قررت الديبلوماسية الأميركية لدى الأممالمتحدة، أمس، امتحان توجهها القائم على المغامرة بطرح مشروع قرار على التصويت بلا ضمان مسبق لحصوله على الأصوات اللازمة، وذلك كوسيلة ضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وطرحت الولاياتالمتحدة رسمياً في المجلس مشروع قرارها الذي يتوعد حكومة السودان باجراءات عقابية، تشمل القطاع النفطي، ويوفد لجنة تحقيق الى دارفور فوراً للتحقق من ارتكاب ابادة جماعية هناك على أيدي ميليشيات الجنجاويد المتهمة بأنها قريبة من الحكومة السودانية. وتوجه مجلس الأمن نحو التصويت ليل أمس وسط مشاعر عامة بأن الصين قد لا تستخدم حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار، على رغم ان التعديلات الأخيرة التي اُدخلت عليه كانت مجرد تعديلات لغوية لا تمس جوهره. لكن لم يكن من الممكن تماماً استبعاد ممارسة الصين "الفيتو" لمنع مجلس الأمن من تبني القرار. وقال مسؤول أميركي، اشترط عدم ذكر اسمه، قبل التصويت "لن نسمح لنمط الاجماع بأن يتحكم"، في اشارة الى رغبة سابقة في مجلس الأمن بالتصرف على أساس اجماع اعضائه. وزاد: "بدل انتظار موافقة الدول مسبقاً على تغيير" في مشروع قرار "ستطرح المشاريع التي تتضمن ما نراه صحيحاً، ولتقف الدول وتكشف مواقفها". وأضاف المسؤول في اشارة الى موقف الصين تحديداً من مشروع قرار السودان: "إننا نفرض عليهم التصويت من خلال تقديم المشروع رسمياً، وعليهم ان يقدموا شرحاً وافياً وكبيراً" إذا منعوا المجلس من تبني القرار. وتابع ان "القصة كبيرة"، في إشارة الى خروق لحقوق الانسان في دارفور صنفتها الادارة الاميركية بأنها تدخل في خانة "الابادة الجماعية". وكانت الصين رفضت مبدأ التوعد بعقوبات في وقت تتعاون الحكومة السودانية مع الأممالمتحدة. واعتبرته مسيئاً للتعاون وللمفاوضات للوصول الى حل سلمي للنزاع في دارفور. ولم يكن واضحاً حتى المساء هل ستمتنع الصين عن التصويت مما يعني تبني مجلس الأمن القرار عند التصويت عليه فجراليوم الاحد بتوقيت لندن، أو ستستخدم الفيتو ضده. وانصبت الأنظار على موقف الصين بالذات لأنها كانت أبلغت الولاياتالمتحدة أنها ستستخدم الفيتو ضد مشروع القرار الاميركي بصيغته الاولى. وقدمت الولاياتالمتحدة تعديلات وصفها بعض اعضاء المجلس بأنها "جوهرية" مثل حذف فرض حظر الطيران العسكري على الحكومة السودانية في دارفور، وتعزيز دور الاتحاد الافريقي ورأيه في ما اذا كانت الخرطوم تتعاون معه. إلا ان جوهر مشروع القرار الأساسي، على رغم التحسينات اللغوية العديدة، بقي على ما هو عليه. ويقول مشروع القرار ان مجلس الأمن يتصرف بموجب الفصل السابع في الميثاق الملزم للدول والذي يعطي صلاحية فرض الامتثال اليه. ويعتبر مشروع القرار ان حكومة السودان لم تنفذ تماماً التزاماتها بموجب القرار الاخير للمجلس الرقم 1556 وتعهداتها الى الأمين العام كوفي أنان، ويلمح الى انها متورطة بعمليات انتهكت حقوق الانسان في بعض القرى بالتعاون مع ميليشيات "الجنجاويد". ويتوعد مشروع القرار حكومة السودان باجراءات ضدها إذا لم تتعاون تعاوناً كاملاً وتقبل "بتعزيز" عدد المراقبين التابعين للاتحاد الافريقي وتوسيع ولايتهم. ويطالب المشروع حكومة السودان بتقديم اسماء اعضاء ميليشيات "الجنجاويد" الذين جردتهم من السلاح واولئك الذين ارتكبوا خروقات للقانون الانساني الدولي. ويطلب من الأمين العام ايفاد لجنة تحقيق دولية للتأكد مما إذا وقعت عمليات ابادة جماعية في دارفور لتعريف من هو المسؤول عنها. وهدف هذه الفقرة وضع الارضية اللازمة لمحاكمات لاحقة. ويمهل المشروع حكومة السودان حتى مطلع الشهر المقبل لاثبات تعاونها وامتثالها للمطالب. وينص على ان في حال فشلها في الامتثال والتعاون في تعزيز وتوسيع فريق المراقبين في دارفور، سسينظر مجلس الأمن في اجراءات اضافية واردة في الفقرة 41 من الميثاق "اجراءات تؤثر في القطاع النفطي للسودان وفي حكومة السودان وأفراد فيها"، لضمان الامتثال والتعاون. واضافت ا ب المانيا أمس صوتها الى صوت الولاياتالمتحدة واعتبرت ان ما يحصل في دارفور "ابادة جماعية".