هل يكون لفوز فنان عربي بجائزة عالمية الوقع نفسه على الجمهور حينما يفوز بجائزة عربية؟ وهل الجمهور العربي يصدّق او يؤمن بأن المهرجانات الفنية العربية لا تقل من حيث المستوى عن المهرجانات الفنية العالمية؟وهل مشاعر الفنان العربي الذي يفوز بالجائزة العالمية متساوية مع مشاعره عندما يفوز بجائزة عربية؟ إن الفنان العربي والجمهور العربي، على حد سواء، يعرفان ان ثمة فارقاً بين خلفيات المهرجانات والجوائز العربية، وخلفيات المهرجانات والجوائز العالمية. ومهما يكن المهرجان العربي متقناً وضخماً ومهماً فإن شكوكاً عدة ترتسم حول نتائجه التي قد تكون غاية في الصدقية والاخلاص، فالعادة جرت ان نعتقد بحصول ملابسات ومداخلات و"ديبلوماسيات" حتى في المهرجانات التي قد لا تسمح بحصول ذلك. نقول هذا الكلام لمناسبة فوز المطربة التونسية لطيفة بجائزة مهرجان الموسيقى العالمية" وورلد ميوزيك آووردز، في دورته الخامسة عشرة، عن أغنيتها "ما تروحش بعيد" وألبومها الذي يحمل العنوان نفسه... والجوائز في هذا المهرجان تعطى قياساً بمستوى مبيع الكاسيت، ما يعني ان الجمهور هو المقرر، ليس الجمهور المتصل في برنامج تلفزيوني "الجمهور الذي يصوت في رسائل هاتفية"، بل الجمهور الذي يقصد محال الكاسيتات ويبتاع الألبوم الذي يرغب به وليس في بلد عربي بعينه، بل في كل البلاد العربية وفي العالم ككل. مرّتان، قبل لطيفة، اعطيت الجائزة لفنانين عرب: المرة الأولى للمطرب عمرو دياب، والثانية للمطربة سميرة سعيد، وبذلك تكون "جائزة الموسيقى العالمية" ذهبت الى مصر اولاً، ثم الى المغرب، والآن الى تونس في توجه على ما يبدو، الى تغطية بلدان عربية عدة. انه "أفضل عمل عربي عن منطقة الشرق الاوسط" كما تقول الجائزة التي نالتها اغنية "ما تروحش بعيد" والألبوم ككل. ولم تعرف ما هي الاغاني وكم هي الألبومات العربية التي شاركت في المهرجان، كما لم تعرف من هي لجنة التحكيم التي قيل انها مشكّلة من كبار الفنانين العالميين في الموسيقى. وصل الخبر هكذا: المطربة لطيفة تفوز بجائزة "الموسيقى العالمية" عن الشرق الاوسط. لا شك في ان لطيفة فازت، خلال تجربتها الغنائية، بجوائز عربية كثيرة سواء في الفيديو كليب ام في الاحتفالات الكبرى... لكن جائزة عالمية بهذا القدر لم تطرق بابها. والجائزة مدعاة فخر لها طبعاً لا لمجرد انها عالمية وإنما لمجرد انها جائزة تعطى لمن يستحق، فلطيفة كما تقول في استمرار لا تبحث عن الجوائز بقدر ما تبحث عن تقديم افضل ما عندها غنائياً لجمهور "تحترمه وتحبه وتخلص له"... هذه الكلمات الثلاث لها من مقابلة تلفزيونية اخيرة. ومع ان العارفين بأمور المهرجانات الفنية العالمية، وحتى الجوائز الادبية العالمية لا يبرئون مهرجاناً أو جائزة من خلفيات ومصالح، فإن اعتماد الارقام، ارقام المبيعات المفصّلة والموثقة في مهرجان الموسيقى العالمية يعطيه شأناً خاصاً أبعد بكثير من شأن اي مهرجان آخر، ولهذا فإن المطربة لطيفة وهي تستقبل التهنئة بجائزتها، تنظر الى المغنية الكندية سيلين ديون التي فازت في المهرجان نفسه بالجائزة الماسية "كأكثر الفنانات مبيعاً" وتتمنى ان تصل في يوم من الايام الى الحصول على الرقم القياسي الذي حصلت عليه سيلين وهو مبيع مئة مليون ألبوم في خلال مسيرتها الفنية كاملة، علها تتجاوز الارقام المتواضعة جداً التي تبيعها ألبومات اي فنان عربي في حياته الغنائية تجاه الفنانين العالميين. على محطة "مزيكا" التلفزيونية سيشاهد الجمهور العربي المطربة لطيفة تغني وتتحدث وتشرح مشاعرها تجاه فوزها بالجائزة العالمية. حبذا لو تستطيع لطيفة الحصول على "النظام الداخلي" لمهرجان الموسيقى العالمية فتوزعه على عدد من لجان تنظيم المهرجانات الفنية العربية أملاً في تطوير ذاتها وتكوين ثقة بين تلك المهرجانات من جهة، والفنانين والجمهور من جهة ثانية. لطيفة، بعد سميرة سعيد وعمرو دياب، هذه الجائزة ستلفت لا محالة نظر الفنانين العرب اكثر فأكثر شرط الا يعتقد أحد منهم انه، بمجرّد حصوله عليها، سيصبح "عالمياً"!