يثير الدور الذي تضطلع به الميليشيا المسلحة في ظل استمرار تدهور الوضع الأمني، وشيوع حال الفوضى والاحتقان السياسي والطائفي ردود فعل متباينة لدى القوى السياسية العراقية، بعضها يرى ان وجودها مشكلة كبيرة، تساهم في تفجير الوضع، وتفتح باب الحرب الأهلية على مصراعيه، وبعضها يعتبر دمج الميليشيات بالمؤسستين العسكرية والأمنية مكافأة لها، على الدور الذي لعبته ضد النظام السابق ومساهمتها في اسقاطه. ويلفت الى ان اخضاعها الى تقاليد وضوابط وقوانين هذه المؤسسة كفيل بضمان ولائها للدولة وترفعها عن الولاءات الحزبية والعشائرية والطائفية الضيقة. وقال عضو لجنة المغيبين عن الانتخابات وسام العاني سني ل"الحياة"ان"وجود الميليشيات المسلحة في الشارع العراقي يخلق أكثر من مشكلة". وأوضح ان"العراق يعاني اصلاً من مشكلة امنية كبيرة، باتت تمثل هاجساً للجميع ووجود هذه الميليشيات في ظل التوتر والاحتقان السياسي والطائفي من شأنه ان يفجر حرباً أهلية، يحرص الجميع على ابعاد شبحها". وزاد ان"المشكلة لا تقتصر على هذا الجانب، بل تمتد لتمثل فرصة ذهبية للدول المجاورة العربية والاجنبية، لتمرير مخططاتها من خلال دعم هذا الطرف أو ذاك عسكرياً ومادياً"، إذ تدعم في نصرته على الطرف الآخر، فإران تدعم الميليشيات الشيعية في الجنوب، وتدعم تركيا الميليشيات التركمانية في كركوك وتدعم دول عربية ميليشيات المنطقة الغربية". وأكد العاني ان"تطوير الاجهزة الأمنية الرسمية وتحويل الميليشيا المسلحة الى منظمات مجتمع مدني كفيلان بحل المشكلة والابتعاد عن تأثيراتها الجانبية بدلاً من اعادة دمجها في المؤسسة الأمنية". وشدد مضر شوكت الرجل الثاني في"المؤتمر الوطني"العراقي بزعامة أحمد الجلبي نائب رئيس الوزراء على ان"كل الميليشيا غير مشروعة". وقال ان وجودها"يساهم في زوال هيبة الدولة وتقويض سيادة القانون"، مضيفاً ان"وجود عناصر هذه الميليشيا في الاجهزة الأمنية للدولة افقدها شرعيتها". وأوضح ان"هذه العناصر تتصرف وفق ولاءاتها الحزبية والطائفية ولا تخضع لقوانين وأنظمة الدوائر الأمنية"، ولفت الى ان"هذه العناصر لا تخضع للمحاسبة بسبب انتمائها الى هذا الحزب أو ذاك وقرار دمجها بالمؤسسة العسكرية خاطئ ويجب الرجوع عنه". واستنكر كمال محي الدين، أحد قيادي"الاتحاد الوطني الكردستاني"بزعامة الرئيس جلال طالباني اطلاق مصطلح ميليشيا على"القوات المسلحة المرتبطة بالاحزاب العريقة". وقال ل"الحياة"ان"هذه القوات ليست ميليشيا"وأوضح ان الميليشيا المسلحة"تعني المرتزقة الذين يعملون لقاء مبالغ مالية معينة، أما أعضاء الاحزاب المسلحون، كما هي الحال مع الحزب الشيوعي والاتحاد الوطني الكردسناني والحزب الديموقراطي الكردستاني ومنظمة بدر الشيعية، فهم جزء من قوات وطنية عريقة تحفظ النظام وتؤمن بالديموقراطية وتعمل ضد الارهاب". ولفت الى ان اي قوات مسلحة"عدا هذه التي ذكرت تمثل ميليشيا مرتزقة تعمل لخرق النظام، ولا يجب شمولها بقرار الدمج في المؤسسة الأمنية والعسكرية". واعترف علي العضاض، عضو هيئة الشورى المركزية ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بأن"الميليشيا ظاهرة تمثل الاضطراب وعدم الاستقرار، وتؤكد غياب الدولة". واشار الى ان"هذه الميليشيا تمثل توجهات سياسية أو دينية معينة وتحكمها توجهات الأطراف السياسية التي ترتبط بها، ما يثير الحساسيات والتحفظ لدى الآخرين"، وزاد ان"الفوضى الأمنية التي اعقبت سقوط النظام السابق في العراق ساهمت في شيوع المظاهر المسلحة لتأمين الحماية الذاتية، وكان لذلك جانب ايجابي كبير، في تلك الفترة، إلا ان بناء دولة المؤسسات يتطلب إزالة المظاهر المسلحة واحتواء الميليشيات بدمجها في المنظومة العسكرية والأمنية للحكومة"ولفت العضاض الى ان بعض هذه الميليشيا"خضع لاختبارات سابقة أظهر خلالها ولاءه المطلق للوطن".