يقول محللون إن أعمال العنف المتصاعدة والجدل السياسي الدائر بشأن الانتخابات العراقية التي تجري تثير مخاوف من اندلاع حرب أهلية في البلاد المضطربة على غرار ما حدث في لبنان. ولم يفلح نظام اقتسام السلطة الهش الذي يقوم على أساس طائفي في لبنان والذي كفل دوراً محورياً بارزاً للطائفة المارونية في تجنب اندلاع صراع العام 1975 أغرق الدولة الصغيرة في حمام دم لم يتوقف سوى في العام 1990. ولم يسرد لنا تاريخ العراق الكثير عن الصراعات الطائفية إلا أن المطالب الضاغطة من قبل الكيانات العرقية والدينية في البلاد أدت الى تعميق الفرقة منذ إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. ومع توقع مقاطعة السنة للانتخابات، فإن الوضع بات مهيّأً لسيطرة الشيعة على المسرح السياسي العراقي للمرة الاولى. ويحذر الساسة والمسؤولون والمحللون من أنه اذا ترك السنة على هامش الاحداث وهم الذين حكموا العراق الحديث فقد تحوم في الافق نذر كثيفة لحرب أهلية، فيما قد ينشق الاكراد الذين يعمهم الاضطراب. وقال عدنان أبو عودة، وهو معلق سياسي عربي ومستشار سابق في الديوان الملكي الاردني، ان الولاياتالمتحدة مهدت السبيل لاندلاع حرب اهلية في العراق بعد غزوها العراق. واضاف ان الاميركيين اختاروا منذ البداية التعامل مع كبار مسؤولي الكيانات ممن يمثلون العشائر والطوائف والجماعات العرقية. واعتبر ان التكامل القومي طغت عليه الكيانات الطائفية والعشائرية والعرقية، وان مفهوم"لبننة"العراق بات شائعا.ً وحذر ابو عودة من انه على خلاف ما حدث في لبنان عندما تمكنت الحكومة المركزية الضعيفة من التعافي من آثار الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 فإن الصراع الطائفي في العراق سيقصم ظهر البلاد التي كانت فيها حكومة مركزية قوية ابان عهد صدام. ومضى يقول ان تقسيم العراق سيصبح حلا لوقف الحرب الاهلية وحقنا للدماء. وتمسكت الطائفة الشيعية في العراق بزعامة المرجع آية الله علي السيستاني بضرورة اجراء الانتخابات في موعدها متحينة فرصة حكم العراق من خلال صناديق الاقتراع. وجعل هذا ساسة الشيعة ومسؤوليهم ورجال الدين بينهم، أهدافاً لهجمات من قبل المتشددين السنة. ويقول السيستاني لاتباعه انه يتعين عليهم عدم الأخذ بالثأر عن أعمال قتل طائفية. ومنح ذلك قدراً من الأمل للمعلق السياسي العراقي أحمد الركابي الذي يتخذ من بغداد مقراً له بأن صار من الممكن تفادي اندلاع حرب اهلية. وقال الركابي انه لا يوجد مستحيل، مشيراً الى ان هذا التنوع الذي يشهده العراق ليس جديدا. وقال انه لم تقع صدامات بين انصار الطوائف المختلفة بعكس ما حدث في لبنان الذي شهد حروباً أهلية عدة على مرّ القرون. وقال الركابي ان الصراعات الداخلية في العراق كانت السلطة احد اطرافها وليس ابناء الطوائف او الاقليات العرقية المختلفة، مشيراً إلى ان المشكلة الكردية الطويلة الأمد جعلت الأكراد يعادون الحكومة المركزية وليس اخوانهم من العرب داخل العراق. وقال ان الزعماء العراقيين من جميع الطوائف حالوا أيضاً دون وقع الأزمة، إذ أوضح السيستاني انه ضد العشائر الشيعية التي تلجأ الى القصاص كما التزم رجال الدين السنة الحكمة ايضا. واضاف ان العراقيين شديدو المراس، إلا أن قراءة تاريخ البلد أمر جوهري. ورأى ان استعراض التاريخ لا يظهر أي نزوع للحروب الاهلية.