لم يكن اختيار طارق كامل لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحكومة الحالية مفاجأة للغالبية، فهو تكنولوجي بارز وعمل مستشاراً لوزير الاتصالات السابق أحمد نظيف رئيس الوزراء الحالي ما يعني أن كامل أحد صُناع القرار التكنولوجي منذ بدء عمل أول وزارة في المجال في تشرين الاول اكتوبر 1999. ويعتبر كامل في حديث الى "الحياة" مهمته "حتى الآن سهلة" فهو يستكمل بناء صروح الاعوام الماضية لكنه يرى أن تلك المهمة ستكون بالغة الصعوبة على المدى المتوسط كونه مطالب بإضافة الجديد في القطاع الذي يتطور بصورة كبيرة. وتطرق كامل إلى موضوع شبكة النقال الثالثة "المؤجلة" معتبراً أن "الشبكة رهن بالجدوى الاقتصادية لها ما يعني إمكان تأسيسها في أي وقت ولسنا مرتبطين بفترة التمديد للشركتين القائمتين حتى سنة 2007. وفي ما يأتي نص الحديث: هل تولي الدكتور أحمد نظيف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق رئاسة الحكومة يضيف عليك مسؤوليّة أكبر مقارنة بباقي الوزراء؟ - حقيقة تولى الدكتور نظيف الحكومة هو تكريم لقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لأنه للمرة الأولى يتولى شخص من القطاع رئاسة وزراء مصر ما يدل على قناعة القيادة السياسية ودعمها للقطاع وتقديرها للانجازات التي تمت، إضافة الى هذه الانجازات هناك نموذج ناجح طُبِق في الاعوام الخمسة الماضية. وتعني ترقية الوزير السابق أحمد نظيف "نموذج مشاركة مجتمعية وتعاوناً مع القطاع الخاص والمجتمع المدني بشفافية عالية وانجازاً محلياً ودولياً، هذا النموذج نسعد به في القطاع وهو الذي يجعل الانجاز يظهر بصورة مشرفة داخلياً وخارجياً". اذاً كيف ترى مهمتك بعد نجاحك كمستشار للوزير سابقاً وتوليك الوزارة حالياً؟ - أتذكر انه في أول اجتماع ضمَّني وزملائي في الحكومة، خصوصاً الشباب منهم، أكدت أن مهمتي في البداية هي الأسهل بين المهمات الأخرى لأنني تسلمت المسؤولية بعد سياسة ناجحة جداً لوزير كفء بل وأصبح نجماً يحتذى به، بالتالي أنا في البداية استكمل رسالة للمسيرة، لكن على المدى المتوسط ستكون المهمة صعبة جداً لأنني مُطالب بإضافة شيء ملموس وبرامج جديدة ومشاريع جادة، أدعو الله أن يساعدني في إتمام مهمتي في ظل تعاون جاد مع القطاع الخاص والقطاع المدني ولا شك أن وجود الدكتور نظيف على رأس الحكومة يعطيني دفعة وفرصة للرجوع إليه في بعض الأمور الاستراتيجية التي في حاجة الى توجيه. لكن يرى البعض أن الوزارة ما زالت تعمل تحت عباءة الدكتور أحمد نظيف حتى بعد توليه رئاسة الحكومة؟ - يمكنني القول إن من سمات الدكتور نظيف لدى توليه وزارة الاتصالات أنه عندما يثق في شخص يعطيه مساحة حركة كبيرة جداً ويعطي توجيهات عامة لا أكثر ولا أقل، فيما عدا ذلك نعمل وما يتفق مع فكر الوزير. تلك السياسة كانت سبباً مهماً في تحقيق نجاحات عدة اثناء تولي الدكتور نظيف الوزارة بسبب مساحة الحركة التي أعطاها لنا، واذا كان الأمر كذلك وأنا مستشار الوزير فما بالك وأنا وزير في مجلس الوزراء نتفق على سياسة عامة في قضية ما مثل مبادرة مجتمع المعلومات المصري ثم نأخذ الفرصة كاملة في الاضافة والتطوير، هذا هو الدكتور نظيف وهذا هو أسلوب العمل معه. هل سيلقي القطاع التكنولوجي إهتماماً أكبر من القطاعات الاخرى في الوزارة الحالية ومتى تلجأ الى الدكتور نظيف؟ - الواقع يقول إن برنامج التحديث الذي أعلنه الدكتور نظيف عقب تكليفه منصب رئيس الوزراء يحوي عشرة مكونات ليس بالضرورة أن يكون قطاع تكنولوجيا المعلومات أول مكون في العشرة. هناك الاصلاح الاداري، تطوير النشاط الاقتصادي، تطوير التعليم، ضبط الأسواق، ترسيخ الحياة السياسية، تطوير المؤسسات، فالمكون الخاص بمبادرة مجتمع المعلومات المصري من بين أهداف الحكومة الأساسية، وبالتالي مساحة الوقت المعطاة لنا كوزارة اتصالات ومعلومات حاسمة وفي حاجة الى جهد كبير، فما بالك بالمكونات الأخرى التي تشغل بال رئيس الوزراء ذلك يعني أن كل القطاعات ستكون متساوية في الاهتمام عند رئيس الوزارة ما ينعكس ايجاباً على المواطن الذي هو مهمتنا جميعاً، اضف الى ذلك أن هناك أموراً تخص دستورياً كلاً من رئيس الوزراء ووزير الاتصالات، فالأول له سلطات إصدار قوانين معينة وتعيينات لبعض مناصب حتى داخل الوزارة، وهناك تنظيم من القانون، سواء قانون الاتصالات أو هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات أو إنشاء الهيئة القومية للبريد أو القوانين التي تحكم عملنا تفرض علينا التعاون والتنسيق، لكن بصرف النظر عن القوانين هناك الجانب الشخصي في العلاقة وهو أمر نعتز به وصدقني القول نحن الذين نلجأ لرئيس الوزراء طلباً للمشورة والاسترشاد بالرأي. العلاقة أحترم تماماً ما تفضلت به لكن أنا انقل بأمانة ما تشعر به فئة من الناس في شأن العلاقة بينك وبين رئيس الوزراء! - العلاقة محترمة جداً، فهو مثل أعلى بالنسبة لي، وفي ما يتعلق بموضوع التحكم والسيطرة وما يردده البعض فأؤكد أن هذا الموضوع ليس له أي تأثير ويفتقد كل المعايير، فطبيعة الحركة في القطاع سريعة الايقاع، فبعد شهرين أو أكثر ترى أفكاراً جديدة واقتراحات عدة ومشاريع ومبادرات وأحلام كنا نحلم بها سوياً داخل الوزارة التي شعرنا مع الدكتور أحمد نظيف بالاحترام والتقدير. وسيظل هذا الاحترام قائماً. بخصوص ذكر الحلم... ما حلمك القائم حالياً؟ - أتمنى عمل مبادرة قوية للمحتوى الالكتروني العربي بالتعاون مع المجتمع المدني، واتحاد الناشرين المصريين واتحاد الناشرين العرب مع شركات القطاع الخاص التي تعمل في المجال، ونحن نحضّر لهذا الموضوع بجدية حالياً. في الفترة الماضية ركّزنا على الاستثمار في البنية التحتية سواء على مبادرة الانترنت المجاني وحاسب لكل بيت أو نوادي تكنولوجيا المعلومات أو الانترنت فائق السرعة، وسنُكْمل كل هذه المشاريع ونضاعف الأرقام والأعداد حتى لا يفهمنا البعض خطأ، لكن تمنينا سوياً أن تكون هناك مبادرة قوية للمحتوى الالكتروني العربي بالتعاون مع المجتمع المدني تفعيلاً لمجتمع المعرفة، وستعلن المبادرة قبل نهاية السنة. هل سينضم المجتمع المدني العربي الى تلك المبادرة؟ - أولاً سنبدأ بمصر ومع القنوات التلفزيونية الخاصة ثم نطور الأمر في البعد الاقليمي، ونحن نعرف أن مصر رائدة مجال المحتوى الفكري سواء من كتب أو صناعة سينما، وآن الآوان لتفعيل ذلك الكترونياً وعلى نطاق واسع وباللغة العربية والتجربة في مصر مثل الانترنت المجاني وتجارب القيمة المضافة تسمح لنا بانجاز ما نتمناه في الفترة المقبلة. وقت كنت مستشاراً لوزير الاتصالات والمعلومات هل كنت متحفظاً على قرارات أُتخذت أو تمنيت أن تُنجز مشاريع تباطأ العمل بها؟ - لا جدال في ذلك، لكن في إطار سياسة الوزارة وكما قلت هناك تناغم حقيقي بين الوزير ومجموعته بالتالي ما نتمناه هو ايضاً كذلك، وهناك مشاريع كان الوقت غير مهيأ لتنفيذها مثل مبادرة المحتوى الالكتروني، التعاون مع الجامعات المصرية لتطوير المناهج في كليات الحاسبات والمعلومات وكليات الهندسة وتحدثنا كثيراً في هذا الأمر في السنوات الماضية وحان الوقت ان نعمل اضافة بارزة في هذا الإطار حالياً، وتفعيل هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات لتنمية الصادرات مستقبلاً وكذلك تفعيل قانون التوقيع الالكتروني، علماً أن المشروع الأخير نحلم به منذ عام 2000 لكن لم يُصدر إلا في نيسان ابريل 2004، وحالياً لا بد من تفعيله وتنفيذه وتطبيقه في قطاع الأعمال وشركات التأمين والقطاع المصرفي وعلى مستوى الحكومة، فهناك كثير من الأمور التي حلمنا بها مثل عمل طفرة في الريف للخدمة الهاتفية وإدخال تكنولوجيات جديدة مثل "سي دي أم ايه" التي تُطبّق في المصرية للاتصالات حالياً وتحرير الخدمات بالكامل طبقاً لقانون الاتصالات، ومنها الخدمة الدولية، وأعتقد أن توقيت كل هذه المشاريع سيكون 2005. شبكة النقال الثالثة موضوع الشبكة الثالثة للنقال والجدل الذي دار في شأنها سابقاً... ماذا عن هذا الموضوع، هل أنت مع تمديد فترة عمل الشركتين القائمتين لسنة 2007 بعدها يسمح لرخصة ثالثة أم ماذا؟ - لا شك أنني موافق على قرار تأجيل الرخصة الثالثة للنقال وقت اتخاذه كونه يتوافق مع وجهة نظر الجدوى الاقتصادية لكنني اقول بأمانة في شأن التمديد لسنة 2007 أنه لا حظر على إقامة شركة ثالثة في أي وقت حين تتوافر الجدوى الاقتصادية وحين نتأكد من خلال الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات من الجدوى المناسبة التي لو توافرت لن يكون هناك حظر على الدولة إقامة الشبكة الثالثة للنقال في أي وقت سواء بنظام "جي اس أم" أو بنظام ال"سي دي أم ايه"، لكن أحلامنا نراها في إضافة أفكار وخدمات جديدة للمواطن. أحلامنا تقول عايزين نضيف لمصر وندخل أفكار جديدة، مشاريع جديدة، اقتراحات جديدة، ونأمل بأن تكون في بلادنا شبكة من الجيل الثالث، فهناك تجارب في هذا المجال في بعض الدول العربية ونحن في مصر ندرس الموضوع "دخول الجيل الثالث" في 2006-2007 وذلك حسب الدراسة والجدوى الاقتصادية، لكنني أؤكد أن قرار التأجيل الذي صدر في منتصف 2003 بالنسبة للشبكة الثالثة صائباً، لكن ليس هناك حظر على دراسة اقامة شبكة، وهذا حق جهاز تنظيم الاتصالات وقت التأكيد على الجدوى الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية التي يمكن الاستثمار فيها. شريحة دخلها على قدها! لكن ألا تعتقد أن طرح المصرية للاتصالات أخيراً سندات بقيمة بليوني جنيه بعد تأجيل غير مرة يعطي انطباعاً بأن السوق باتت جيدة ما يستدعي طرح شبكة نقال ثالثة؟ - لا اتفق معك، لأنه عند طرح سندات في السوق فهي رهن اقبال فئة معينة، في المقابل وبنظرة الى سوق النقال في البلاد نجد أن عدد المشتركين وصل الى 6.6 مليون مشترك، وسنبدأ في دخول شرائح جديدة من المجتمع قوتها الشرائية مهما كانت محدودة جداً، وهذا ننظر اليه من انخفاض المتوسط الشهري لدخول الفرد، فالموضوع له علاقة بالقوة الشرائية للشريحة التي تستهدفها خلال الفترة المقبلة وليس بالضرورة ان تكون هي الشريحة نفسها التي تشتري سندات المصرية للاتصالات، لأن الشريحة كما يقال بالعامية "دخلها على قدها" ولا يمكن أن تكون مستهدفة في سندات بقيمة بليوني جنيه، لكنها مُستهدفة في حال طرح شبكة ثالثة بنظام "جي أس أم"، لكن لو فكرنا في شبكة للجيل الثالث للنقال، فطبيعي مخاطبة شريحة من يقبلون على سندات المصرية للاتصالات لان هناك خدمات جديدة مرتبطة بتكنولوجيا جديدة متطورة جداً، ذلك يعني أن الموضوع يخضع لدراسة متأنية من الجدوى الاقتصادية للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وأنا أتابع الأمر عن كثب، ووقت ما يكون التوقيت مناسباً سنأخذ القرار. هل التوقيت المناسب يخضع لعوامل داخلية أم خارجية؟ - يخضع لعوامل عدة، جزء منها داخلي من دخول المستثمر الجيد القادر على فتح استثمارات في المجال، وتقديم الخدمات الجديدة المبتكرة غير المكررة التي تقدمها الشركات القادمة، الشريك الاستراتيجي الاجنبي الذي يمكن نقل الخبرة، وهذا أمر نطالب به لنقل الخبرة إلينا، علماً أن الشركتين القائمتين شارك فيهما بكفاءة كل من "أورانج" و"فودافون" ما ساعد في عمل الطفرة الحالية. إضافة الى العوامل الاقتصادية الداخلية. لكن هناك دولاً عربية أقل كثافة سكانية من مصر أقرت دخول شبكة ثالثة للنقال. ما تعليقك؟ - نعم لكل دولة ظروفها حسب نظام القطع المحلية والوضع الاقتصادي الداخلي ما يؤثر على الجدوي. الاحتكار قطاع الاتصالات الاستثناء الوحيد من تطبيق قانون الاحتكار، ما مبرر ذلك من وجهة نظرك؟ - المبرر هو أن قطاع الاتصالات صدر له قانون خاص الرقم 10 لعام 2003 وهو قانون عصري للاتصالات وانشأه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ذلك لا يدعو أن يتعرض قانون الاحتكار للقطاع الذي يخضع لقانون خاص. ذلك يعني أن جهاز الاتصالات يقوم بدور قانون الاحتكار؟ - نعم ومجلس إدارة الجهاز وضع القواعد العامة للاحتكار في هذا المجال، أضف الى ذلك ان شركات الاتصالات في البلاد عملاقة وكبيرة وبالتالي لا أستطيع تطبيق نسب الاحتكار التي أطبقها في خدمات أخرى حرفياً، ونرى أن غالبية دول العالم فيها شركتان أو ثلاث في النقال ومن ثم لا يمكنني تحديد نسبة أي شركة في السوق لا تزيد على 33 في المئة وان زادت يبقى احتكاراً، مثلاً كما هو في خدمات أخرى، لأن القواعد التي تحكم عمل القطاع مختلفة تماماً عن بقية القطاعات لأن استثماراته متخمة جداً. ما مدى رضاك كوزير عن اداء الشركتين القائمتين في مجال النقال؟ - الإطار والقانون يحكمه توزيع الأدوار بوضوح، وهذا نموذج ناجح في قطاع الاتصالات، الوزارة تضع سياسات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ينظم ويراقب ويرخص للشركات ويقوم بقياسات دورية للخدمة المقدمة وشركات القطاع الخاص أو الحكومية تؤدي الخدمة المطلوبة، وهناك شركات مصرية بات لها بُعد اقليمي بعدما نقلت خبرتها من مصر إلى دول عدة.. وتخضع عملية الجودة لقياسات دورية من جهاز الاتصالات اسبوعياً من خلال تقارير مهمة.. مع بعض توجيهات من الجهاز للشركات. ذلك يعني أن هناك اتفاقاً تاماً بين الجهاز والشركتين القائمتين؟ - ليس تماماً، هناك خلافات في الرأي بينهما من آن لآخر لكن هناك اتفاقاً في النهاية.