شُغلت الساحة اللبنانية أمس بخطوة اعادة انتشار القوات السورية العاملة في لبنان التي أعلن عنها ليل أول من أمس السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى من نيويورك حيث يشارك في الوفد السوري الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وترافقت هذه الخطوة الرابعة منذ 3 اعوام مع نشاطين سياسي وميداني، الا ان الحيز السياسي الذي تمثل بزيارة وفد من كبار الضباط السوريين يتقدمهم وزير الدفاع العماد حسن توركماني للرئيس اللبناني اميل لحود ولقيادة الجيش، طغى على الحركة الميدانية التي اقتصرت أمس على توضيب الجنود السوريين معداتهم وتجهيزاتهم داخل مواقع عدة جنوببيروت، تمهيداً لإخلائها. ففي الشأن السياسي عقد في وزارة الدفاع في اليرزة اجتماع ترأسه وزيرا الدفاع في البلدين توركماني ومحمود حمود في حضور الوفد العسكري السوري الذي ضمّ مدير الادارة السياسية اللواء غسان فارس وقائد القوات العربية السورية العاملة في لبنان اللواء اديب قاسم ونائب رئيس هيئة العمليات اللواء الياس غزالي ورئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة ومدير مكتب وزير الدفاع العميد الركن فخري مكحل، والوفد العسكري اللبناني الذي ضم قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ورئيس الاركان العامة اللواء الركن رمزي ابو حمزة، ونائب رئيس الاركان للعمليات العميد الركن حسين شاهين، ورئيس الغرفة العسكرية العميد الركن الطيار شربل مزرعاني ومدير التوجيه العميد الركن الياس فرحات، ومساعد مدير المخابرات العميد الركن علي جابر ورئيس مكتب التعاون والتنسيق العميد الركن مروان بيطار ورئيس مكتب قائد الجيش العميد الركن وفيق جزيني. ودرس المجتمعون الخطوات التنفيذية لعملية اعادة الانتشار السورية. ثم انتقل الوفدان الى القصر الجمهوري وأطلع العماد توركماني الرئيس لحود على قرار القيادة السورية اجراء عملية اعادة انتشار لوحدات من قواتها، في عدد من المناطق اللبنانية. واكد توركماني التنسيق مع القيادة العسكرية اللبنانية من اجل تعزيز مسيرة الاستقرار في لبنان. وعرض الوزير حمود والعماد سليمان للرئيس لحود الاجراءات التي اتفق عليها بين القيادتين اللبنانية والسورية والمواقع التي ستشملها إعادة الانتشار. واعتبر لحود "ان هذه الخطوة تُدرج في اطار التعاون بين الجيشين اللبناني والسوري لتعزيز الامن والاستقرار في لبنان، وتطبيقاً لاتفاق الطائف"، منوهاً ب"الدور الذي أدته سورية في المحافظة على وحدة لبنان وسلامة اراضيه، واعادة بناء مؤسساته، ومنها مؤسسة الجيش". وشدد على ان "الاستراتيجية المشتركة التي اعتمدها لبنان وسورية في مقاربة النزاع العربي-الاسرائيلي وتمسكهما بالسلام العادل والشامل والدائم، القائم على تطبيق قرارات الاممالمتحدة ذات الصلة، هي خيار ينطلق من قناعة لدى البلدين الشقيقين بأن القوة لا يمكن ان تؤمن حلاً لأزمة منطقة الشرق الاوسط، وان استمرار السياسة الاسرائيلية في تجاهل قرارات الاممالمتحدة، يحتم على المجتمع الدولي التحرك لالزام اسرائيل باحترام ارادة الشرعية الدولية، وعدم الاكتفاء بالانتقائية في تطبيق القرارات الدولية". وأوضح حمود ان "اعادة الانتشار تأتي استكمالاً لخطوات مماثلة نفذت في اطار "الطائف" واستناداً الى "معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق" بين القيادتين السياسية والعسكرية في البلدين الشقيقين". واعتبر "انها تدل الى ان الوضع الامني الذي يزداد رسوخاً واستقراراً في لبنان مكن من اتخاذها، على غرار الخطوات الثلاث المماثلة التي نفذت في السنوات الاخيرة". وأكد "استمرار لبنان في التنسيق مع سورية في هذا المجال كما في مجالات اخرى لما فيه مصلحة البلدين". وقال حمود: "ننتهز هذه المناسبة لنعرب للقيادة السورية عن تقديرنا لما قامت وتقوم به من اجل مصلحة لبنان، وتؤكد ان ما فيه خير للبنان انما هو خير لسورية وان الخير لسورية انما هو خير للبنان". وقال حمود ان "الأخيرة أي اعادة الانتشار النهائية تكون عندما نتأكد من حل عملية السلام في الشرق الاوسط والنزاع العربي-الاسرائيلي وتوصل المجتمع الدولي والاممالمتحدة والمفاوضات الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي لجميع الاراضي العربية واعادة الحقوق العربية الى اصحابها". وأوضح "ان عملية اعادة تموضع القوات السورية التي بدأت اليوم ليست الاخيرة، وانها ستستغرق اياماً". وفي دمشق صرح وزير الاعلام السوري أحمد الحسن بأن إعادة الانتشار "تُدرج في إطار الاتفاق القائم بين الحكومتين في البلدين". ونفى "أن تكون تحت ضغوط أميركية ودولية تطالب سورية بسحب قواتها من لبنان". وشدد الحسن على أن العملية "تجرى بين الفترة والفترة وهذه هي المرة الخامسة التي تجرى فيها... وهي ليست في سياق التطورات وإنما في سياق ما اتفق عليه بين البلدين في فترة سابقة". وكذلك أصدرت قيادة الجيش اللبناني بياناً أوضحت فيه ان "اللجنة العسكرية اللبنانية - السورية المشتركة المحددة في اتفاق الطائف، عقدت في اطار مهماتها، اجتماعاً بتاريخ 21/9/2004 في قيادة الجيش في اليرزة، استعرض خلاله الجانبان الخطوات المنفذة سابقاً في ما يخص اعادة الانتشار، وتقرر متابعة تنفيذ اعادة الانتشار، وتحديد نقاط تمركز اخرى وفق الخطة الموضوعة من جانب القيادتين تطبيقاً لاتفاق الطائف على ان تتم المباشرة في التنفيذ طبقاً للجدول المقرر. وقد اكد الجانبان استمرار التشاور والتنسيق في اطار علاقات الاخوة والتعاون والاتفاقات المعقودة بين البلدين الشقيقين". وفي الوضع الميداني، جالت "الحياة" في عدد من المناطق بدءاً من الدامور وصولاً الى البقاع. ففي الدامور حيث يوجد معسكر كبير للتدريب بدا الجنود فيه مجهزين ومنتشرين في محيطه لكن لم تظهر الى الطريق اي حركة توضيب، اما في عرمون وبشامون فبدا الجنود يوضبون أشياءهم وينقلونها الى شاحنات، وأفاد بعضهم انهم تلقوا الأمر باخلاء مواقعهم لكنهم ينتظرون الأمر بالتحرك، موضحين انهم لا يعرفون التوقيت. وكذلك لم تلاحظ "الحياة" على طول الطريق الدولية الى شتورا أي حركة غير اعتيادية للآليات السورية. لكن الوكالة الوطنية للاعلام أفادت ان الجيش السوري أخلى 4 مراكز عسكرية في محلة دوحة عرمون. وكذلك ترددت انباء عن مشاهدة شاحنات محملة تسير في اتجاه الشوف. ومن المتوقع ان تشمل عملية الانتشار نحو ثلاثة آلاف جندي يعود معظمهم الى سورية، على ان يخلوا مواقع في خلدة وعرمون والدامور والمتن والشمال والبقاع ستنفذ في 3 أيام. وسيتسلم الجيش اللبناني المواقع المخلاة. ويقدر عدد الجنود السوريين الذين سيبقون في لبنان بنحو 15 ألفاً. وفي المواقف، قال الرئيس السابق الياس الهراوي بعد لقائه صفير، رداً على سؤال عما اذا كان متفائلاً؟ "تنشوف لنرى نتيجة الانسحاب الى أين سيوصل".