سرت، بنغازي، بروكسيل - أ ف ب، رويترز - تراجع مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي عن مواقع سبق أن سيطروا عليها في بني وليد التي يريدون شن هجوم أخير عليها بعد سيطرتهم على مرفأ سرت، إحدى آخر المدن التي كانت تحت سيطرة القوات الموالية للديكتاتور الفار معمر القذافي، فيما قرر المجلس إرجاء إعادة تشكيل الحكومة المتعثرة إلى «ما بعد التحرير» النهائي. وأعلن مصطفى بن درداف أحد قادة قوات المجلس في سرت أمس أن «مواجهات جرت خلال الليل ونسيطر الآن على الميناء». وقال أحد المقاتلين: «عندما سنقترب من وسط المدينة ستدور حرب شوارع ونحن نستعد لذلك». وأكد آخر يدعى معتز سعد أن عنصرين من قوات القذافي استسلما مساء أول من أمس. وقال: «تقدما باتجاهنا وسلما أسلحتهما وسيارتهما». وأكد قائد «لواء الفاروق» المتمركز خارج سرت تهامي الزياني أنه يجري محادثات مع شيخ من قبيلة القذافي داخل المدينة المحاصرة للتوصل إلى هدنة. وقال إن أحد الشيوخ الذي لم يعرفه بالاسم اتصل به على هاتفه الذي يعمل عبر الأقمار الاصطناعية وطلب هدنة. وأضاف أنه طلب ممراً آمناً لأفراد القبيلة وقوات القذافي للخروج من المدينة. وأشار الزياني إلى أنه وافق على خروج الأسر من قبيلة القذافي وأنه ما زال في مفاوضات للوصول إلى اتفاق في شأن إلقاء القوات الموالية للقذافي السلاح ومغادرة المدينة. وأضاف أنه لم يتطرق إلى تفصيلات ولم يتحدث كثيراً مع شيخ القبيلة عن كيفية خروجهم، لكن السيناريو طبقاً لتصوره هو التخلي عن سلاحهم. وأكد أنه لا يعرف إلى أين سيتوجه أفراد قبيلة القذافي، وهم يشكلون غالبية سكان سرت، بعد خروجهم من المدينة. وعلى جبهة بني وليد (170 كلم جنوب شرقي طرابلس)، قال مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبدالله كنشيل إن «الثوار تراجعوا عن مواقعهم بسبب كثافة النيران التي تطلقها القوات الموالية لمعمر القذافي من داخل المدينة باتجاه مواقع مقاتلينا». وأضاف أن «هناك مناوشات في الوقت الحالي والقوة التي تقاوم في الداخل تبدو وكأنها قوة محترفة تجيد استخدام الأسلحة الثقيلة». وبعد مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق حملة عسكرية للسيطرة على بني وليد، لم يحرز الثوار إلا تقدماً بسيطاً وسيطروا على أحياء تقع عند مشارف المدينة. وقال القائد العسكري محمد الصديق: «نواجه مقاومة شرسة ولهذا السبب نستخدم المدفعية الثقيلة من دون أن نرسل قوات في الوقت الراهن، لكن كل شيء بات تحت السيطرة»، في إشارة إلى غياب التنسيق بين القوات الموالية للمجلس. سياسياً، قرر المجلس الانتقالي إثر مشاوراته التي أجراها في بنغازي في الأيام الماضية إرجاء إعادة تشكيل الحكومة إلى «ما بعد التحرير» النهائي. وقال عضو المجلس عن منطقة الجفرة مصطفى الهوني أمس: «انتهت المشاورات إلى إرجاء إعادة تشكيل الحكومة إلى ما بعد التحرير». وأضاف أن المشاورات أظهرت أن «هناك توافقاً على إضافة وزارة واحدة لشؤون الشهداء والجرحى»، مشيراً إلى أنها «لم تسند إلى أحد حتى الآن». وأكد مسؤول آخر طلب عدم كشف هويته أنه «تقرر إرجاء تشكيل الحكومة إلى غاية إعلان التحرير... تفادياً لتشكيل حكومة قد تعمر أياماً معدودة قبل أن يتم تشكيل الحكومة الانتقالية لفترة ما بعد التحرير». وينص الإعلان الدستوري الذي يحكم الفترة الانتقالية في ليبيا على تشكيل حكومة موقتة (مكتب تنفيذي) حتى التحرير ثم حكومة انتقالية بعده تتولى الإشراف على انتخابات مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد. وكان رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل أعلن السبت الماضي أن الحكومة ستعلن «خلال أسبوع». ويؤكد سياسيون أن تعثر تشكيل الحكومة الليبية الموقتة يخفي صراعاً محموماً على السلطة بين الثوار. في غضون ذلك، اكد معمر القذافي أنه ما زال موجوداً في ليبيا وينتظر «الشهادة» فيها خلال تصديه «للغرب وعملائه التافهين»، بحسب ما نقل عنه أمس موقع قناة «الليبية» التابعة للنظام السابق. وقال في كلمة وجهها عبر إذاعة مدينة بني وليد أحد آخر معاقله ونشر نصها الموقع: «كان الصمود وكان الاستشهاد للأبطال ونحن بانتظار الشهادة مصداقاً لقوله تعالى: ومنهم من ينتظر. فلا تحزنوا ولا تهنوا إنما النصر صبر ساعة». وأضاف موجهاً حديثه إلى أنصاره من أبناء قبائل ورفلة الذين يتصدون لمقاتلي المجلس الانتقالي في بني وليد وسرت: «انتم تعيدون سيرة أجدادكم بجهادكم هذا وأنا معكم في الميدان. يكذبون ويقولون القذافي في فنزويلا ومن ثم النيجر. لا يعلم هؤلاء العملاء الشراذم أنني بين أبناء شعبي وستصدمهم الأيام بما لم يتوقعوا». وتابع: «خالوا أن ليبيا ستنصاع عند أول غارة تقوم بها طائرات وأساطيل اكبر حلف في العالم والتاريخ ولكنهم غفلوا أن ليبيا هي التاريخ وأن هذا الشعب هو أعظم شعوب الأرض في تصديه وصموده وتحديه للعدوان... ليبيا لن تكون للخونة بل ستكون محرقة لهم وستكون جحيماً ووبالاً على الغرب وعملائه التافهين». من جهة أخرى، أكد مسؤولون في حلف شمال الأطلسي أمس أن المجلس الانتقالي يسيطر بالكامل على مخزون البلاد من الأسلحة الكيميائية والمواد النووية التي خلفتها وراءها قوات القذافي. وقالت الناطقة باسم الحلف الكولونيل رولاند لافوا: «بالنظر الآن إلى وسط وجنوب البلاد، فإن المجلس الوطني الانتقالي يسيطر على المنشآت التي تحتوي على ما تبقى من مخزون ليبيا من المواد الكيميائية والنووية. نحن واثقون من أن الحلفاء والمنظمات الدولية التي تجري اتصالات مع المجلس الانتقالي تعمل لضمان أن تتمكن السلطات الحاكمة من السيطرة بالكامل على أي انتشار وعلى أي مواد حساسة متبقية وأن تبدأ في التخطيط للتخلص منها بشكل آمن».