كثير من السياح العراقيين في مدن وسط العراق يزور الشمال من اجل مصايفه التي تمتاز بالمناخ والمناظر الجميلة، بينما لا تحظى المواقع الأثرية ولا سيما في مدينة أربيل التي تعد من أقدم المدن في العالم باهتمام هؤلاء الزوار. وربما يعود هذا إلى الوضع النفسي للمواطن العراقي، ولا سيما في مدن الوسط والجنوب التي افتقد سكانها المعالم الجميلة في مناطقهم بعد الاحتلال الأميركي، فأصبحوا يتوقون إلى مكان جميل يستريحون فيه من عناء الزحام والنيران وأصوات الطائرات. أما في الشمال فتمتلك المصايف سحراً وجاذبية يعوضان السائح عن زيارة أي مكان أثري. والسياح الذين يقصدون مدينة أربيل هم مواطنو محافظات صلاح الدين وبغداد وديالى الذين يزداد عددهم في موسم الصيف، وهم يتوجهون الى المصايف من دون المواقع الأثرية وبالتحديد قلعة أربيل الشهيرة التي قال عنها المؤرخون والباحثون انها اقدم القلاع الموجودة في العالم، وهي أكبر حجماً من قلعة حلب في سورية. يقول المواطن أسامة من تكريت :"قبل شهر كنا ومجموعة أصدقاء في أربيل، زرنا المصايف وبقينا هناك أكثر من خمسة أيام، عدنا بعدها ولم نزر أي مكان آخر ولا سيما المواقع الأثرية". ويضيف نجيب خالد:"قبل أسبوع من السفر خططنا لزيارة مصايف أربيل، زرناها ثم عدنا ولم نقصد أي مكان آخر". ويوضح:"إن المواطن من وسط العراق وجنوبه عاش سنوات طويلة وهو لا يستطيع زيارة شمال وطنه فحرم من المصايف الموجودة في الشمال والتي نفتقدها في الوسط والجنوب. إن من يدخل المصايف ينسى بعدها زيارة أي موقع أثري أو تاريخي". وربما كان المعنيون بشؤون الآثار في العراق هم وحدهم الذين يضعون ضمن حساباتهم زيارة موقع أثري ما عند زيارة اربيل أو أي مدينة كردية أخرى، إلا أنهم لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة جداً. ويقول أحد أساتذة التاريخ:"زرت مدينة أربيل وبقيت فيها أربعة أيام لكنني نسيت زيارة قلعتها الشهيرة". حتى أن سكان المناطق الشمالية أنفسهم، ولا سيما في أربيل، نادراً ما يفكرون في زيارة المواقع الأثرية وبالتحديد القلعة. ويبرر أحد المواطنين هذه الظاهرة بأن"السكان يميلون إلى المناطق السياحية الجميلة أكثر من موقع ثري أكل عليه الدهر وشرب. ونفسية المواطن تميل إلى الجبال والمناظر الجميلة". وقلعة أربيل، كما يذكر المؤرخون، هي إحدى القلاع التاريخية القديمة وتعد من أبرز المعالم الأثرية في العراق. تشغل مركز المدينة وتلتف حولها بقية المناطق السكنية بصورة دائرية، وكان لموقعها الفضل في تحديد المركز التجاري والإداري والسكني وخطوط النقل والمواصلات. ويشير المؤرخون إلى أن"هذا التل الأثري الواسع يقوم فوق تراكم طبقات كبيرة تمثل مستوطنات متعاقبة منذ القدم، ووصفها ياقوت الحموي في"معجم البلدان"بالقول: القلعة تقع على تل واسع وهي اكبر وأوسع رقعة من قلعة حلب في سورية وهي كانت مدينة فيها أسواق ومنازل وجامع للصلاة ومدرسة تسمى مدرسة القلعة. ومن الضروري الإشارة إلى أنها كانت محاطة بخندق عميق ما زالت آثاره". وتتألف القلعة من ثلاثة أحياء سكنية هي السراي والطوبخانة والتكية، وهي شبه دائرية ترتفع حوالي 415 متراً عن مستوى سطع البحر وحوالي 63 متراً عن سطح المدينة وتشغل مساحة أرضية قدرها 912101 متر.