يتوقع محللون سياسيون في واشنطن ان توجه الاتهامات الى اثنين من كبار المسؤولين في البيت الابيض في الاسابيع المقبلة، في اطار قضية تسريب اسم عملية سرية في وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي الى صحافيين. وجاء ذلك بعدما كشف صحافيون ان كارل روف، المستشار السياسي للرئيس جورج بوش، ولويس ليبي مدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني هما مصدر المعلومات التي حصل عليها الصحافيون في ما يتعلق بهوية العميلة السرية، في تصرف يقول المعارضون لادارة بوش، انه"انتقامي". وفي تصريح الى شبكة"فوكس نيوز"التلفزيونية، قال وليام كريستول محرر مجلة"ويكلي ستاندرد"الاسبوعية المقرب من البيت الابيض"اعتقد بأن التهم ستوجه الى ليبي وروف". وفيما لم تصدر اي معلومات من باتريك فيتزجيرالد، المدعي الخاص المكلف التحقيق في عملية التسريب، توقع كريستول ان لا يواجه روف وليبي تهمة انتهاك القانون الخاص بكشف هويات عملاء سريين في ال"سي آي اي"، لكن قد توجه اليهما تهمة الكذب على هيئة المحلفين الكبرى المكلفة تقويم الأدلة في القضية. وفي حال توجيه التهمة اليهما، فإن البيت الابيض الذي يعاني من مشاكل حالياً، قد يواجه أزمة بسبب فقدان اثنين من أهم اعضاء فريقه. وتعود القضية الى تموز يوليو 2003، عندما كشف روبرت نوفاك الصحافي المحافظ المقرب من الحزب الجمهوري، اسم عميلة سرية في ال"سي آي اي"، نقلا عن مصادر في الادارة الاميركية على ما افاد. والعميلة هي فاليري بليم زوجة جوزف ويلسون السفير الاميركي السابق الذي شكك علنا في التبرير الذي استخدمته ادارة بوش لشن حربها على العراق. وبموجب القانون الاميركي فإن كشف هوية عميل او عميلة سرية عمداً يعد جريمة فيديرالية. وأدى تقرير نوفاك الى بدء تحقيق في كشف مسؤولين في الادارة الاميركية هوية بليم الى العديد من الصحافيين في واشنطن في الفترة ذاتها. وقال ويلسون ان كشف اسم زوجته كان جزءاً من حملة منظمة للقضاء على صدقيته من خلال إيذاء زوجته. وكان اسم بليم كشف بعد مهمة قام بها زوجها في النيجر في العام الذي سبق الحرب، سعى خلالها للتحقق من معلومات تفيد بأن العراق يحاول سرا شراء اليورانيوم الخام من ذلك البلد. وكانت الادارة الاميركية استخدمت امتلاك نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين اسلحة دمار شامل لتبرير الحرب، الا انه لم يتم العثور على اي من تلك الاسلحة بعد غزو العراق في اذار مارس 2003. وفيما لا يزال المصدر الذي امد نوفاك بالمعلومات مجهولا، فقد أوضح تحقيق فيتزجيرالد ان روف كشف هوية بليم الى احد صحافيي مجلة"تايم". وكشفت صحيفة"نيويورك تايمز"الاحد ان ليبي قدم معلومات مماثلة الى صحافية تعمل لديها. وتعتمد القضية على ما اذا كان الكشف عن هوية بليم تم عمدا وما اذا كانت تعمل سرا في ذلك الوقت. ومع تكرار كشف المسؤولين الاميركيين معلومات سرية للصحافيين، تثير هذه القضية تساؤلات حول نوع التسريبات للاسرار الرسمية. وقال احد محامي جوديث ميللر الصحافية في صحيفة"نيويورك تايمز"التي علمت باسم بليم من ليبي، انه من غير الواضح اذا كان كشف اسم العميلة يعد تسريباً غير قانوني. وافاد المحامي روبرت بينيت لتلفزيون"اي بي سي"الاميركي أن"كل شيء مصنف بأنه سري. لقد قال لي أحدهم، ولا أدري ان كان ذلك صحيحاً، ان قائمة طعام البيت الابيض سرية كذلك. وكذلك فإن الامور التي تعتبر سرية يمكن ان تصبح غير سرية". وتكهن مراقبو البيت الابيض ان يتحول تحقيق فيتزجيرالد الى قضية احتمال وجود مؤامرة اوسع لتشويه سمعة ويلسون وزوجته وحول ما اذا كان روف وليبي قد كذبا في شهادتهما امام هيئة المحلفين. واستجوب روف الجمعة للمرة الرابعة امام المحلفين، ما يشير الى وجود تناقضات واختلافات في الشهادات التي قدمها سابقا. وقال النائب السابق ريتشارد بين- فينيستي لشبكة"اي بي سي""ان التهم توجه دائما عندما يتم حنث اليمين أمام هيئة محلفين كبرى". واضاف:"اذا حدث ذلك، فيبدو ان روف كان يعلم بأن شهادته لم تكن دقيقة عندما ادلى بها. وبالتالي فإن الاتهام سيوجه اليه". وفيما لا يبدو ان التحقيق سيقود الى بوش او تشيني، الا ان المحللين يقولون انه اعاق سير العمليات في البيت الابيض وربما يتسبب في إحداث المزيد من الضرر. وقال بريت هيوم الصحافي في"فوكس نيوز"ان روف وليبي"شخصان مهمان في هذه الادارة... وعندما يتم تشتيت تركيزهما فإن القلق ينتشر". وكان بوش صرح في السابق بأنه في حال ارتكب اي من موظفي البيت الابيض جريمة سيطرد من عمله، ملمحا الى ان توجيه الاتهامات الى كل من روف او ليبي لن يجبرهما على الاستقالة.