فيما كان الناس يحصون"مفاتيح"خطاب جورج بوش في حفلة تنصيبه حرية 42 مرة مستخدماً كلمتين بالانكليزية، الله ثلاث مرات، القرآن مرة، ايرانوالعراق والارهاب صفر كنت أقرأ نص مقابلة اذاعية مع نائب الرئيس ديك تشيني يهدد فيها ايران. قبل اشهر كتبت في هذه الزاوية متمنياً ان تكون ايران تكذب، وان تكون تسعى فعلاً الى امتلاك اسلحة نووية، رداً على ما عند اسرائيل. وقبل اسابيع عدت الى الموضوع بعد حديث مع رئيسي وزارة عربيين كما انه وارد عرضاً في سلسلة قادمة لي عن المحافظين الجدد. في كل مرة ازعم ان الولاياتالمتحدة، او اسرائيل، ستوجه ضربة الى المنشآت النووية الايرانية، اسمع ان هذا سيؤدي الى استعداء شعوب المنطقة كلها على الولاياتالمتحدة، وبالتالي فهو غير ممكن. اصر على انه ممكن لهذا السبب وحده، فادارة بوش تنفذ السياسة"الاميركية"في الشرق الاوسط، الا ان من يضع هذه السياسة هم المحافظون الجدد، وهؤلاء اسرائيليون ليكوديون متطرفون لا تهمهم المصالح الاميركية في شيء، وأمل حياتهم ان توجه الولاياتالمتحدة ضربة الى المنشآت الايرانية، لأنها عند ذلك ستخسر شعوب الشرق الاوسط كافة ولا يبقى لها صديق سوى اسرائيل. لذلك نرى المحافظين الجدد يعارضون الاتصالات الاوروبية مع ايران خوف ان تنجح. بعض الخلفية على سبيل التذكير: الحرب على العراق سعى اليها المدنيون في وزارة الدفاع، وتحديداً الرجلان الثاني والثالث في الوزارة، بول وولفوفيتز ودوغلاس فايث. وثمة معلومات أكيدة عن ان وولفوفيتز رأى القاعدة تنفذ ارهاباً ضد"بلاده"في 2001-9-11 فطلب مهاجمة العراق، وان فايث ترأس مكتب الخطط الخاصة في الوزارة الذي قدم كل المعلومات الكاذبة والمزورة والمضللة التي استخدمت اساساً لتبرير الحرب على العراق. يفترض بعد النتائج المأسوية للحرب على العراق ألا يفوز جورج بوش بولاية ثانية، وان يحاكم امثال وولفوفيتز وفايث امام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي. يفترض هذا الا ان ما حدث عكسه، وجورج بوش عاد الى الحكم بانتداب اكبر من مجرد التعيين رئيساً، كما في ولايته الاولى، ولا يزال تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد في منصبيهما ويقودان عصابة المحافظين الجدد، مع انهما ليسا منها، ولا يزال وولفوفيتز وفايث يخططان ضد ايران بعد العراق، ثم دول اخرى. هناك صحافي اميركي اثق بمعلوماته كثيراً هو سايمور هيرش الذي كتب في عدد"نيويوركر"الاخير يقول ان المدنيين في وزارة الدفاع، بقيادة فايث، ينسقون مع اسرائيل اختيار الاهداف في ايران. وقد طُورّت خطط الطوارئ ضد ايران وطلب من القيادة المركزية في تامبا، بولاية فلوريدا، اعادة النظر في الخطط العسكرية. والمدنيون هؤلاء لا يريدون مجرد تدمير المنشآت النووية الايرانية، وانما دخول ايران وتدمير اكبر قدر ممكن من قوتها العسكرية. وهكذا يجمع فايث الآن كذابين مثله، ومن نوع ما جمع في التمهيد للحرب على العراق، وهو يستعين بايرانيين هاربين الى الخارج، وهناك اتصالات مع مجاهدين خلق، حلفاء صدام في السابق، وكل هذا يذكرني بالمبعدين العراقيين والمؤتمر الوطني العراقي. اغرب ما اسمع من المسؤولين العرب ونحن نبحث في احتمال توجيه ضربة الى ايران، انهم يستبعدون ذلك بسبب حجم ايران، وعدد سكانها، وقوتها العسكرية، وعلاقاتها بمنظمات"ارهابية"في الخارج. واذا كانت الولاياتالمتحدة لا تستطيع قمع تمرد الاقلية السنّية في العراق فكيف تستثير عليها الغالبية الشيعية في ايرانوالعراق، وكل بلد في المنطقة يضم شيعة بين مواطنيه. والرئيس محمد خاتمي نفسه من هذا الرأي، وهو قال قبل ايام انه مع وجود 150 ألف جندي أميركي في العراق، فالأميركيون لن يفعلوا شيئاً بهذا الجنون ضد ايران. هذا منطق الذين لا يعرفون المحافظين الجدد، وأقول مرة اخرى انهم خطفوا السياسة الخارجية الاميركية، كما رأينا في الحرب على الارهاب، وعلى العراق تحديداً، وان ادارة بوش تنفذ اجندة اسرائيلية خالصة، والمحافظون الجدد دعوا الرئيس كلينتون، ثم الرئيس بوش، الى مهاجمة العراق، في رسالة موقعة ومؤرخة الى كل منهما، وجاءتهم الفرصة مع ارهاب 2001/9/11 . وبما ان السياسة الخارجية الاميركية لا تزال في ايديهم، فهم يخططون الآن لضربة اميركية ضد ايران، لا تترك للولايات المتحدة صديقاً في الشرق الاوسط سوى اسرائيل. وليس في الامر سر، فكما ان مواقف المحافظين الجدد معروفة ضد العراق، فهي معروفة ومنشورة ضد ايران، وأستطيع ان انقل عن دراسات عدة ومؤتمرات وندوات ومقالات، من نوع ما قال المتطرف مايكل ليدين، عبر مؤسسة اميركان انتربرايز: اهم من اطاحة صدام حسين، ستكون هزيمة آيات الله وانتصار الحرية في طهران حدثاً تاريخياً فعلاً. الرئيس بوش جعل الحرية موضوع خطابه الرئاسي الخميس الماضي، وهو قبل ذلك بثلاثة أيام قال في مقابلة صحافية مع"واشنطن بوست"انه لا يستبعد ضربة عسكرية اذا لم تتخل ايران طوعاً عن برنامجها النووي. ونائب الرئيس تشيني قال في مقابلته الاذاعية ان الادارة تضع ايران"على رأس"قائمة مناطق الاضطراب حول العالم. بل انه اعرب عن شعوره بأن اسرائيل قد توجه ضربة عسكرية الى ايران وتترك للعالم"تكنيس اللخبطة الديبلوماسية التالية". وكان وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم قال:"نحن لا نستطيع ان نعيش مع ايران وهي تملك قنبلة نووية". أقول نحن لا نستطيع ان نعيش مع اسرائيل وهي تملك اسلحة نووية ووسائل ايصالها الى اهدافها، خصوصاً ان في الحكم في اسرائيل حكومة متطرفة ذات توجهات تدميرية نازية، لذلك فنحن نريد شرقاً اوسط خالياً من اسلحة الدمار الشامل، ولكن اذا تعذر ذلك فيجب على كل دولة قادرة ان تسعى الى امتلاك مثل هذه الاسلحة، وأنا هنا ألوم مصر والمملكة العربية السعودية لأنهما لا تحاولان. اذا لم تفرض كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية، رأيها المستقل، واذا لم يسقط رامسفيلد بعد خلافه مع المحافظين الجدد، فأنا ارجح انهم واسرائيل سيسعون لجعل الولاياتالمتحدة تضرب ايران، وهكذا يحققون الهدف الاهم، وهو الايقاع بين اميركا وشعوب الشرق الاوسط كلها، فلا يبقى حليف لها سوى اسرائيل. وأرجح كذلك ان تنفذ اسرائيل الضربة اذا لم تفعل الولاياتالمتحدة، ثم ارجح ان تكون الضربة، الاميركية او الاسرائيلية، قرب منتصف ولاية بوش الثانية.