نشرت أمس في موسكو تفاصيل مثيرة حول المفاوضات التي جرت مع الارهابيين في مدرسة بيسلان، قبل المأساة التي رافقت انتهاء احتجاز اكثر من 1200 رهينة معظمهم من الاطفال. وتم الكشف عن رسالة وجهها الخاطفون الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضمنت مطالبهم، كما اتضح ان الارهابيين كانوا ينوون تنفيذ حكم الاعدام داخل المدرسة بعدد من المسؤولين الروس الذين اصر الخاطفون على حضورهم بحجة ادارة المفاوضات. "من عبدالله شامل باسايف الى فخامة الرئيس فلاديمير بوتين". هكذا بدأت الرسالة التي تضمنت خمسة بنود طرحها الارهابيون واشترطوا على السلطات الروسية تنفيذها قبل الافراج عن الرهائن. وكشف عضو مجلس الدوما البرلمان الروسي الكسندر خينشتين امس تفاصيل مروعة حول سير المفاوضات، وقال في مقال نشرته صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" ان المجموعة الارهابية "رفضت منذ اللحظات الاولى ابداء اي مرونة في ما يتعلق بتزويد الرهائن الطعام او الشراب"، وأضاف ان "عمليات اعدام بعض الرهائن بدأت منذ اليوم الاول للعملية، اذ اطلق الخاطفون الرصاص على طفلين ورموا جثتيهما من احدى النوافذ بعدما امهلوا السلطات المختصة عشر دقائق لاعادة التيار الكهربائي الذي قطع عن المدرسة، ثم قتل طفلان آخران بالطريقة نفسها عندما قطعت الاجهزة المختصة وسائل الاتصال الهاتفي في المنطقة، وهدد الارهابيون بقتل طفلين كل عشر دقائق "اذا استمرت ألاعيب الاجهزة الامنية". وكشف خنشتين ان مفاوضات هاتفية بدأت في وقت مبكر صباح اليوم الثاني للازمة وأجراها بالنيابة عن المركز الفيديرالي رجل اعمال قوقازي الاصل هو ميخائيل غوتسيريف الذي يمتلك خبرة في التعامل مع حالات مماثلة، فيما خاض المفاوضات عن الارهابيين شخص اسمه "شايخو" يعتقد انه روسي. وطرح الخاطفون مطلباً محدداً في البداية وهو حضور اربعة اشخاص هم: رئيسا انغوشيتيا وأوسيتيا الشمالية اضافة الى مستشار الرئيس الروسي اصلان بيك اصلاخانوف وطبيب الاطفال ليونيد روشال. وتبين ان الارهابيين كانوا ينوون اعدام الاربعة داخل المدرسة بسبب اتهام المسؤولين الثلاثة بالعمالة لموسكو فيما يتهم روشال بأنه استغل مشاركته في مفاوضات جرت خلال احتجاز رهائن في مسرح روسي قبل عامين ونقل معلومات الى الاستخبارات الروسية. ودلت المعلومات الجديدة حول سير المفاوضات الى ان الارهابيين رفضوا كل العروض التي قدمتها الاجهزة الروسية وبينها توفير ممر آمن لهم او استبدال الاطفال بنحو 31 معتقلاً لدى موسكو. وأصر الخاطفون على دخول المطلوبين الاربعة معاً الى المدرسة وهددوا بإطلاق النار على اي شخص آخر يقترب الى مسافة تقل عن ثلاثين متراً. وكادت المفاوضات تصل الى حائط مسدود لولا ظهور الرئيس الانغوشيتي السابق رسلان اوشيف الذي وافق الارهابيون على تسليمه رسالة بمطالبهم من دون الحديث معه. وشكلت الرسالة التي نقلت على وجه السرعة الى موسكو مفاجأة للجميع، اذ تبين انها حملت توقيع "عبدالله شامل باسايف" وكانت معنونة "الى فخامة الرئيس فلاديمير بوتين". ويعد هذا الكشف اول دليل علني يثبت تورط باسايف في العملية، بعدما كانت السلطات الروسية اكدت ذلك اكثر من مرة من دون الاعلان عن ادلة تثبت اتهاماتها، وتضمنت الرسالة خمسة بنود هي: 1- اصدار رئيس الدولة مرسوماً بإنهاء العمليات العسكرية في الشيشان. 2- اصدار قرار رئاسي بسحب القوات من الجمهورية الشيشانية. 3- اعلان انضمام الشيشان كجمهورية سيادية الى عضوية رابطة الدول المستقلة. 4- تضمن الشيشان بقاءها ضمن منطقة التعامل بالروبل ما يعني علاقات اقتصادية خاصة بين الشيشان وموسكو تنسحب على المشاريع النفطية في الشيشان. 5- يتم ادخال قوات حفظ سلام تابعة لرابطة الدول المستقلة الى الشيشان ومناطق اخرى في شمال القوقاز. ويشير خنشتين الى ان المطالب اوضحت ان الارهابيين رسموا مخططهم بدقة ودرسوا كل الاحتمالات وهو ما اتضح خلال احدى المحاورات مع "شايخو"، اذ رد على اقتراح بعقد مفاوضات مباشرة بالقول: "لم نأت الى هنا للتفاوض او للمساومة. إما كل الطلبات او نموت مع الاطفال هنا". وحول اقتحام المدرسة اشار خنشتين الى انه جرى من دون ترتيب مسبق، وقال ان لغماً انفجر قرب المدرسة دفع الارهابيين الى الاعتقاد بهجوم عليهم. وفي آخر مكالمة هاتفية مع الارهابيين حمّل "شايخو" الكرملين مسؤولية نتائج العملية الدموية، فيما لم تنجح محاولات اقناعه بأن موسكو لم تبدأ هجوماً.