انفتحت الساحة اللبنانية على تطورات جديدة يبدو انها ستتلاحق تباعاً الى حين موعد صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى مجلس الأمن الدولي في 3 تشرين الاول اكتوبر المقبل عن مدى تنفيذ قرار المجلس الرقم 1559 في شأن انسحاب القوات غير اللبنانية الموجودة على الاراضي اللبنانية والمقصود بها السورية وفي شأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية ونزع سلاح الميليشيات. راجع ص8 وأبرز حدث امس كان الاعلان اللبناني - السوري المشترك عن التهيؤ الميداني لعملية اعادة انتشار لبعض الوحدات العسكرية السورية الموجودة في لبنان، التي بدأت توضيب معداتها تمهيداً للانسحاب، الى ما وراء الحدود. وفي واشنطن، أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أمس أن واشنطن "تتابع عن كثب التقارير عن انسحاب القوات السورية من مواقع عسكرية في لبنان، لاعطاء موقف محدد". وقال الناطق باسم مكتب الشرق الأدنى في الوزارة غريغ سليفان ل "الحياة" أن الادارة الأميركية "قلقة جداً حيال الوجود السوري في لبنان وملتزمة كلياً قرار مجلس الأمن الرقم 1559"، الداعي في بنده الثاني الى انسحاب كل القوات الأجنبية عن لبنان. وكان لافتاً ان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى كان اول من اعلن عن الخطوة ليل اول من امس، مشيراً الى انها "تأتي في وقت تحاول سورية التعاون مع الولاياتالمتحدة". وفيما أكد وزير الاعلام السوري أحمد الحسن ان الخطوة لا تأتي في اطار الضغوط الدولية على سورية قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري: "هذه الخطوة تدل الى احترام لبنان وسورية للقرارات الدولية". وأبلغت القيادة السورية قرارها باعادة الانتشار الرئيس اللبناني اميل لحود وقيادة الجيش اللبناني امس خلال زيارة قام بها وزير الدفاع السوري العماد حسن توركماني على رأس وفد عسكري كبير الى لبنان، وشددت قيادة الجيش اللبناني على ان اللجنة العسكرية المشتركة "المحددة في اتفاق الطائف عرضت الخطوات المنفذة سابقاً في اطار اعادة الانتشار وتقرر تحديد نقاط تمركز اخرى وفق الخطة الموضوعة من القيادتين تطبيقاً لاتفاق الطائف على ان تنفذ مباشرة طبقاً للجدول المقرر...". ونهار امس لم تكن الوحدات السورية قد بدأت الانسحاب، لكن معظمها بدأ التحضير له. وقال مصدر أمني لبناني رفيع ل"الحياة" ان الخطوة قد تشمل زهاء 3 آلاف جندي سوري من أصل نحو 18 ألفاً ما زالوا على الاراضي اللبنانية وهي الخامسة في سياق خطوات سابقة بدأت العام 2001. وفيما ذكرت الوكالة الوطنية الرسمية للاعلام ان الخطوة ستشمل مواقع في الشمال والبقاع والجبل، نفى المصدر الامني الرفيع ل"الحياة" ذلك مؤكداً انها ستقتصر على مناطق محيطة ببيروت هي تحديداً: الدامور، خلدة، الشويفات، عرمون ودوحة عرمون. وأكد المصدر ان اي منطقة اخرى يتواجد فيها الجيش السوري غير ملحوظة في هذه المرحلة وان لا صحة للانباء التي اشارت الى امكان اخلاء مواقع في منطقة عاليه والمتن الشمالي. وساد الترقب الوسط السياسي لمعرفة مدى اتساع الخطوة وانعكاساتها في ظل الوضع المتأزم داخلياً وخارجياً بعد التمديد للرئيس لحود 3 سنوات وصدور قرار مجلس الأمن الدولي. وقالت مصادر سورية رفيعة ل"الحياة" ان الخطوة تأتي في سياق سحب القوات في اتجاه الحدود خطوة وراء خطوة. وقال سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان باتريك رينو: "اننا في مرحلة دقيقة وجميعنا في انتظار تقرير الأممالمتحدة"، مؤكداً ان القرار الرقم 1559 ليس جديداً "اذ اشرنا الى مضمونه الاتحاد الاوروبي في اعلان الشراكة اللبنانية - الاوروبية في شباط فبراير الماضي". وكان ابرز المواقف السياسية امس ما اعلنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن ان "لا مشكلة اذا كانت اعادة الانتشار وفق اتفاق الطائف ونحن لم نشك من الجندي السوري بل من التدخلات الامنية اللبنانية - السورية في الشأن العام الاداري الخدماتي والقضائي والجامعة اللبنانية". ودعا جنبلاط لحود الى الاستقالة "لأن التمديد غير دستوري وغير شرعي".