تعد قلعة أربيل من أقدم معالم حضارة وادي الرافدين. ويعود المجمع المحصن الذي يندرج في اطار منشأة عمرانية واحدة الى الحضارة الأشورية التي قامت في شمال العراق قبل آلاف السنين. وتذكر المصادر التاريخية أن الأشوريين شيدوها مطلع الألف الرابع قبل الميلاد واتخذوها عاصمة دينية وأطلقوا عليها اسم "أربئة ايلو" وتعني الآلهة الاربعة. وعرفت في أحيان أخرى باسم "عشتار أربيلا". في حين تشير احدى الروايات الى أن اسمها أشتق من الكلمة السومرية "أورييلم". ووفق المصادر التاريخية تعد قلعة أربيل احدى أقدم المدن المسكونة في العالم اذ استمر العيش فيها منذ تشييدها قبل آلاف السنين وحتى اليوم. ومرّت بمراحل تاريخية عدة منها السومرية والآكدية والبابلية والآشورية والميدية والفارسية والرومانية والفرسية والساسانية والاسلامية. تبلغ مساحة القلعة 110 ألاف متر مربع وترتفع نحو 25 متراً عن سطح الارض. وهي تتوسط مدينة أربيل. وتبدو اليوم، بعد أن توسعت أربيل وكأنها مدينة صغيرة وسط المدينة الكبيرة. وتتألف القلعة من ثلاثة مجمعات مهمة تشتمل على تكية وطوبخانة وسراي كان يقيم فيه الولاة من حكام القلعة طوال مدة الاحتلال العثماني للعراق والذي استمر زهاء اربعة قرون. ويقطن القلعة الضخمة ستة آلاف شخص يشغلون 506 بيوت قديمة الطراز يعود بناء أحدثها الى مطلع القرن العشرين. ويذكر أن بعض السكان غادرها اثر انهيار مساكنهم التي شُيدت قبل أكثر من 150 سنة. ويصل عدد البيوت التراثية فيها الى 42 داراً الى جانب الحمام الذي يتوسطها. وتشير المصادر التاريخية الى سكن الآشوريين القدماء للقلعة بعد تشييدها على شكل حصن منيع وحفر عدد من الأنفاق داخلها تنتهي الى سبعة أبواب خفية كانت تستخدم لنقل المؤونة والماء الى الجيش أثناء الحروب والغزوات الخارجية، وقد عثر على كثير من الهياكل العظمية والآثار في تلك الأنفاق. وشجعت التحصينات الأمنية للقلعة خلفاء العصر العباسي الثالث على اتخاذها حصناً عسكرياً لصد هجمات المغول على بغداد قبل سقوطها العام 1258. وكان الملك والقائد الأشوري المعروف سنحاريب وجد طريقة متطورة لنقل الماء عبر قنوات من مكان يدعى "باستورا" يبعد 20 كيلومتراً عن القلعة، وفق اسلوب يشبه اسلوب ايصال الماء الى الجنائن المعلقة في بابل. ويرتاد السياح القلعة لالتقاط صور في أرجائها. غير أن غياب وسائل الترفيه وانعدام تسهيلات الاقامة وافتقاد الموقع لامدادات المياه والكهرباء اللازمة... كل ذلك حال دون استفادة السكان فيها من حركة السياحة الوافدة أو تطوير أنشطة سياحية تسهم في زيادة مداخيلهم. وتعتبر القلعة أحد أبرز المعالم السياحية في شمال العراق، لكن الجهود التي بذلت للترويج لها تبقى ضئيلة مثلما هي عليه الحال في جهود الصيانة التي اقتصرت على الجدران الخارجية للقلعة من دون أن تمتد الى المباني والمنشآت الموجودة داخلها.