سيكون موضوع لبنان والقرار 1559 في صلب محادثات يجريها الرئيس الفرنسي جاك شيراك والأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان على غداء عمل اليوم في نيويورك. وأوضح مصدر فرنسي مطلع ل"الحياة" ان فرنسا أوضحت لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن، المكلف بإعداد التقرير حول لبنان، ان القرار 1559 ينبغي ألا يكون "ضربة سيف في الماء". وأضاف انه ينبغي ان يقال بوضوح في التقرير أي ظروف تم فيها تعديل الدستور في لبنان والتمديد الرئاسي الذي اعقبه، مع امكان التطرق الى ضغوط مارسها السوريون على عدد من المسؤولين اللبنانيين، وكذلك الاشارة بوضوح الى ظواهر الوجود السوري على الأرض في لبنان. وتابع انه لا بد أيضاً من ذكر وجود مبانٍ ومقار للاستخبارات السورية في لبنان، مع تضمين التقرير اقصى قدر من التفاصيل الممكنة، ليظهر بوضوح انه عندما يتكلم قرار مجلس الأمن عن "انهاء وجود القوات الاجنبية" فإنه يعني بقوة "انهاء وجود القوات السورية ولا شيء آخر". وذكر المصدر ان الادارة الاميركية موافقة كلياً على ذلك، وانها توجه رسالة بالمضمون نفسه الى انان، وان هناك توافقاً فرنسياً - اميركياً على إبقاء سورية تحت رقابة مجلس الأمن الذي سيتلقى تقارير منتظمة عما تقوم به سورية وذلك بدءاً من 2 تشرين الأول اكتوبر، موعد تقديم التقرير الأول. الى ذلك، أكد مصدر ديبلوماسي في باريس ل"الحياة" ان على مجلس الأمن وضع آلية مراقبة لتنفيذ القرار 1559، لتكون فاعليته اكبر على سورية، لأنه في غياب مثل هذه الآلية فإن الفاعلية قد تضيع. وأوضح هذا المصدر ان الموقف الاميركي يختلف عن الموقف الفرنسي بأنه يستخدم القرار 1559 لحمل سورية على الكشف عن الأموال والحسابات العراقية الموجودة لديها وايضاً مراقبة الحدود السورية - العراقية وضبط الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق وحضّ هذه الفصائل على اعلان وقف اطلاق نار خلال الاجتماع المقرر عقده في مصر. وأضاف انه اذا حصلت الادارة الاميركية على ذلك فإنها قد لا تندفع الى وضع آلية مراقبة تبقي مجلس الأمن في حال ضغط على سورية. واشار الى ان موقف فرنسا يختلف لأن هدفها يركز على القرار 1559 وهي تريد اخراج القوات السورية من لبنان لتمكينه من استعادة استقلاله وقراره. الا ان المصدر الفرنسي اكد ان الادارة الاميركية تعمل حالياً بالتنسيق مع فرنسا التي تعي مخاطر قيام الولاياتالمتحدة بمقايضة مع سورية حول لبنان. لكنه رأى ان هذه ليست هي الحال الآن، وان "واشنطن لا تثق بما تقوم به سورية من خطوات استجابة للمطالب التي وجهتها اليها، لأسباب تتعلق بطبيعة النظام السوري". وقال ان القراءة الفرنسية للموقف الاميركي تنطلق من ان الولاياتالمتحدة هي الآن في حملة انتخابية، وان الرئيس جورج بوش يحتاج الى نقض حملات تتهمه بأنه عزل اميركا عن حلفائها بما فيهم فرنسا، وان المحادثات الفرنسية - الاميركية تشير الى توافق على الموضوع اللبناني في هذه المرحلة. وأضاف المصدر الفرنسي ان دمشق تنشر اخباراً يظهر من خلالها ان الولاياتالمتحدة ستتخلى عن فرنسا وتبعث الى باريس رسائل بهذا المعنى مفادها ان من الأفضل لها ان تتفق مع سورية قبل ان يتم اتفاق اميركي - سوري يتركها منفردة. لكنه أكد ان فرنسا مدركة تماماً لما يحصل بينها وبين الادارة الاميركية في هذه المرحلة من توافق على موضوع التقرير وضرورة ابقاء سورية تحت الرقابة الدولية بعد موعد 2 تشرين الأول لحضّها على التحرك في لبنان، إلا انه اعترف بأن طبيعة آلية المراقبة "لا تزال فكرة غير محددة حتى الآن". الى ذلك، اشار المصدر الفرنسي الى ان المفاوض الأوروبي الذي زار دمشق أخيراً توصل الى اتفاق مع الجانب السوري بخصوص النص المتعلق بأسلحة الدمار الشامل، في اطار اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وقال ان سورية وافقت على هذا النص من دون أي تنازل أوروبي، ما يعني انه بات هناك اتفاق تقني، يتطلب بعد ذلك اقراره من جانب الحكومات. وعبر عن اعتقاده بأنه في ظل الظروف الحالية فإن "فرنسا ستبذل جهدها لتؤخر اقراره"، وان بريطانيا والمانيا "ستعملان بنصائح" فرنساوالولاياتالمتحدة وبالتالي فإن اتفاقية الشراكة "لن توقع في وقت قريب، أو على الأقل ليس قبل 2 تشرين الأول". واعتبر المصدر ان سورية وافقت على نص اسلحة الدمار الشامل لأنها "محرجة وتحت ضغط القرار 1559، مما يعني انها طورت موقفها". اما بشأن عقد الغاز بين سورية والشركتين الاميركية والكندية الذي كانت "توتال" الفرنسية حاولت الحصول عليه، فقال رئيس قسم التنقيب في "توتال" كريستوف دومارجوري ل"الحياة" ان عدم توقيع العقد بين سورية والشركتين "يعني ان هناك مشكلة". وعلمت "الحياة" من مصدر اميركي في الصناعة النفطية ان سورية طلبت ضمانات رسمية من الحكومة الاميركية، تحسباً لاحتمال اخضاع سورية لعقوبات دولية، لكن الحكومة رفضت اعطاء مثل هذه الضمانات، فطالبت سورية بضمانات مالية من الشركة، ولذلك لم يتم توقيع العقد بعد.