سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طالباني يعزي ب "الفاجعة الكبرى" والجعفري يعلن الحداد ثلاثة أيام ... واتهامات ل "الصداميين" و "الزرقاويين" بالسعي الى "فتنة" . أسوأ يوم عراقي منذ الغزو : 816 قتيلاً معظمهم نساء وأطفال في تدافع زوار شيعة إثر اشاعات عن تسلل "انتحاريين" بينهم
في أكثر الأيام دموية وأسوأها في العراق منذ غزوه عسكرياً في آذار مارس 2003، قُتل أكثر من 816 عراقياً غرقاً في مياه نهر دجلة وجُرح مئات آخرون في تدافع جموع الزوار الشيعة قرب مقام الامام موسى الكاظم في بغداد، اتهم وزير الداخلية العراقي باقر صولاغ"ارهابيين"باطلاقه. وقُتل 25 زائراً نتيجة"تسممهم"، فيما لقي سبعة آخرون حتفهم في قصف بالهاون. واعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني الحادثة"فاجعة كبرى"ستترك ندوباً تضاف الى تلك التي خلفتها"العمليات الارهابية"السابقة، في حين أعلن رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري الحداد العام في البلاد لثلاثة أيام. أودى تدافع على جسر الأئمة بحياة أكثر من 816 عراقياً في بغداد خلال احياء ذكرى مقتل الامام موسى الكاظم، سابع أئمة الشيعة، قرب مرقده في بغداد، وذلك في مجزرة رهيبة تضاربت الأنباء حول مسبباتها، على رغم اتهام وزير الداخلية باقر صولاغ بيان جبر ومستشار الأمن القومي موفق الربيعي"ارهابيين"من"الصداميين والزرقاويين"بالوقوف وراءها. وبعد سريان الاشاعات عن تسلل ارهابيين انتحاريين بين الحشود، اندفعت حشود على"جسر الأئمة"بين مدينتي الأعظمية والكاظمية، في محاولة لتفادي الانفجارات المتوقعة، فيما قفز عدد كبير منهم إلى نهر دجلة لانقاذ نفسه، ما أدى إلى انهيار الأسيجة الجانبية للجسر وسقوط مئات المدنيين إلى النهر وتحت أقدام المتدافعين المذعورين. وأوضح مصدر أمني عراقي أن"816 شخصاً قتلوا غرقاً في نهر دجلة وأُصيب"323 آخرون بجروح متفاوتة إثر تدافع على جسر الأئمة المؤدي الى ضريح الامام موسى الكاظم شمال بغداد. وتابع هذا المصدر:"كما قُتل 25 شخصاً آخر بالتسمم"، في حين قُتل"سبعة أشخاص وجُرح 37 آخرون اثر سقوط قذائف الهاون في الصباح الباكر"، ما يرفع حصيلة قتلى حوادث الكاظمية الى 848. أما وكيل وزير الصحة العراقية جليل الشمري فأوضح أن قسماً من القتلى"سقطوا في انفجارات والقسم الآخر غرقاً بعد انهيار جزء من جسر الأئمة، في حين مات القسم الثالث بعدما تناولوا مواد غذائية ومشروبات دس مجهولون السم فيها، على الطريق المؤدي الى الضريح". وكان مصدر في وزارة الداخلية العراقية رفض كشف اسمه أكد"اصابة ستة زوار عراقيين شيعة اثر اطلاق نار شمال المدينة"، موضحاً أن"الهجوم وقع قرب مرقد الامام الأعظم في حي الأعظمية السني"الذي لا يفصله عن مرقد الامام الكاظم، سوى جسر الأئمة على نهر دجلة. وفي هذا السياق، أكد الجيش الأميركي في بيان أن"مروحيات قوة تاسك فورس بغداد الأميركية المكلفة حماية بغداد تحلق في المنطقة لاحظت وقوع الهجوم، ما دفع بها الى الرد على المهاجمين". وأضاف:"عُثر على المعدات التي استخدمت في الهجوم، اضافة الى اعتقال أكثر من 12 مشبوهاً للتحقيق معهم". وأكد هادي العامري، الأمين العام لمنظمة"بدر"التابعة ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"وعضو الجمعية الوطنية ل"الحياة"أن"الحادث لا علاقة له بتفجير انتحاري"، موضحاً أن اشاعة سرت بين صفوف الزائرين عن وجود انتحاري يحاول تفجير نفسه بين الحشود على الجسر ما أدى إلى اندفاع في جميع الاتجاهات، فيما قفز بعض الزوار إلى النهر، ما أدى إلى انهيار الأسيجة الحديد الجانبية للجسر وسقوط المئات وغرقهم في النهر. ورجح مدير ديوان وزارة الصحة العراقية جاسب لطيف في اتصال مع"الحياة"ارتفاع الحصيلة النهائية للضحايا الى ألف لوجود عدد من الضحايا لم ينتشلوا بعد من النهر. الحداد العام وبعد ساعات على الحادث، أعلن رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري في بيان الحداد العام في العراق لثلاثة أيام على أرواح القتلى"في عموم العراق". ونقل بيان بثه التلفزيون العراقي الحكومي العراقية عن الجعفري قوله:"نعزي في استشهاد الامام موسى الكاظم وعدد من الزوار من محبيه وأنصاره الذي قتلوا في تدافع واختناقاً". وقال الرئيس العراقي جلال طالباني في برقية تعزية:"تلقيت ببالغ الأسى والحزن الأنباء المؤلمة عن الفاجعة التي أودت اليوم بأرواح المئات من أبناء شعبنا الذين كانوا في طريقهم لأداء مراسم الزيارة". واعتبر"أنها لفاجعة كبرى ستترك ندوباً في نفوسنا تضاف إلى الندوب التي خلفها فقدان المواطنين الذين راحوا ضحية للأعمال الإرهابية ... نبتهل إلى العلي القدير أن يتغمد شهداءنا جميعا برحمته وأن يمن على الجرحى بالشفاء وعلينا جميعاً بالصبر والسلوان". ومن جهته، أعرب رئيس الجمعية الوطنية البرلمان حاجم الحسني في بيان عن"بالغ حزنه وأسفه لوفاة مئات العراقيين من المشاركين في احياء الذكرى بسبب حادث التدافع الذي أدى الى انهيار أحد الجسور على نهر دجلة". ودعا الحسني"الشعب العراقي بمختلف طوائفه وأديانه الى تقديم المساعدة الى أهالي الضحايا والتخفيف عنهم ومشاركتهم أحزانهم"مستنكراً"كل أشكال الارهاب ضد شعبنا الأمن". ودعا وزير الصحة العراقي عبد المطلب محمد علي في تصريحات نقلها التلفزيون العراقي مباشرة العراقيين الى"الحيطة والحذر وهم يحيون ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم". وأعرب الوزير العراقي عن أسفه لوقوع حادث التدافع، قائلاً إن"هناك من تحدث عن وجود مفخخات على الجسر، ما أثار حالاً من الهلع والفزع بين الزائرين، الأمر الذي أدى الى حصول تدافع سبب انهيار جزء من الجسر وسقوط عدد كبير من الزائرين في النهر". وعن حصول حالات تسمم، قال:"حذرنا من تناول الطعام والماء من مصادر مجهولة وغير معروفة"، مؤكداً في الوقت ذاته"استنفار مفارز وزارة الصحة لمواجهة أي حال طارئة". وكان آلاف الرجال والنساء والشيوخ والأطفال بدأوا بالتوافد منذ الصباح الى ضريح الامام الكاظم من بغداد وجميع المدن الشيعية الجنوبية سيراً على الأقدام رافعين رايات سود وحمر وخضر ترمز الى رايات كانت تحملها كتائب المسلمين. وتلا قسم من هؤلاء الزوار الأذكار الحسينية التي تستذكر استشهاد الامام الحسين في واقعة"الطف"الشهيرة في كربلاء. وأغلق العديد من الطرق السريعة المؤدية الى مرقد الامام، فيما نصب رجال الشرطة والجيش نقاط تفتيش وحواجز. كما نُصبت عشرات السرادق على الطرق المؤدية الى مرقد الامام حيث وزع كثير من الأشخاص المياه والطعام والتمر والعصائر على الزوار. ولم تكن الشعائر الدينية لدى الشيعة تجرى بمثل هذه الحرية ابان نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، اذ بات يصل عدد زوار المرقد في هذه المناسبة الى أكثر من مليون شخص. الجثث تناثرت على طول الطريق بين الأعظمية والكاظمية في بغداد روى وزير الداخلية العراقي باقر صولاغ بيان جبر أمس، تفاصيل حادث التدافع الذي أدى الى مقتل أكثر من 816 عراقياً، قائلاً إن"إرهابياً"كان وراء نشر شائعة بأن مهاجماً انتحارياً سيفجر نفسه وسط حشود شيعية، ما أحدث تدافعاً. وأضاف جبر في حديث الى تلفزيون"العراقية"الرسمي"إن ما حدث هو أن الناس بدأوا يتدافعون بقوة بعدما نشر ارهابي اشاعة بأن هناك مهاجماً انتحارياً وسط الحشد". ولفت الوزير العراقي الى أن ما حصل فوق جسر الأئمة أعقب قيام"أحد المغرضين من بين الزائرين بالهتاف فوق الجسر بأن هناك سيارة مفخخة، ما أدى الى هلع الزائرين وتدافعهم فسقط منهم قتلى وجرحى". وأضاف أن"المفتش العام للوزارة كان موجوداً هناك"، مشيراً الى"حصول حالات اختناق شديدة بين مصابين لم يتح لهم الوقت للوصول الى المستشفى". وتابع أن"الجثث تناثرت هنا وهناك على طول الطريق من الأعظمية الى الكاظمية". واعتبر الوزير العراقي أن"مثل هذه الحوادث تحصل خصوصاً في أيام الزيارات"، مشيراً الى أن"كل الشعب العراقي مستهدف بجرائم مثل هذه التي يرتكبها القتلة التكفيريون". وأشار صولاغ أيضاً الى"سقوط عدد من القذائف التي أطلقت من بعد ستة كيلومترات من منطقة التاجي شمال بغداد على منطقة الكاظمية"، موضحاً:"تم تحديد المكان وقامت قوات التحالف بتدميره وقتل القتلة". وزير الصحة الموالي للصدر دعا لاستقالة وزيري الدفاع والداخلية دعا وزير الصحة العراقي عبدالمطلب محمد علي أمس، وزيري الدفاع سعدون الدليمي والداخلية بيان باقر صولاغ الى تحمل مسؤولياتهما عن مقتل 647 عراقياً في تدافع فوق"جسر الأئمة"في بغداد، بالاستقالة من منصبيهما. وأوضح الوزير العراقي خلال مؤتمر صحافي في بغداد:"أُحمل زملائي في الداخلية والدفاع مسؤولية ما حدث اليوم". وأضاف:"اذا أردنا أن نقيس حادثة اليوم بالحادثة التي حصلت في لندن، والتي اهتز لها ضمير الانسانية والكرة الأرضية والمجرات الأخرى فإنها لن تبلغ عُشر ما حصل اليوم". وتابع محمد علي، وهو من التيار الصدري بزعامة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر:"لذلك أطالب زميلي في الداخلية والدفاع بتحمل المسؤولية كاملة والاستقالة". وأوضح أن"أي ضمير حي في هذا البلد بلا استثناءات سيطالب بتحميل القوات المحتلة وقوات التحالف مسؤولية الملف الأمني وسيحمل وزارتي الداخلية والدفاع اللتين لهما العلم بالوقت والموقع اللذين ستتم فيهما الزيارة، لذلك كان لا بد من وجود احتياطات أمنية في حدود 30 كيلومتراً على طريق الزوار"، مشيراً الى أن"مفارز الداخلية والحرس الوطني كثيرة الآن لإجراء مثل هذه الاحتياطات". وأكد الوزير:"نحن حكومة تصدي لا حكومة تصريف أعمال... وعلى كل منا تحمل مسؤولياته من باب التصدي وليس من باب تصريف الأعمال". جاء ذلك في وقت أصدر مقتدى الصدر بيان تعزية بفاجعة جسر الأئمة اعتبر فيه"أن دماءهم من أجل الحق والوصول الى امامهم، ولا يسعني وأنا يعتصرني الألم والأسى لما وقع الا اعلان الحداد العام". وفي المقابل، رفض وزير الداخلية العراقي بيان باقر صولاغ تحمل أي مسؤولية عن الحادث، وقال لتلفزيون"العراقية"الحكومي:"في الواقع ان قوات وزارة الداخلية غير معنية بالمنطقة التي وقع فيها الحادث، والكاظمية أمنياً من حصة وزارة الدفاع ونتحمل مسؤولية مناطق الدورة ومناطق أخرى لا أود أن أشير اليها بالتحديد". وأضاف أن"وزارة الدفاع قامت بجهود مشكورة كثيرة ومنعت وصول سيارات مفخخة وحملة الأحزمة الناسفة"، لافتاً الى أن"مدينة مثل الكاظمية لا يمكنها أن تستوعب مليون ونصف المليون زائر".