تعتبر المؤسسة الأقوى والأكثر مهابة في البصرة"قوة من 200 الى 300 شرطي تُعرف باسم"جماعة"وتسيطر على شرطة المدينة الثالثة في العراق، ولا تُصغي إلا الى زعماء الميليشيات المذهبية. ويتخطى اختراق الميليشيات في شرطة البصرة والحكومة"جماعة"، فحتى رئيس شرطة المدينة يقول انه يثق فقط بربع رجاله. لكن الجماعة باتت المثال لمدى سيطرة الميليشيات على البصرة. ومدى هذه السيطرة ظهر الشهر الماضي عندما حاولت قوة بريطانية تستقل آليات مصفحة انقاذ جنديين بريطانيين من القوات الخاصة، كانا محتجزين في مقر"الجماعة"في مبنى للشرطة جنوب غربي البصرة. وبحسب ثلاثة جنود بريطانيين كانوا هناك، تجمعت عصابة تضم ما بين ألف وألفي رجل بسرعة قرب مركز الشرطة الذي دمرته القوات البريطانية جزئياً لتسهيل عملية التحرير، وكان بعض عناصرها يحمل قنابل يدوية وأخرى معبأة بالمحروقات. وتابع الجنود أن هذا التجمع كان رداً منسقاً ومنظماً على تخريب مركز"جماعة"، لافتين الى أن رجالاً عراقيين كانوا يقفون على سيارات أمروا العصابة بالهجوم، فيما تسلق المحتجون على الآليات ورموا الجنود البريطانيين بالمحروقات. انزلقت البصرة الى حكم ميليشيات شيعية دينية ذات ارتباط وثيق بايران. وتملك المدينة حوالى 2500 الى ثلاثة آلاف شرطي، في حين يقدر أفراد الميليشيات بحوالي 13 ألفاً في البصرة ومحيطها. ويبدي السارجنت - ميجور أندي جونسون الذي يسهم في تدريب القوات العراقية، قلقاً متزايداً من تفكك وحدات الشرطة والجيش العراقيين مذهبياً بعد انسحاب القوات الأميركية والبريطانية، على رغم تحقيقها تقدماً باتجاه الاكتفاء الذاتي. كما نقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن ضابط أميركي رفيع المستوى أن من المبكر جداً معرفة ما اذا سيفضل رجال الشرطة والجيش مذاهبهم على وطنهم"لأنك لا تزرع بالضرورة هوية وطنية في جيش خلال سنتين". ومثل كثير من الميليشيات،"جماعة"متورطة في مجموعة كبيرة من النشاطات الشائنة بحسب مسؤولين عراقيين، تتراوح بين خطف المنافسين السياسيين وقتلهم وأعمال اجرامية مباشرة. ويقول قائد في الشرطة:"انهم يعتبرون أنفسهم القوة رقم واحد في البصرة"، لافتاً الى أن"الناس الذين يحبون القتل والتعذيب يأتون من قسم الشؤون الداخلية ... يحصلون على بزات شرطة وسياراتها وبطاقات تعريف". وينتاب كثير من عناصر الشرطة وضباطها الشعور ذاته تجاه هذه الميليشيات، فيؤكد ضابط بريطاني أن جميع مراكز الشرطة في البصرة تشكو خطف رجالها وتعذيبهم على يد الجماعة". وتبين مقابلات أجرتها الصحيفة مع رجال شرطة وجنود بريطانيين في البصرة أن هناك فصائل شيعية عدة ترتبط بقوة بالجماعة بينها"جيش المهدي"، الجناح المسلح لتيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، و"حزب الفضيلة"الذي انتقد أحد أعضائه وهو محمد الوائلي محافظ البصرة عملية دهم مقر الجماعة واصفاً اياها بأنها"بربرية ومتوحشة وغير مسؤولة".