روحية الاندفاع والمهنية والتعاون مع الأجهزة اللبنانية والأمنية المختصة. كما يؤكد شكره للأمين العام للأمم المتحدة على مواكبته عمل لجنة التحقيق ومساندته للبنان ومطالبه وموافقته أخيراً على تمديد عمل اللجنة حتى 15 كانون الأول وكذلك شكره للمجتمع الدولي الذي واكب عمل اللجنة باهتمام ولبى مطالب لبنان ووقف الى جانبه". وأمل مجلس الوزراء"استمرار هذا الدعم". ودعا"كل الدول الى التعاون الصادق والجدي والمخلص والعملي مع لجنة التحقيق الدولية التزاماً بما تضمنه القرار 1595 للوصول الى الحقيقة ومعاقبة مخططي ومنفذي الجريمة الارهابية أينما كانوا". وتوقف مجلس الوزراء باهتمام"عند ما ورد في التقرير من اشادة بتعاون وفاعلية وكفاية قدرات الأجهزة الأمنية اللبنانية والقضائية وهي في مرحلة اعادة البناء بعد التطورات التي حصلت في البلاد وأثبتت جاهزية عالية وقدرة على المتابعة والانتاجية نعتز بها". وتوجه المجلس الى تلك المؤسسات بالتحية والتقدير والثناء على عملها ودعاها الى"المزيد من العمل والفاعلية والتنسيق في ما بينها". كما دعا المواطنين"الى الالتفاف حولها، والمجتمع الدولي الى تقديم ما تحتاجه من مساعدات ودعم"، مشيراً الى"ان نتائج تحرك الحكومة في هذا المجال بدأت تظهر من خلال ابداء عدد من الدول الصديقة والشقيقة الاستعداد لتقديم مثل هذا الدعم". وأكد مجلس الوزراء"استمراره في العمل لتوفير كل الامكانات لبلوغ الحقيقة من جهة وطمأنة المواطنين وتسيير شؤونهم الحياتية ومعالجة مشكلاتهم وتنفيذ مشروع الاصلاح المنشود كي تقوم دولة القانون والمؤسسات التي تنصف كل اللبنانيين، تحتضن آلامهم وتسعى الى تحقيق آمالهم من جهة ثانية". ورداً على سؤال عن مدى قدرة المحكمة اللبنانية على محاكمة مسؤولين سوريين، قال العريضي:"لم يصل الوقت للبحث في محكمة دولية ولذلك لم تبحث في مجلس الوزراء. والتقرير يؤكد فيه رئيس لجنة التحقيق أنه ليس تحقيقاً نهائياً أولاً هذا ليس التحقيق وهو معلومات بحاجة الى مزيد من البحث وثمة قضايا بحاجة الى المزيد من التدقيق والتوسع في التحقيق ولذلك تم تمديد عمل اللجنة حتى 15 كانون الأول وسننتظر هذه المرحلة حيث التحقيق سيستمر لاثبات ما ورد في التقرير الأولي. وعندما نصل الى المرحلة التالية نبني على النتائج التي نتوصل اليها". وعما اذا سيتم توقيف المشتبه بهم في سورية أوضح أنه في الفترة المقبلة المحددة حتى 15 كانون الأول هذا من اختصاص لجنة التحقيق،"لذلك مجلس الوزراء أكد دعوة كل الدول للتعاون مع لجنة التحقيق. هناك في التقرير ملاحظة ان سورية لم تتعاون في شكل كاف وربما يحتاج الى تعاون مع دول أخرى مثل المعلومات، هذا شأن لجنة التحقيق. نحن كمجلس وزراء لسنا في موقع اللجنة لنقوم بعملها أو لنحدد مساره. نحن نجدد الدعوة للجميع لضرورة التعاون مع اللجنة للوصول الى الحقيقة". وقيل له: تدينون المجرمين وميليس يتهم مسؤولين سوريين كباراً وتشددون على العلاقة مع الشعب السوري، فهل يعني ذلك الشعب السوري دون الرئاسة الأولى أجاب:"السيد ميليس قال حتى الذين أوقفوا هم أبرياء الى ان تثبت الادانة وبالتالي لا بد من استكمال التحقيق. وفي الاشارة الى الشعب السوري لا شك ان هناك تأثيرات سلبية حصلت في هذا المجال نحن لا نريدها ولا نتطلع الا الى المزيد من العلاقات المتينة مع الشعب السوري مهما كانت النتائج وكائناً من يكن المسؤول في هذه الجريمة تخطيطاً أو تنفيذاً. لذلك مجلس الوزراء حدد الأمور بدقة. وعندما يصل التحقيق الى نتائج لكل حادث حديث وفي الانتظار نريد أفضل العلاقات مع اخواننا السوريين". وأوضح ان عقد الجلسة"لم يحصل نقاش حوله وعقدت في السرايا الكبيرة بكل توافق كما هو معروف وفقاً للاتفاق على المداورة بين القصر الجمهوري أو السرايا". وقال ان العلاقة مع رئيس الجمهورية"يحددها الأفرقاء خارج اطار مجلس الوزراء وجلسة اليوم خصصت لمناقشة التقرير. هناك عدد من القوى السياسية أصدر مواقف تتعلق برئيس الجمهورية وكل يعبر عن رأيه". وعن رفض الخارجية السورية لتقرير ميليس رد العريضي:"عندما يكون تعاون صادق مبني على معلومات دقيقة الصورة تكون واضحة لدى الجميع ولذلك أكدنا الدعوة الى التعاون الصادق والعملي مع اللجنة". وأضاف:"الاجتماع لم يكن لمناقشة العلاقات اللبنانية - السورية على المستوى الرسمي. وفي هذا المجال سبق للحكومة السورية ان أوضحت قبل أيام ان رئيس الحكومة اللبنانية اتصل برئيسها 3 مرات ولم يجب عليه. لنا رأينا في التقرير وللحكومة السورية رأيها. وأكرر موقف مجلس الوزراء بالدعوة الى التعاون مع لجنة التحقيق الدولية. ونحن سنقبل الحقيقة كما هي لكن ثمة معلومات تحتاج الى التحقق منها... ولا يمكن ذلك من دون التعاون مع التحقيق. هذا ما لم يحصل في الفترة السابقة وأشار اليه ميليس".