كثّفت القاهرة جهودها لإعادة بناء أجهزة الأمن الفلسطينية وتضييق الهوّة بين مواقف الفصائل الفلسطينية المختلفة بهدف الاتفاق على برنامج وطني يهيئ الأجواء لاتمام الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة. وواصل وفد أمني فلسطيني رفيع المستوى لقاءات مع مسؤولين مصريين فيما استعدت القاهرة لاستقبال ممثلين عن خمسة فصائل فلسطينية الاسبوع المقبل هي "فتح" و"حماس"، و"الجهاد"، و"الجبهة الشعبية"، و"الجبهة الديموقراطية". وستجري القاهرة حوارات منفصلة مع هذه الفصائل للاتفاق على مشروع البرنامج الوطني وتحقيق توافق حوله، قبل أن يتحول الحوار إلى حوار فلسطيني - فلسطيني بمشاركة مصرية. واستقبل وزير الداخلية المصري حبيب العادلي أمس الوفد الأمني الفلسطيني الذي يترأسه وزير الداخلية حكم بلعاوي. وقال بيان رسمي مصري إن اللقاء "بحث في أوجه التعاون بين الشرطة الفلسطينية وأجهزة الأمن المصرية ودعم العلاقات الثنائية في مجال تدريب الكوادر الأمنية المختلقة و"تأهيلها للعمل في المجالات الأمنية كافة". وأعلن بلعاوي أن 45 ضابطاً من الشرطة الفلسطينية سيصلون الى القاهرة السبت لتنفيذ تدريب يستمر من ستة إلى عشرة أسابيع، مشيراً إلى أن إعادة بناء أجهزة الأمن "جاءت بمبادرة مصرية". وتوقع أن تنعكس تلك الجهود ايجابياً على العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية، وقال: "من الممكن للأجهزة الأمنية ضبط الأوضاع خصوصاً في غزة التي سيبدأ العمل المكثف فيها باعتبار أن الاحتلال سينحسر عنها أولاً كما يقول الإسرائيليون". وأشار بلعاوي إلى أن اللقاءات الأمنية المصرية - الفلسطينية التي بدأت أول من امس وتنتهي غدا "هي بداية لمرحلة الحوار الفلسطيني - الفلسطيني"، مؤكداً أن نتائج هذا البرنامج "ستظهر في غضون ثلاثة أشهر بعد الانتخابات الأميركية بحيث يمكن للعالم أن يرى ويعي ويدرك أنه سيكون هناك كيان وطني فلسطيني متكامل سياسياً وأمنياً". وأكد أنه لمس عزم مصر على إنجاح هذا البرنامج بكل قوة، بحيث يتوج الأمر في النهاية برأي عام دولي متماسك وقوي يقود إلى قيام دولة فلسطينية حسب قرار مجلس الأمن، مشدداً على أنه في المقابل يجب أن يقابل هذا بالتزام حقيقي من جميع الفصائل الفلسطينية. وأضاف أن مصر تحرص على أن يتم هذا الحوار على أرضية الالتزام بوجود سلطة وطنية واحدة وقرارات واحدة ملزمة للجميع وللفصائل وباتفاق معلن: "ستكون هناك خريطة سياسية واحدة لسلطة فلسطينية واحدة يلتزمها الجميع ويشاركون فيها بمسؤولية واعية". واشار إلى أن الأجهزة الأمنية لن تشارك في الحوار الفلسطيني المزمع عقده في القاهرة وليست لها علاقة به، موضحاً أن دورها "ستكون له علاقة بتنفيذ ما يتوصل إليه الحوار من قرارات سياسية وإلزام الجميع بها وفرض سيادة القانون وعدم الاخلال بالوضع والنظام العام". وعما إذا كانت هناك محادثات على المستوى الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أوضح بلعاوي أن مصر "يهمها أيضاً أن تكون للفلسطينيين علاقات مع الإسرائيليين، وهي كما في موضوع الأمن، تساهم في ذاك المضمار وتعمل على ترتيب لقاءات مع الإسرائيليين توفر الحد الأدنى من التعاون ثم تتطور سواء على المستوى الأمني والسياسي، وتنمو تدريجياً على أرضية الوصول إلى تنفيذ خريطة الطريق". وأكد وزير الداخلية الفلسطيني حرص مصر على وقف متبادل لإطلاق النار ومطالبتها بضرورة إرسال مراقبين لمراقبة ذلك حتى تبدأ عملية الانسحاب التدريجي وبدء المفاوضات الجادة. ويتوقع أن يقوم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات عمر سليمان بزيارة لإسرائيل الاسبوع الأول من الشهر المقبل. وذكرت صحيفة "الأهرام" أن الاثنين سيجتمعان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون ويبلغانه أن الجهود المصرية "لا يمكن أن تنجح ما لم يكن الانسحاب الإسرائيلي من غزة خطوة نحو تنفيذ خريطة الطريق وشرط أن يكون الانسحاب كاملاً وان تتخلى إسرائيل عن سياسة إغلاق المنطقة الفلسطينية، وأن يبقى قطاع غزة مفتوحاً، وان يتم تشغيل ميناء غزة البحري، وان لا يعود الجانب الإسرائيلي إلى احتلال هذه المناطق".