دفعت فرنسا بسورية ولبنان الى الاختيار بين اجماع على "بيان رئاسي" لمجلس الأمن وبين "قرار" يكسب أصواتاً أقل لكنه يشكل موقفاً أقوى وأكثر فاعلية. وتمسكت فرنسا بآلية مراقبة تنفيذ القرار 1559 بصورة تقارير فصلية بعدما تنازلت عن تسمية سورية بالذات عند دعوة الأطراف المعنية الى تنفيذ القرار. وطرحت فرنساوالولاياتالمتحدة أمس الخميس مشروع قرار امام اعضاء المجلس، فيما أكد السفير الفرنسي جان مارك دو لاسابليير ل "الحياة" ان فرنسا مستعدة للعودة الى القبول ببيان رئاسي إذا قرر أعضاء مجلس الأمن الموافقة عليه بالاجماع لكنها ستتوجه الى طرح مشروع القرار للتصويت إذا قرر أعضاء في المجلس أنهم غير مستعدين للاجماع على البيان. وأكد دو لاسابليير ان مشروع القرار، حسب تقدير فرنسا، سيحصل بسهولة على الاصوات التسعة اللازمة لتبنيه. وقال: "بذلنا قصارى جهدنا للتوصل الى اجماع على بيان رئاسي، وأنا وافقت على تنازلات عدة من أجل الوصول الى حل وسط. انما ليس في وسعنا التنازل عن أمر رئيسي وأساسي لتنفيذ القرار 1559 وهو آلية تقارير على أساس منتظم". وقال السفير الفرنسي مقدماً أمثلة على التنازلات "وافقت على اسقاط ذكر سورية، وعلى أخذ علم برسالة سورية الى مجلس الأمن. وتابع: "كنا نفضل الاجماع على بيان رئاسي، انما لا خيار آخر أمامنا الآن". وكان الناطق باسم البعثة الاميركية ريتشارد غرينل قال ل "الحياة" ان فرنسا هي التي أرادت القرار فيما أرادت الولاياتالمتحدة بياناً رئاسياً، لكنه أكد "اننا نفضل موقفاً قوياً بأصوات أقل على موقف ضعيف بالاجماع". وينص مشروع القرار على ثلاث فقرات عاملة هدفها إبقاء ملف القرار 1559 الذي يضع العلاقة السورية اللبنانية الثنائية تحت الرقابة الدولية ويطالب بانسحاب القوات الاجنبية وبتفكيك الميليشيات، أمراً حياً في مجلس الأمن الدولي. وحسب الفقرة الأولى العاملة في مشروع القرار، يأخذ مجلس الأمن علماً بتوصل الأمين العام في تقريره الى التصميم بأن المتطلبات الواردة في القرار 1559 لم تنفذ، ويحض الأطراف المعنية على التنفيذ الكامل لجميع بنود القرار، ويرحب باستعداد الأمين العام لمساعدة الأطراف في هذا الصدد. وفي الفقرة الثانية، يعرب مجلس الأمن عن "تقديره لاعتزام الأمين العام ان يضع مجلس الأمن في الصورة، ويطلب منه مراقبة تنفيذ القرار وتقديم تقرير حول ذلك الى مجلس الأمن على أساس فصلي". ويقرر المجلس في الفقرة الثالثة ان "يبقى ناشطاً في متابعته هذه المسألة". اتصال بين بارنييه وباول وفي باريس أكدت مصادر فرنسية مطلعة ل"الحياة" ان روسيا والصين ستمتنعان على الارجح عن التصويت على القرار الجديد، كما ان الجزائر وباكستان والبرازيل ستصوت ضدّه، اما الفيليبين فيتوقع ان ان تؤيده مما سيعني حصوله على عشرة اصوات. وأوضحت المصادر أن فرنساوالولاياتالمتحدة حاولتا الحصول على توافق على اصدار بيان رئاسي حول الموضوع، إلا أن بعض أعضاء مجلس الأمن، وفي طليعتهم الجزائر، رفضوا ذلك. وأكدت ان فرنساوالولاياتالمتحدة تخلتا عن تسمية سورية في نص مشروع القرار، نظراً إلى تحفظ عدد من الدول على ذلك، وان المهم بالنسبة إلى الدولتين هو أن يكون هناك انتظام دوري في تقارير الأمين العام، وذلك بوتيرة ثلاثة أشهر وليس سنتين كما طالب بعضهم. وأشارت إلى أن فرنساوالولاياتالمتحدة لا تزالان متمسكتين بضرورة تنفيذ سورية للقرار 1559، وان التشاور مستمر بينهما، وان هذا الموضوع كان من بين ما أثاره وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي كولن باول مساء أول من أمس. وقال مصدر ديبلوماسي أميركي ل"الحياة" إن التعاون الفرنسي - الأميركي بشأن القرار 1559 "ممتاز"، وان ليس هناك ما يوحي بوجود تباين بينهما. وأضاف ان الإدارة الأميركية تعمل في نيويورك على الخط نفسه مع البعثة الفرنسية على صعيد متابعة تنفيذ القرار 1559.