قال وزير خارجية الأردن مروان المعشر، في مقابلة مع "الحياة"، ان "الوقت حان" لحل مواضيع عالقة بين عمّان ودمشق بينها قضية ترسيم الحدود ومنع التسلل من سورية الى الأردن. وشدد على ضرورة اجراء الانتخابات في العراق في موعدها "حتى ولو كانت جزئية". وقال ان اسرائيل تقوم بأعمال "في غاية الخطورة" تنعكس سلباً على بلاده مثل بناء جدار العزل واستكمال التوسع الاستيطاني والاكتفاء بالانسحاب من غزة فقط. وقال ان مثل هذه السياسة "يقتل الدولة الفلسطينية" وهو أمر لا يمكن ان يقبله الأردن لأنه "موضوع وجودي" بالنسبة اليه. وفي ما يأتي نص المقابلة: لماذا هذا التوتر في العلاقة بين الأردن وسورية؟ ما هي أسبابه الحقيقية؟ - نحن لا نريد أن يكون هناك أي توتر في العلاقة بين الأردن وسورية. سورية بلد جار وليس من مصلحة الأردن أن تكون علاقاته إلا علاقات أخوة مع كل الدول العربية، وبالأخص مع جيرانه. هناك قضايا مع الأخوة في سورية منها قضية الحدود، مضى عليها وقت ونشعر بأنه حان الوقت لحل هذا الموضوع سواء من ناحية ترسيم الحدود أو منع عمليات التسلل التي تحصل عبر الحدود السورية الى الأردن. التسلل من الحدود السورية إلى الأردن يهدف الى ماذا من وجهة نظركم، وماذا تريد الحكومة السورية من ورائه؟ - لا... نحن لم نقل في يوم من الأيام أن هذا التسلل تسمح به الحكومة السورية، إنما نقول أن هناك عمليات تسلل وأن من المفروض ضبط الحدود في شكل أفضل. الموقف الأخير بالنسبة للقرار 1559 فُسر بأنه موقف ضد سورية، ونحن لم نقل ذلك. قلنا أننا لسنا في مجال معارضة أي قرار من قرارات مجلس الأمن، وأن موضوع الانتقائية في موضوع القرارات من عدمها موضوع خطير للغاية ويفتح الباب أمام إسرائيل لتقبل أو لا تقبل قرارات مجلس الأمن ومنها القرار 242. ونقول أيضاً أنه طالما أُقِر قرار من مجلس الأمن فيصبح لزاماً على كل الدول أن تتعامل مع هذا القرار. ونحن كنا نأمل بأن لا يصل الأمر إلى الحد الذي يذهب به إلى مجلس الأمن. لكن طالما أنه حصل ذلك، فالموضوع خرج من موضوع ان يكون شأناً داخلياً سورياً أو لبنانياً ليصبح شأناً عربياً طالما أن الموضوع يمكن أن يكون معارضة لقرارات مجلس الأمن. بدأت سورية اعادة الانتشار في لبنان - وهو أمر رحب به كولن باول - وهناك عمل ثلاثي أميركي - عراقي -سوري، جديد من نوعه. هل هذا في رأيك تلبية للقرار 1559 أو أن تلبية هذا القرار ما زال في غير المتناول؟ - تلبية القرار 1559 سيعتمد على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي سيصدر في نهاية الشهر. لكن أي خطوة ينتج عنها تخفيف التوتر في المنطقة بين مجلس الأمن وبين سورية أو أي دولة عربية أخرى هو شيء إيجابي ونؤيده. دعني أعود الى العلاقة الأردنية - السورية. ما هو المطلوب من خطوات من بعضكما البعض من أجل تحسين العلاقة، خصوصاً في شأن مشكلة الحدود؟ - أن العلاقة ليست سيئة. دولة الرئيس زار سورية قبل شهر وأنا ألتقي في شكل دائم مع وزير الخارجية السوري واتفقنا على تشكيل لجنتين، لترسيم الحدود ولمعالجة مواضيع التسلل والمواضيع الأمنية. وأعتقد أن حل هذين الموضوعين سيساعد كثيراً في إزالة أي سوء فهم يمكن أن يكون قد نتج عن هذه العلاقة. عودة لموضوع إعادة الانتشار السوري في لبنان، طالما أنكم كنتم أكثر من عَبّر عن دعمه للقرار 1559. في رأيكم أن إعادة الانتشار هذا انسحاب أم إعادة تضبيط الأمور في لبنان؟ - نحن لا نعلق على الشؤون الداخلية لقطر عربي. الموضوع لا يتعلق بموقفنا من الوجود السوري في لبنان. نحن قمنا بالتحرك عندما شعرنا بأنه قد تكون هناك معارضة لقرارات مجلس الأمن نحن لا نوافق عليها. أما موضوع الوجود السوري في لبنان فهذا موضوع نتركه للحكومة السورية والحكومة اللبنانية. التعاون الثلاثي الأمني على الحدود العراقية - السورية بمشاركة أميركية وتقاسم معلومات استخباراتية، هل يمثّل نقلة نوعية، في رأيكم، بالنسبة الى دور سورية نحو العراق؟ - نؤيد أي تعاون يهدف إلى منع العمليات الإرهابية التي تحصل داخل العراق خصوصاً من مجموعات مثل "القاعدة" أو ممن يؤيدونها. ونشعر بأن من الضروري - إذا كنا جادين في مساعدة العراق على تجاوز هذه الأزمة والوصول إلى حال من الاستقرار يمهد لزوال قوات التحالف - إذا كنا جادين في ذلك فيجب أن ندعم جميعاً أي عملية تؤدي إلى منع عمليات التسلل. ماذا يقدم الأردن الآن للعراق؟ أبو مصعب الزرقاوي أردني على أي حال، وربما هذه الناحية تسبب لكم ألماً أكثر من غيركم. لكن ماذا يقدم الأردن الآن، وماذا هو على استعداد ان يقدم إلى العراق في هذه الفترة تحديداً؟ - الزرقاوي شخص إرهابي الغالبية الساحقة من الشعب الأردني تقف ضده. وكونه أردنياً لا يعني أن الأردن حقيقة له علاقة به. الأردن كان على رأس من حارب تنظيمات مثل تنظيمات الزرقاوي والقاعدة منذ بداية التسعينات. إننا نقدم الكثير للعراق، سواء من خلال المساهمة في تدريب قوات الشرطة والجيش، سواء من خلال استعمال الأردن كرئة تأتي من خلاله العديد من البضائع للعراق .... نقدم للعراق مساعدة ليس فقط في إعادة تدريب كوادر الشرطة والجيش بل في إعادة تدريب العديد من مؤسسات الدولة العراقية. العراق أصبح مستنقعاً للأميركيين، أليس كذلك؟ - العراق اليوم يشهد حالاً أمنية صعبة للغاية، كانت جزئياً بسبب أخطاء ارتكبت في الماضي وكان على رأسها حل الجيش العراقي - وكنا قد حذرنا من ذلك مراراً في السابق - مما أدى إلى خلق حال من الفراغ الأمني الذي استفاد منه الكثيرون. على أي حال ما حصل قد حصل، والمهم الآن أن نعمل جميعاً من إجل بناء القدرات الأمنية للعراقيين. لم يعد هناك كلام جدي الآن عن قوات إسلامية عربية الى العراق. هل سقطت الفكرة؟ - مع دعمنا الكامل لفكرة ارسال قوات عربية واسلامية من خارج دول الجوار، لكن إذا كنا صادقين فلم نر إلى الآن حماسة من أي من الدول التي يمكن أن تقدم مثل هذا الدعم. باكستان تقول اذا تقدمت دول إسلامية أخرى فإنها قد تفكر في تقديم قوات. كل واحد يترك الخطوة الأولى للآخر. هل الأردن ما زال يستبعد نفسه كلياً كونه من دول الجوار؟ - الأردن، كونه من دول الجوار، وكون الحكومة العراقية أيضاً لا تريد لأي دولة من دول الجوار المساهمة بقوات، فلا يمكن لنا الحديث عن قوات أردنية. الكلام الآن عن انتخابات حيثما تسمح الحال الأمنية في كل أرجاء العراق. - نعتقد أن عقد الانتخابات في موعدها أمر ضروري جداً... حتى لو كانت جزئية؟ - حتى لو كانت جزئية، إذا تمت على الأقل في معظم أنحاء العراق وإذا تمت على مراحل ليست متباعدة. لكن موضوع تأجيل الانتخابات مرة أخرى قد يعطي الفكرة الخاطئة عن جدية العراق في الوصول إلى حكومة منتخبة دائمة. أعتقد أن الحكومة العراقية واعية لذلك وعقدت العزم على إجراء هذه الانتخابات في شهر واحد، وإن كانت، ونأمل بألا تكون، ولكن وإن كانت جزئية بمعنى عقدها في معظم العراق إن لم يكن كله. هناك نقمة على إيران بسبب برنامجها النووي - سواء من إسرائيل أو الولاياتالمتحدة. أنتم جار في المنطقة، والكلام إزداد عن عمل استباقي إسرائيلي ضد المفاعل النووي الإيراني، فما مدى قلقكم؟ - أولاً الأردن يطالب منذ زمن بمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط - كل دوله بما في ذلك إسرائيل وإيران وغيرهما. فموضوع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط موضوع خطير لا نريده أن يكون، ونأمل بأن يتم حل الخلاف بين إيران والمجتمع الدولي بالحوار مرة أخرى لأن المجابهة في هذه المرحلة ستأتي على المنطقة بالكارثة وليس على إيران وحدها. اجتمعت بوزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم؟ - نعم. هل طلبتم منه أي شيء في ما يخص الرئيس ياسر عرفات بالذات؟ - أنا أجتمع بطريقة منتظمة مع وزير الخارجية الإسرائيلي على رغم اختلافنا الشديد على الكثير من القضايا. لكن لا بد من وجود مثل هذا الحوار السياسي لأن إسرائيل تقوم بأعمال في غاية الخطورة وستنعكس سلباً على الأردن تحديداً، سواء من خلال بناء الجدار العازل، أو من خلال استكمال التوسع الاستيطاني أو من خلال ما تُعلنه إسرائيل من أن الانسحاب من غزة ليس جزءاً من خريطة الطريق وبأنها ستقف بعد هذا الانسحاب ولن تقوم بخطوات إضافية. هذا الكلام يشكل خطراً كبيراً على الأردن، لأنه إذا قُتلت فكرة الدولة الفلسطينية فسيعاد إحياء أفكار أخرى كلها تنادي بحل على حساب الأردن، مثلاً "الوطن البديل"، ومثلاً تهجير الفلسطينيين. كل هذه الأفكار التي نعتقد بأنها ليست جزءاً من أو ليست في صلب التفكير الإسرائيلي الحالي لكنها قد تكون صلباً أو جزءاً من صلب التفكير الإسرائيلي بعد 10 سنوات أو 15 سنة إذا قُتلت فكرة الدولة الفلسطينية. لذلك من الضروري عرض هذا الموقف الأردني بكل وضوح بما في ذلك مع الجانب الإسرائيلي. اجتمعت أيضاً مع كولن باول، عندما تطرح عليه هذا السيناريو وهذه المخاوف، هل "يبيعكم الأميركيون كلاماً"؟ - هذا الموضوع بالنسبة الى الأردن موضوع وجودي، لن يتهاون فيه على الإطلاق. في أي لحظة نشعر فيها بأن هناك أي طرف من أطراف النزاع يقوم بخطوات تؤدي إلى إضعاف فكرة الدولة الفلسطينية فسنقوم بانتقاد هذا الطرح. لكم علاقة جيدة مع الرباعية، إنما هذه الرباعية تخذل المواقف التي سبق أن تبنتها. فما سبب استمرار وجودها؟ - الحديث عن تفكيك الرباعية حديث خطير للغاية، لأن هذا معناه الاعتراف بعدم جدوى إقامة الدولة الفلسطينية. هكذا نرى الأمور في الأردن. ولذلك بغض النظر عن ضعف الرباعية في هذه المرحلة فلا نعتقد بأن الحديث عن تفكيكها مفيد على الإطلاق، هذا من ناحية. من ناحية أخرى، صحيح أن الرباعية في هذه المرحلة تكتفي بالبيانات لكن البيان الذي خرج هذا الاسبوع أعاد تأكيد الموقف بالنسبة الى المستوطنات - بعدما كانت حوله شكوك، خصوصاً حول الموقف الأميركي الأخير - وأعاد تأكيد أن الإطار العام للحل هو خريطة الطريق التي تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحدث للمرة الأولى عن الجدار العازل، للمرة الأولى، حتى الجانب الأميركي وافق على ذلك. على أي حال، أعتقد أن هناك شعوراً متزايداً لدى المجتمع الدولي ولدى كل أطراف الرباعية بأنه بعد الانتخابات الأميركية لا يمكن لنا الحفاظ على الوتيرة الحالية للعملية السلمية وإلا فسيؤدي ذلك إلى قتل فكرة الدولة الفلسطينية. ماذا تعرف عن اقتراحات أوروبية مع الاميركيين والإسرائيليين لفك العزل عن الرئيس ياسر عرفات إدراكاً من الأوروبيين بأن التحرك من دونه كلياً مستحيل؟ - هناك أفكار عدة تُطرح تؤدي إلى هدف واحد وهو تحريك العملية السلمية. الموضوع لا يتعلق بفك العزلة بقدر ما يتعلق بوجوب الحديث عن تطبيق الأطراف، من جهة، التزاماتها بحسب خريطة الطريق، ومن جهة أخرى معرفة الأطراف إلى أين ستذهب هذه العملية السلمية. وهناك أفكار تطرح في هذا الاطار لعرضها على كل الأطراف بما في ذلك الرئيس عرفات. هل موقف ايران مخرب داخل العراق؟ وهل هناك اتصالات معها؟ - هناك آلية من خلال مؤتمر دول الجوار الذي يعقد حول العراق وبمشاركة كل دول الجوار، ومن أهدافه الواضحة عدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي حفاظاً على وحدته. ونحن دائما كنا أو طالبنا كل الدول المجاورة بعدم التدخل في شأنه الداخلي وبعدم القيام بما يمكن أن يؤدي إلى التقسيم أو الحرب الأهلية.