حض الرئيس الاميركي جورج بوش، الذي يواجه انخفاضاً في شعبيته وتراجعاً في التأييد لسياسته في العراق، الأميركيين على عدم التردد بسبب تزايد عدد القتلى في هذا البلد، وجدد رفضه مطالب المعارضين للحرب بسحب القوات الاميركية، ودعا مواطنيه الى الاستفادة من عبر الماضي للتغلب على الارهاب وتحويل العراق من عدو منهزم الى حليف ثابت كما حصل مع اليابان بعيد الحرب العالمية الثانية، فيما كشف تقرير أميركي ان كلفة الحرب الاميركية في العراق شهرياً اكثر من المتوسط الشهري لكلفة العمليات العسكرية في فيتنام في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وقال بوش مساء أول من أمس امام جنود اميركيين في قاعدة سان دييغو البحرية ولاية كاليفورنيا حيث شارك في احتفال لمناسبة الذكرى الستين لاستسلام اليابان"نحن أمة في حال حرب وعلينا ان لا ننسى عبر الماضي". وتابع"مرة اخرى نواجه اعداء عنيدين تحركهم ايديولوجية قاسية، ويحتقرون كل ما تمثله الولاياتالمتحدة. مرة اخرى سنقاتل حتى تنتزع اميركا النصر وتبعد الاخطار التي تحدق بالحرية". وقال بوش:"الآن، ومثلما كان في ذلك الحين، يحاول اعداؤنا جعل معركتهم اختباراً لصدقية الاميركيين وتصميمهم. وهم يحاولون تخويف شعب حر وكسر ارادتنا". واضاف"هذا هو الخيار الذي نواجهه. هل سنعود الى التوجه الذي كان سائداً قبل 11 أيلول سبتمبر من العزلة والانكفاء ام نواصل نقل المعركة الى ارض العدو ومساندة حلفائنا في الشرق الاوسط الكبير". وذكر بوش ان نحو 400 ألف جندي اميركي ضحوا بحياتهم خلال الحرب العالمية الثانية، معتبرا ان النصر في هذه الحرب يعود الى"جيل عرف كيف يحافظ على رباطة الجأش حتى عندما كان الانتصار والحرية يبدوان غير اكيدين على الاطلاق". وشدد الرئيس الاميركي على ان الولاياتالمتحدة ساعدت اليابان بعد الحرب على التحول الى ديموقراطية، وهي تريد ان تقوم بالشيء نفسه في العراق. وكشف انه مع"كل خطوة نحو السلام، اصبح اليابانيون نموذجاً للسكان الآخرين في المنطقة"يمثلون"قوة من اجل السلام والاستقرار وحلفاء يتمتعون بثقة الولاياتالمتحدة وتقديرها". واوضح ان رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كوازومي"زعيم محترم وأحد أفضل اصدقائي في الاسرة الدولية"، مضيفا ان"ديموقراطيتينا هما بين الحلفاء الاقرب في العالم". ويأتي كلام بوش في الوقت الذي باتت استطلاعات الرأي تكشف ان غالبية الاميركيين تراجعت عن دعم الحرب في العراق خصوصاً بعدما وصل عدد القتلى من الجنود الاميركيين هناك الى نحو 1870 قتيلاً. وأفاد أحدث استطلاع أجرته شبكة"اي. بي. سي."الاخبارية الاميركية وصحيفة"واشنطن بوست"نشرت نتائجه أول من أمس أن نسبة التأييد للرئيس الأميركي تراجعت الى 45 في المئة بسبب حرب العراق واسعار الوقود المرتفعة. وكشف الاستطلاع أن 57 في المئة لا يوافقون على اداء بوش في الحرب، فيما يرى 68 في المئة أن مستوى الخسائر الاميركية غير مقبول. ولكن 54 في المئة قالوا ان على الولاياتالمتحدة ابقاء قواتها في العراق حتى يعاد ارساء النظام، فيما أعرب 59في المئة عن اعتقادهم بوجوب عدم تحديد جدول زمني لسحب القوات الاميركية. ووفقا للاستطلاع انخفضت نسبة التأييد لبوش بشكل عام نقطتين بعدما كانت 47 في المئة في استطلاع سابق. وبينما كان بوش يحاول استلهام نموذج الحرب العالمية الثانية لتعزيز المساندة الشعبية لبقاء القوات في العراق لم يتأخر خصومه الديموقراطيون في الرد مشيرين الى ان العراق يتحول بشكل متزايد ليصبح"فيتنام اخرى". واعلن رئيس الحزب والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية هوارد دين في بيان ان"القادة الاميركيين قادوا بلدهم الى النصر قبل ستين عاماً لانهم رسموا خطة واضحة تؤدي الى نجاح الشعب الاميركي والحلفاء والقوات الاميركية". واضاف ان"الرئيس بوش فشل في وضع خطة وبالرغم من شجاعة وتضحية قواتنا فنحن لا نتقدم كما يجب في العراق". ازدياد كلفة الحرب في غضون ذلك، كشف"معهد الدراسات السياسية"و"مركز السياسة الخارجية"في تقرير صدر أمس ان كلفة الحرب الاميركية في العراق شهرياً اكثر من المتوسط الشهري لكلفة العمليات العسكرية في فيتنام في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وحدد التقرير الذي يحمل عنوان"المستنقع العراقي"الصادر عن المنظمتين المناوئتين للحرب كلفة العمليات الجارية في العراق بنحو 5.6 بليون دولار شهرياً، أي ان الكلفة اليومية تصل الى 186 مليون دولار، فيما"بلغ متوسط كلفة العمليات العسكرية الأميركية في فيتنام على مدار الحرب التي استمرت ثماني سنوات 5.1 بليون شهرياً بعد اخذ التضخم في الحسبان". وذكر التقرير ان نسبة كلفة حرب فيتنام من الناتج المحلي الاجمالي كانت اكبر، اذ كانت تقارب 12 في المئة من هذا الناتج مقارنة باثنين في المئة لحرب العراق. غير ان الاقتصاديين يقولون ان حرب العراق يتم تمويلها عن طريق الاستدانة، وربما تضاعف تقريباً عجز الموازنة الاتحادية المتوقع خلال السنوات العشر المقبلة. وكان الكونغرس الأميركي أقر اربعة مشاريع قوانين للانفاق على العراق حتى الآن باعتمادات تصل الى 204.4 بليون دولار، ومن المتوقع ان يقر في وقت قريب مبلغ 45.3 بليون دولار. وذكر التقرير:"اذا قسم هذا المبلغ على سكان الولاياتالمتحدة تبلغ الكلفة حتى الان 727 دولاراً للفرد مما يجعل حرب العراق اكثر الجهود العسكرية تكلفة خلال الستين عاما الماضية". وعلى رغم ان الكلفة الكلية لحرب فيتنام تبلغ بأسعار اليوم نحو 600 بليون دولار، الا ان بعض الخبراء يعتقد بأن حرب العراق ستتجاوز هذا المبلغ في النهاية. وبينما يقل عدد القوات في العراق كثيراً عما كان عليه في فيتنام في ذروة الصراع الا ان الاسلحة التي يستخدمونها اكثر كلفة، كما انهم يحصلون على رواتب اكبر. كذلك سلط التقرير الضوء على التكاليف البشرية للحرب، وهو مقتل ما يتراوح بين 23 ألف عراقي مدني الى 27الفا، واكثر من الفين من افراد الجيش والموظفين المدنيين الاميركيين فضلاً عن الكلفة الاجتماعية للبرامج المحلية التي تم خفضها لمواجهة العجز في الموازنة.