تتجه العلاقات بين روسيا واسرائيل نحو أزمة حادة، بعد معلومات عن نيات روسية لبيع أنظمة صاروخية متطورة جداً الى سورية. وجاء الحديث عن الأزمة قبل ايام من وصول الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو في أول زيارة يقوم بها لروسيا منذ توليه الرئاسة. وذكرت مصادر روسية ل"الحياة"ان ملف التعاون العسكري بين موسكوودمشق شغل حيزاً أساسياً من مناقشات وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف الموجود حالياً في واشنطن، فيما بثت الاذاعة الاسرائيلية ان اسرائيل ابلغت الولاياتالمتحدة بهذه القضية، وان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ووزيري الخارجية سيلفان شالوم والدفاع شاؤول موفاز"يتعاملون معها بعيداً عن الأضواء". لكن الناطق باسم الخارجية الروسية الكسندر ياكوفينكو اعلن ان بلاده"لم تلحظ بوادر أزمة في علاقاتها مع اسرائيل"، وان موسكو"لن تكون في كل الاحوال المبادرة الى مثل هذا التطور في العلاقات"، كما نفت السفارة الاسرائيلية في موسكو في بيان، ان يكون ملف التعاون الروسي - السوري سبب أزمة في العلاقات الروسية - الاسرائيلية. وبدا ان العلاقات الروسية - الاسرائيلية معرضة لهزة قوية، بعدما تصاعدت مخاوف تل ابيب من احتمال التوصل الى اتفاق تبيع بموجبه موسكودمشق أنظمة صاروخية متطورة جداً من طراز"اسكندر - ايه"، التي تعد أحدث التكنولوجيات الصاروخية الروسية، وهي أنظمة تكتيكية عالية الدقة، تعمل عن طريق التوجه الآلي، ويصل مداها الى نحو 280 كيلومتراً، ما يضع المناطق الاسرائيلية كلها ضمن نطاق ضرباتها اذا ما نشرت على مقربة من الخط الفاصل في الجولان. ونشرت صحيفة"كومير سانت"الروسية تفاصيل عن تداعيات الأزمة التي بدأت في الرابع من الشهر الجاري، عندما عقدت الحكومة الاسرائيلية اجتماعاً مغلقاً للبحث في ما وصفته الصحافة الاسرائيلية بأنه"المشكلة الروسية". واحيطت نتائج الاجتماع بتكتم شديد. وتلا ذلك قيام تل ابيب باستدعاء سفيرها في موسكو اركادي ميل مان للتشاور. وكان لافتاً ان تل ابيب ألغت بعد ذلك زيارة كان يفترض ان يقوم بها نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف الذي كان في الأراضي الفلسطينية على رأس وفد لمراقبة الانتخابات الرئاسية. وكانت صناعة الصواريخ التي أحدثت الأزمة بدأت في روسيا منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي. وبحسب الصحيفة فإن دمشق ابدت اهتماماً قبل عامين بشراء 18 نظاماً صاروخياً من هذا الطراز. لكن المفاوضات بين الجانبين تأجلت لأن تجارب الصواريخ لم تكن انتهت في ذلك الوقت. وتشير مصادر روسية الى ان موسكو اهتمت بالطلب السوري بسبب الحاجة الى زيادة الموارد المالية للمجمع الصناعي العسكري الذي اشرف على بناء الصواريخ. وابلغت موسكو الجانب السوري في تشرين الثاني اكتوبر الماضي بانتهاء مرحلة التجارب على الأنظمة الصاروخية التي ستدخل في تسليح الجيش الروسي اعتباراً من هذه السنة. وربطت مصادر روسية الضجة الاسرائيلية في شأن هذا الملف مع الزيارة التي سيقوم بها الرئيس السوري لموسكو في 24 الشهر الجاري وحتى 27 منه. ولم يستبعد مصدر روسي تحدث الى"الحياة"ان يشغل هذا الملف حيزاً من محادثات الأسد في العاصمة الروسية، خصوصاً ان المصادر الروسية ذكرت ان دمشق اكدت لموسكو الاسبوع الماضي رغبتها في شراء أنظمة صاروخية من هذا الطراز، اضافة الى اهتمامها بأنظمة الصواريخ الروسية من طراز"اس - 300"والتزود بأعداد اضافية من الصواريخ الروسية المضادة للدروع، وهي أنظمة كانت سورية اشترتها من روسيا قبل زهاء عامين. واعرب المصدر عن اعتقاده بأن القلق الاسرائيلي مبعثه توافر معلومات عن"مفاوضات جادة"بين دمشقوموسكو لإتمام الصفقة. واضاف انه على رغم تفهم دوافع القلق الاسرائيلي غير ان حرص موسكو على تعزيز تعاونها العسكري مع دمشق واعادة فتح اسواق الشرق الأوسط أمام صادراتها العسكرية ينطلق من مراعاة مصالحها الوطنية، مشيراً الى ان التعاون العسكري بين روسيا وسورية لا يشكل مخالفة للقوانين الدولية. لكنه لفت في الوقت نفسه الى دخول الولاياتالمتحدة على الخط من خلال المحادثات التي يجريها حالياً في واشنطن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف، مشيراً الى ان ملف التعاون العسكري بين روسيا والسوريين شغل حيزاً من محادثات الوزير الروسي. وكانت واشنطن فرضت قبل عامين عقوبات على شركات روسية زودت دمشق تكنولوجيا صاروخية، ولم يستبعد المصدر ان يمارس الاميركيون ضغوطاً على روسيا لتجميد أي مفاوضات لبيع أسلحة الى دمشق، معتبراً ان نتائج زيارة ايفانوف لواشنطن ستلعب دوراً في تحديد مصير التعاون المحتمل بين دمشقوموسكو. في المقابل، رجح ديبلوماسي روسي تحدثت معه"الحياة"ان تكون الضجة الاسرائيلية المثارة حول هذا الملف مفتعلة، وتهدف الى افشال زيارة الأسد لموسكو. واعاد التذكير بسيناريو مماثل قامت به اسرائيل منذ خمس سنوات قبيل زيارة الرئيس الراحل حافظ الأسد لروسيا عندما ثارت زوبعة عن احتمال تزويد دمشق صواريخ من طراز"اس - 300"التي لم تكن مطروحة على جدول اعمال تلك الزيارة. واكد المصدر ان فرضية"المناورة الاستباقية"من جانب اسرائيل تجد ما يبررها لأن الزيارة المقبلة للرئيس السوري تحظى بأهمية خاصة، ومن المقرر ان يلتقي الاسد خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين كما يجري محادثات مع عدد من كبار المسؤولين الروس اعتبرت مصادر في موسكو انها ستشكل دفعة نوعية للعلاقات بين موسكوودمشق.