ما الذي يحاول البروفسور اندرو باسيفيتش قوله في كتاب"الامبراطورية الاميركية: حقائق وعواقب الدبلوماسية الاميركية"، الذي نشرته جامعة هارفرد وأصدرته"الدار العربية للعلوم"في ترجمة عربية. يقدم الجنرال السابق تحليلاً قد لا يبدو مألوفاً للقراء العرب، عن القوة العسكرية الاميركية وموقعها بالنسبة الى العالم، بما في ذلك الولاياتالمتحدة نفسها. ربما تعطي الكلمات التالية نموذجاً من المقاربة غير المألوفة, للقوة العسكرية الأميركية:"سواء عنى ذلك ان الجيش الأميركي يقترب من الامساك بزمام الحكم، كما اشارت مقالة شهيرة او ان الانقلاب العسكري الاميركي عام 2102 كما توقعت مقالة اخرى، فانه كان يستحضر افتراضات ليست غير واقعية على الاطلاق، وهي انه لم يعد في الامكان اعتبار السيطرة المدنية على الجيش امراً حقيقياً ابداً"ص 522. ويرى ان النفوذ الذي بلغته القوة العسكرية الاميركية، داخلياً وخارجياً،من اكبر المؤشرات، وان لم يكن الوحيد, على كون الولاياتالمتحدة امبراطورية معاصرة. ويخلص الى ان"السؤال الذي يتطلب اجابة من الأميركيين ليس اذا ما كانت الولاياتالمتحدة اصبحت امبراطورية ام لا. السؤال: ما هو نوع الامبراطورية التي ينوون لامبراطوريتهم ان تكون. فاذا اصر صناع السياسة على ادعاء العكس... فإن ذلك يعني زيادة احتمال ان يخرجوا باجابات خاطئة. وتلك الطريقة لا تحمل في طياتها امكان زوال الامبراطورية فحسب، وانما خطراً كبيراً على ما كان يُعرف بالجمهورية الاميركية"ص 315. ويركز الكاتب تفكيره على التاريخ الاميركي الحديث، خصوصاً الحقبة التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي. وكجنرال سابق، يرى ان التعمق في تصريحات القادة الاميركيين، في ما بعد انهيار جدار برلين، وربطها مع الاحداث الداخلية والخارجية، يقود الى استنتاجين اساسيين. يتمثل الاول في تبن ضمني, يشمل الحزبين الجمهوري والديموقراطي، بالبعد الامبراطوري للولايات المتحدة. ويتلخص الثاني في تخبط القادة الاميركيين، وايضاً من الحزبين المذكورين كليهما، في صنع سياسة مناسبة، داخلياً وخارجياً، للامبراطورية الأميركية. ومن الواضح ان النقاش حول تحوّل الولاياتالمتحدة امبراطورية, يحتل جزءاً كبيراً من تفكير الكاتب. ويفرد فصوله الاولى, وخصوصاً الفصلين الاولين"اسطورة القوة العظمى المعارضة"و"العولمة وافتراضاتها"، لكي يُفَصِّل هذه المسألة. والحال ان ذلك النقاش يحتل راهناً حيزاً كبيراً من النقاش العام في اوساط النخبة الاميركية. ولعل اولها كتاب بول كينيدي"صعود القوى العظمى وسقوطها"1987، الذي حذر فيه بقوة من الواقع الامبراطوري لبلاده.