اتهم قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جون أبي زيد سورية وإيران بالمساهمة في عدم الاستقرار في العراق، مشيراً إلى "الكثير من تسريب أموال وتسلل مقاتلين أجانب عبر الحدود السورية". وعشية الاجتماع الوزاري للدول المجاورة للعراق، والذي تستضيفه القاهرة، أكد رئيس الحكومة الموقتة اياد علاوي ل"الحياة" ابرام "اتفاق مهم" مع الأردن لمكافحة الإرهاب، مشدداً على "تعاون استراتيجي" مع عمّان في كل المجالات. في الوقت ذاته، أكد مسؤول أردني ل"الحياة" أن عمّان "مستعدة لوضع خبرتها الطويلة في التعامل مع الجماعات الأصولية الإرهابية في خدمة العراق"، لافتاً إلى أن الأردن "سيقدم كل جهد ممكن لاعتقال أبي مصعب الزرقاوي الذي وصفه علاوي أمس بأنه مختل عقلياً و"منبوذ لا يخيفني، مختبئ في جُحر يحاول منه بث سمومه" راجع ص . وكان الزرقاوي خصص مكافأة لقتل رئيس الحكومة الموقتة، وتنصل أمس من بيان نُسِب إلى جماعته يهدد القوات اليابانية في العراق. ويتوقع أن تسفر الجولة العربية الأولى لعلاوي عن استئناف العلاقات الديبلوماسية مع سورية ومصر، علماً أنه سيحضر اجتماع وزراء خارجية دول الجوار في القاهرة اليوم، ويزور دمشق لاحقاً. ومن باريس، حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، من أن "محاولة بعض المجموعات العرقية السيطرة على أخرى في العراق، قد تؤدي إلى حرب أهلية" في هذا البلد. وكان أردوغان يتحدث في مؤتمر صحافي بعد لقائه الرئيس جاك شيراك، وقال رداً على سؤال ل"الحياة": "سنرى متى ستتمكن الحكومة العراقية من التحضير للانتخابات، والعمليات الإرهابية تثير تساؤلات حول كيفية تطور الأوضاع". واستدرك أنها "غير مشجعة". وأقر بأن لكل من دول المنطقة "حسابات في العراق" و"ليست إيران وحدها" في هذا المجال. وتزامن كلام أردوغان مع إعلان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في القاهرة، ان الوكالة سترسل مفتشين إلى العراق "خلال الأيام المقبلة"، تلبية لطلب رسمي من وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري. في المنامة، اتهم الجنرال جون ابي زيد سورية وإيران بالمساهمة في عدم الاستقرار في العراق، وأكد أن الرئيس السابق صدام حسين لا يزال في العراق "يخضع لحراسة الاميركيين، لكنه في الواقع تحت سيطرة العراقيين". وتابع ان "السوريين سمحوا بالتسلل عبر الحدود، ولا أقول انهم يفعلون ذلك بموافقة الحكومة، لكن هناك الكثير من تسريب أموال وتسلل مقاتلين اجانب عبر الحدود السورية". ورفض التعليق عما إذا كان هناك عناصر من "الحرس الثوري" الإيراني في العراق، لكنه عبّر عن اعتقاده بأن هناك "جماعات داخل ايران تريد ان تلعب دور زعزعة الاستقرار في العراق". وتوقع تزايد العنف مع اقتراب موعد الانتخابات، وقال إن "القوة الرئيسية" وراء التمرد تتألف من أعضاء حزب "البعث". وأوضح ان "هناك مستوى معيناً من القدرة التنظيمية والتمويل وغير ذلك، وبعض الدعم الذي يأتي من سورية". وزاد أن الخطر الثاني "مصدره جماعات مثل الزرقاوي ومتطرفين اسلاميين آخرين يؤمنون بفكره". إلى ذلك، كشف علاوي ل"الحياة" التوصل إلى "اتفاق مهم" مع الأردن لمكافحة الإرهاب، خلال زيارته عمّان، مشيراً إلى أن جولته هي "من أجل تنسيق المواقف مع الدول العربية، بما يخدم أمن المنطقة واستقرار شعوبها". وزاد: "توصلنا إلى اتفاقات أمنية مع الأشقاء في الأردن، احدها مجال مكافحة الإرهاب". ونبه إلى أن الجانب العراقي "شكر للملك عبدالله الثاني الدعم الكبير الذي أولاه لمساعدة العراق في بناء قواه الأمنية". واستدرك: "الأردن كان كريماً في مساعدته لنا. فالملك أمر بجعل تدريبات القوات العراقية عسكرياً واستخباراتياً وأمنياً، مجانية. والأردن سيقدم دعماً غير محدود للعراق في سعيه إلى انهاء الإرهاب، وضبط أمنه وصولاً إلى تعاون استراتيجي في كل المجالات". ولفت إلى أن "الاتفاقات مع الأردن ستأخذ بعداً استراتيجياً وستبنى العلاقات وفق أرضية صلبة، لجعل شعبينا المستفيدين الرئيسيين من علاقات بعيدة المدى في مجالات سياسية واقتصادية وأمنية، بما يقوي دعائم استقرارهما وشعوب المنطقة"، في إشارة إلى اتفاقات جديدة في مجال النفط، قد تتجسد في بناء مصفاة عراقية - أردنية ضخمة في ميناء العقبة. وأبلغ مسؤول أردني بارز ل"الحياة" أن علاوي بحث ونظيره الأردني فيصل الفايز في "آليات التعاون في المجال الأمني، لا سيما التهديدات الإرهابية التي يتعرض لها العراق"، مؤكداً أن عمّان "مستعدة لوضع خبرتها الطويلة في التعامل مع الجماعات الاصولية الإرهابية بتصرف العراق" حيث تنفذ جماعة "التوحيد والجهاد" بزعامة الزرقاوي عمليات مسلحة. وأوضح المسؤول أن الأجهزة الأمنية الأردنية "امتلكت خبرة كبيرة في اختراق التنظيمات الاصولية، وأحبطت مرات محاولات ارهابية سعى الزرقاوي من خلالها إلى تهديد أمن المملكة". وشدد على أن الأردن "سيقدم كل جهد ممكن من أجل اعتقال الزرقاوي". واتفق البلدان على تشكيل لجنة عليا "لتعزيز التعاون وتنسيق المواقف في المحافل الدولية". إلى ذلك، أكدت مصادر عراقية في عمّان ل"الحياة" ان علاوي سيطالب المسؤولين السوريين الذين يلتقيهم في دمشق نهاية هذا الأسبوع ب"وضع حدّ لتسلل مزيد من العناصر المتشددة من سورية إلى العراق عبر الحدود". ويتوقع أن تسفر جولة علاوي عن استئناف العلاقات الديبلوماسية على أعلى مستوى مع مصر وسورية، واللافت توقع محادثات ناجحة في دمشق، إذ أوضحت مصادر مطلعة في العاصمتين العراقية والسورية ل"الحياة" أن الزيارة التي قام بها إلى دمشق نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح، أظهرت أن موقف دمشق من بغداد وحكومتها "انقلب بزاوية 180 درجة". وكان وزير الدولة العراقي عدنان الجنابي سبق علاوي إلى دمشق، حيث أجرى محادثات تمهيدية فيها، وبقي في العاصمة السورية نائب وزير الداخلية عدنان الأسدي الذي يواصل محادثات بصفته رئيس الجانب العراقي في اللجنة الأمنية المشتركة مع سورية.