أكد الاتحاد الأوروبي دعمه اتفاق السلام بين حكومة الخرطوم والمتمردين السابقين في جنوب السودان، ورفع عقوبات المعونات المالية التي كان علّق منحها للسودان منذ أكثر من عقد جراء الحرب في الجنوب وانتهاكات حقوق الانسان. ووقع عضو المفوضية مسؤول علاقات التعاون لوي ميشيل ووزير التعاون الدولي السوداني يوسف سليمان تكنه معاهدة ستحصل الخرطوم بمقتضاها على نحو 400 مليون يورو. وتم التوقيع في حضور رئيس المفوضية مانويل باروزو والنائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه ومفوض العلاقات الخارجية في"الحركة الشعبية لتحرير السودان"نيال دينغ نيال. وقال طه ل"الحياة"ان المعاهدة تعني"انتقال العلاقة بين السودان والاتحاد الى مرحلة التطبيع والتعاون"بعد انجاز اتفاق السلام بين الحكومة المركزية وقادة الجنوب. وسيتم انفاق المعونات المالية الأوروبية في شكل تدرجي في مجالات توفير الغذاء ومشاريع التنمية. وقال المفوض الأوروبي لوي ميشيل ان المعاهدة"تمثّل نقطة الانطلاق"في اتجاه التطبيع الكامل، مؤكداً ان تطور التعاون المالي"يرتبط بحل أزمة دارفور". وعقد النائب الأول للرئيس السوداني اجتماعات طوال يوم أمس مع كل من المفوض الأوروبي لشؤون التعاون والتنمية وزير الخارجية البلجيكي السابق لوي ميشيل والممثل الأعلى للاتحاد مسؤول السياسة الخارجية خافيير سولانا، وكذلك مع المسؤولين في الحكومة والبرلمان البلجيكيين. وتركزت المحادثات على التحديات والصعوبات التي تواجه السودان بعد ابرام اتفاق السلام والمخاطر الأمنية والانسانية التي لا تزال قائمة في اقليم دارفور. وأكد خافيير سولانا استمرار دعم الاتحاد الأوروبي للجهود التي يبذلها الاتحاد الافريقي لتأمين الوضع في غرب السودان. وترصد المصادر الديبلوماسية العواقب المحتملة التي قد تنجم عن أزمة دارفور وربما تطال علاقات التعاون والتطبيع بين السودان والأطراف الدولية. إذ من المقرر ان تعرض لجنة التحقيق الدولية في الأوضاع في دارفور تقريرها على مجلس الأمن في مطلع الشهر المقبل. وفي هذا الصدد، قال النائب الأول للرئيس السوداني ل"الحياة"ان الأوضاع في دارفور"هي غير تلك التي تتحدث عنها وسائل الاعلام. وقد اتبعت الحكومة في هذا الشأن سياسة الباب المفتوح كي تتطلع كل الجهات على الحقائق". وأكد ان الحكومة تعاونت مع الاتحاد الافريقي لتسوية الأزمة في دارفور. وتابع:"وفي شأن الجرائم التي وقعت اثناء الاقتتال في دارفور فإن الحكومة بادرت بتشكيل لجنة وطنية واتبعتها باجراء تحقيق قضائي لتحديد من تثبت مسؤوليته ليقدم الى العدالة بموجب القوانين القائمة". ولا تستبعد مصادر مطلعة على التحقيقات الدولية ان تطلب المجموعة الدولية من الحكومة السودانية تسليم المتهمين عن الجرائم في دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية. وقال عثمان في تصريحه الى"الحياة"ان"أمر التسليم يمكن النظر فيه بحسب ما تدل عليه الوقائع وبحسب ما تجري عليه المفاوضات". ويتولى النائب الأول للرئيس السوداني مهمات التنسيق مع الأطراف الدولية في شأن أزمة دارفور. الخرطوم ترحب بمصادقة جنوب السودان على اتفاق السلام وفي الخرطوم أ ف ب، رويترز أعرب رئيس لجنة القوانين في البرلمان السوداني اسماعيل حاج موسى أمس الثلثاء عن ارتياحه لمصادقة"مجلس التحرير الوطني"برلمان التابع ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان"الاثنين جنوب السودان على اتفاق السلام المبرم بين شمال السودان وجنوبه. وقال لوكالة"فرانس برس":"نرحب بمصادقة مجلس التحرير الوطني على اتفاق السلام". وصادق مجلس التحرير الوطني"بالاجماع ومن دون تعديل"على اتفاق السلام مساء الاثنين في رومبيك العاصمة الموقتة لجنوب السودان، بعدما تم توقيع الاتفاق في 9 كانون الثاني يناير الجاري. ويتوقع ان تناقش الجمعية الوطنية السودانية اتفاق السلام الاحد والاثنين قبل المصادقة عليه بدورها. إلى ذلك، قالت زوجة مضوي ابراهيم آدم، وهو نشط بارز في مجال حقوق الانسان ومنظمات حقوق انسان سودانية، ان سلطات الأمن اعتقلته للمرة الثانية في 14 شهراً. واعتُقل ادم في قريته في منطقة كردفان الغربية في وقت مبكر من صباح الاثنين ولم توجه اليه اتهامات. وكان اعتُقل ادم في كانون الاول ديسمبر 2003 واتهم بارتكاب جرائم ضد الدولة لعمله في دعم حقوق الانسان في غرب البلاد الذي تمزقه الحرب وقد اسقطت كل الاتهامات ضده في نهاية الأمر. وقالت زوجته صباح محمد آدم وهي صحافية كبيرة في جريدة"الأيام"المعارضة التي اغلقت مراراً بسبب تغطيتها احداث دارفور:"جاؤوا الى منزله واعتقلوه... لا نعلم لماذا قُبض عليه أو الى اين اصطحبوه". وقالت المنظمة السودانية لمكافحة التعذيب انها تعتقد ان السبب الوحيد للقبض عليه نشاطه في الدفاع عن حقوق الانسان. وأعربت عن مخاوفها ازاء سلامته. وآدم رئيس المنظمة السودانية للتنمية الاجتماعية التي تنظم ورش عمل تتعلق بحقوق الانسان في دارفور وتقدم مساعدات لنحو مليونين فروا من منازلهم خلال التمرد الذي اندلع قبل عامين. وتقول الأممالمتحدة ان وكالات المعونة في دارفور شكت من القبض على العاملين السودانيين والدوليين في مجال حقوق الانسان والتحرش بهم في الاسابيع الاخيرة. وجاء القاء القبض على ادم وصديق كان يزوره حينئذ قبل يوم من تقديم لجنة تابعة للامم المتحدة تقريراً للمنظمة عن تحقيقها في شأن وقوع أعمال ابادة جماعية في دارفور.