بدأ الاهتمام الجاد بمجال الاتصالات والمعلومات في مصر في تشرين الأول أكتوبر عام 1999 بتأسيس أول وزارة في هذا المجال. تلك الوزارة بذلت جهوداً فائقة حتى اصبحت سوق الاتصالات في مصر واحدة من اسرع الاسواق نموا في العالم، إذ بلغ معدل النمو في العام الماضي 17 في المئة. كما ان مصر أصبحت، بفضل مشاركة القطاع الخاص للحكومة في تطوير البنية التحتىة، مركزاً اقليمياً رائداً بين دول المنطقة. وأنجزت مصر استراتيجية في السنوات الاخيرة للنهوض بسوق الاتصالات وذلك بتحرير الانترنت والتليفون المحمول والخدمة التليفونية العامة، وأثبتت مدى التأثير الايجابي للتعاون بين القطاع الخاص والحكومة في رواج هذه الخدمات وزيادة معدلات انتشارها بين المواطنين مع الانخفاض المتواصل في تعرفة استخدامها. وانضمت مصر أخيراً الى اتفاقية التجارة الحرة في مجال خدمات الاتصالات، وتقوم بفتح سوق اكثر منافسة في مجال المحمول من خلال دخول شركة ثالثة للمحمول، اضافة الى الشركتين القائمتين حالىاً. كما انها ستفتح السوق الخاصة بانشاء شبكات التليفون الثابت وتقديم الخدمات الاساسية في توفير خدمة الانترنت مجاناً الى المواطنين في منازلهم. "الحياة" التقت وزير الاتصالات والمعلومات الدكتور احمد نظيف للحديث عن محاور العمل في هذا المجال خلال الفترة المقبلة: ما شعاركم في سنة 2003 بالنسبة الى قطاع الاتصالات؟ - سنة 2003 ستكون عام الريف المصري تليفونياً وبعد أن وصلت كثافة التليفونات فيه الى تليفون واحد لكل 25 فرداً اتوقع رفع هذا المعدل في غضون 5 اعوام ليصبح مماثلاً للقاهرة التي يبلغ معدلها نحو تليفون لكل 5 افراد. اضافة الى رغبتنا الكاملة في تعميم مبادرة حاسب لكل منزل في جميع المناطق بعد ان تجاوزت معدلات الحجز في المشروع نحو 300 جهاز يوميا بما يعني امكان اضافة 100 ألف حاسب في هذه المبادرة قريباًَ، وأعتقد أن هذا الرقم سيتزايد نظراً الى الاقبال الكبير على المشروع. هل رصدتم مبالغ معينة للقضاء على قوائم الانتظار؟ - نعم رصدت الشركة المصرية للاتصالات 4 بلايين جنيه للقضاء على قوائم الانتظار بعد أن بلغ عدد السنترالات المفتوحة للتعاقد الفوري في القاهرة 47 سنترالاً من بين 50 سنترالاً، وسيتم فتح الباقي تباعا ليكون آخرها سنترال المرج الذي سيتم فتحه بمجرد انتهاء اعمال شبكة الصرف الصحي والأعمال الفنية. وقررنا مضاعفة التركيبات الجديدة التي تتم في ريف وصعيد مصر بنسبة 300 في المئة وتوجيه معظم الاستثمارات التي تضخها الشركة المصرية للاتصالات في هذه التركيبات الجديدة، مع التركيز بصفة خاصة على المناطق الفقيرة والمحرومة من الخدمة التليفونية. وبالنسبة الى القاهرة تقرر وحتى سنة 2006 تنفيذ عدد من المشاريع الجديدة في المحافظة اضافة إلى نحو 600 ألف خط تليفوني جديد باستثمارات 1.7 بليون جنيه بحيث يمكن لأي مواطن تركيب خط تليفوني أو أكثر فوراً وبالتقسيط من دون الدخول في قوائم الانتظار. إلى اية مرحلة وصلت خطة تحديث شبكة الاتصالات؟ - تم الانتهاء من تنفيذ نحو 30 في المئة من اجمالي اعمال خطة تحديث وتطوير شبكة الاتصالات الوطنية بواسطة كبرى شركات القطاع الخاص وهي الخطة المقرر الانتهاء منها بحلول سنة 2005 ويبلغ اجمالي استثماراتها نحو بليون دولار. وأعدت نخبة من خبراء الاتصالات من المصريين العاملين في الخارج وفي وزارة الاتصالات والجامعات والقطاع الخاص الخطة التي تهدف الى رفع كفاءة شبكة التليفونات الحالىة وتحديث خدماتها وزيادة الكثافة لكي تساير المستويات العالمية، اضافة الى انشاء شبكة رقمية فائقة السرعة لنقل خدمات الصوت والصورة والبيانات يستفيد منها قطاع الاعمال في مصر وجميع الجهات والهيئات وبما يدعم النمو الاقتصادي في البلد. وبدأت الشركة المصرية للاتصالات - بالتعاون مع القطاع الخاص - اعمال تطوير قلب الشبكة في الجمهورية انطلاقاً من الاسكندرية وتم الانتهاء من انشاء مسارات سريعة بين السنترالات الرئيسية في المدينة تسمح باستيعاب خمسة أضعاف الحركة الحالىة للمكالمات الصوتية والبيانات، وتم استخدام احدث التكنولوجيات العالمية المعروفة باسم "ايه. تي. إم" في المراحل التي نفذت خلال الشهور الماضية والتي تكلفت نحو 50 مليون جنيه. وتستكمل هذا العام بقية المراحل الخاصة بالربط مع سنترالات المحمول والدولي في المدينة ليتم اعتباراً من السنة الجارية البدء في اعمال تطوير قلب الشبكة في القاهرة ثم المحافظات تباعاً. وفي اطار نشر خدمات التليفونات في المناطق النائية خارج الحدود الاقتصادية للشبكة التي تعد التكلفة فيها مرتفعة يجري حالىاً استكمال اجراءات التعاقد على تركيب نحو 5،1 مليون خط لاسلكي مع احدى الشركات الكبرى، وفور التوقيع النهائي على العقد فإنه من المقرر ان يبدأ تركيب نحو 300 الف خط خلال الربع الاول من السنة. وتم اتخاذ الخطوات لانشاء مراكز اقليمية للانترنت في البلاد تخدم المنطقة العربية والافريقية، وتعمل على جذب حركة الانترنت في المنطقة لكي تمر من خلال هذه المراكز الى العالم الخارجي مما سيعمل على زيادة حجم العائدات على الدخل القومي. إلى اين وصلت مراحل مشروع الحكومة الالكترونية؟ - هناك عروض تفصيلية لمبادرة مجتمع المعلومات في مشروع الحكومة الالكترونية والتي تشتمل على موقع الحكومة على شبكة الانترنت والتي يمكن عن طريقها تقديم الخدمات المتعددة للمواطنين والشركات والمستثمرين مثل الاستعلام عن سداد فواتير الكهرباء لكبار المشاركين في منطقة شمال الدلتا. ومن بين هذه الخدمات الاستعلام وسداد مخالفات المرور لنيابات مرور الاسكندرية وبعض خدمات الشهر العقاري، ويوجد عرض لمشروع التجارة الالكترونية وعرض مشروع العلاج عن بعد والذي يعرض تطبيقات عملية لتجربة طبية عن طريق الاتصال بشبكة الانترنت يشارك فيه الاطباء فضلاً عن عرض تفصيلي لمشروع التعلىم عن بُعد. والمشروع سيحقق انجازاً ملموساً سنة 2007، وسيوضع عدد كبير من الخدمات التي تقدمها الوزارات والجهات الحكومية التابعة على شبكة الانترنت والتليفون العادي والمحمول لتكون في متناول جميع المتعاملين مع هذه الجهات من المواطنين والشركات والمستثمرين في أي مكان. وستكون هناك منافذ غير تقليدية، اضافة الى ما هو مُتاح حالىاً من منافذ لتقديم خدمات الحكومة الالكترونية للجمهور مثل مكاتب البريد ونوادي تكنولوجيا المعلومات والمراكز المجتمعية. وقد حددت الحكومة الاطار التنفيذي للمشروع بأن يتم تنفيذه بواسطة شركات القطاع الخاص ويراعى أن تكون الادارة حديثة. هل هناك شركات مصرية مؤهلة للتقويم النهائي في انتاج البرمجيات؟ - اتوقع في هذا المجال ان تنجح 10 شركات من كبرى الشركات المصرية العاملة في صناعة البرمجيات في الوصول الى مراحل التقويم النهائي الذي يقوم به مركز اعتماد تقويم هندسة البرمجيات التابع للوزارة ومعهد دولي منوط باعتماد هذا التقويم على المستوى العالمي. ويجري التقويم لتحديد مستوى الشركات فنياً طبقاً لما تعتمده من أسالىب عمل تتبع المعايير والمواصفات الدولية المعترف بها واستخدام الطرق الحديثة في تطوير وانتاج البرمجيات. واعتقد بأن هذا التقويم يعزز من قدرات هذه الشركات على التصدير للخارج والمشاركة مع شركات عالمية في مشاريع مشتركة داخل مصر وخارجها. هل انجزتم خطوات للاستفادة من هذا التقويم؟ - مصر اتخذت خطوات ايجابية في تأهيل الشركات ومساعدتها على التحسن المستمر في اسالىب انتاجها واستخدام أحدث الاسالىب العالمية في انتاج البرمجيات المعروفة بنموذج "سي. ام. إم" وذلك بعد ان انشأت مركزاً لتقويم واعتماد هندسة البرمجيات الذي يعد الاول من نوعه في المنطقة بفضل الجهود التي قام بها المركز خلال عام منذ بدء تشغيله، إذ تم استقدام خبراء أجانب الى مصر، وعُقدت برامج عدة تدريبية للشركات المصرية لتحسين كفاءة وأداء عمل هذه الشركات وايقاع اجراءات وأسالىب هندسة البرمجيات بما يؤدي الى رفع مستوى الشركات فنياً حتى أصبحت مصر الان على الخريطة العالمية للدول التي تستخدم المواصفات العالمية في انتاج البرمجيات. ماذا عن مبادرة البنية المعلوماتية؟ - تلقينا عروضاً لتلك المبادرة التي تضم مشاريع مثل مشروع نوادي تكنولوجيا المعلومات الذي تنفذه الوزارة بالتعاون مع الجهات المختلفة بهدف زيادة الوعي المجتمعي واتاحة الحاسبات وشبكة الانترنت لجميع فئات المجتمع. وهناك مبادرة الانترنت المجاني التي تم الاعلان عنها العام الماضي وحققت نجاحاً كبيراً على مدار السنة من خلال انتشار خدمة الانترنت على جميع خطوط التليفون في جميع ربوع مصر. وكما سبق ان ذكرت هناك مبادرة حاسب لكل بيت التي تقوم بها الشركة المصرية للاتصالات وبنك مصر وشركات القطاع الخاص وهيئات ومؤسسات التصنيع في مصر التي تيسّر للمواطنين الحصول على اجهزة الحاسب بالتقسيط بضمان فاتورة التليفون، كما تم تقديم عروض مفصلة على كل مشروع من هذه المشاريع يومياً. هل هناك استراتيجية لتصدير خدمات واستشارات الاتصالات؟ - فرصة مصر كبيرة في تصدير الاستشارات وخدمات الاتصالات والمعلومات إلى الدول الأخرى في المنطقة، ومن خلال ما يتوافر على أرضها من عقول وتكنولوجيا حديثة قادرة على التحول من مرحلة استقبال واستيراد الفكر وتصديره إلى العالم الخارجي، وبشهادة الجميع شهد الاستثمار الخارجي في القطاع تزايداً مستمراً من قبل الشركات الكبرى العاملة في مجال صناعة التكنولوجيا والخدمات والتدريب والاستشارات، وهناك شركات فعالة تنشأ بين هذه الشركات وشركاتنا الوطنية بما يعزز من القدرات المصرية على استيعاب التكنولوجيا الحديثة ومن ثم تطويرها وتصديرها في المستقبل. وهل البنية التحتىة القائمة تساعدنا على ذلك؟ - نعم، نحن نمتلك بنية تحتىة للاتصالات في مصر هي الأكبر من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا تتضمن 10 ملايين تليفون ثابت، و4 ملايين محمول، هذه البنية توصل الإنترنت الآن على كل تليفون في مصر من دون أي اشتراك. وإن ما تحقق في هذه البنية ما هو إلا نتاج استثمارات كبيرة شاركت فيها الشركة المصرية للاتصالات وشركات وطنية وعالمية أخرى تعمل على أرض مصر. ماذا تم في مشروع ربط المدارس ب 40 دولة عبر الانترنت؟ - نحن فخورون بهذا المشروع فهو يهدف إلى توفير بنية تكنولوجية في المدارس وتوفير أجهزة كومبيوتر حديثة وشبكات اتصال بالانترنت وإعداد المدرسين وتدريبهم واستخدام تقنيات التعلىم عن بُعد. وأعتقد بأن المشروع يتم تنفيذه في 11 مدرسة داخل 7 محافظات، ومصر ضمن 3 دول عربية مع لبنان والأردن تشارك في المشروع على مستوى العالم بحيث يتم ربط الشباب في المدارس المطبق بها المشروع مع نظرائهم في الدول الأخرى عن طريق تطبيقات الانترنت المختلفة. اضافة الى ذلك هناك تعاون وثيق بين وزارتي التعلىم والاتصالات لنشر تكنولوجيا المعلومات بين شباب مصر، وهناك مشاريع عدة يجري تنفيذها حالىا مثل مشروع المدارس الذكية وتوفير شبكات الاتصالات وخطوط التليفونات في المدارس للربط مع شبكة الانترنت. مشروع كومبيوتر لكل منزل استحوذ على اهتمام الجميع خلال الفترة الماضية ومستقبلا ايضاً، هل هناك تصور محدد للاستفادة منه؟ - الهدف من مشروع الكومبيوتر لكل منزل. هو نشر الوعي التكنولوجي وادخال مصر عصر المعلوماتية من خلال بنية صحيحة وثابتة تضمن لنا الاستمرار بقوة في هذا المجال واتاحة الكومبيوتر للطلاب لتوسيع قاعدة الاستخدام، فلم يكتب للمشاريع السابقة النجاح لعدم قدرة الأسر محدودة الدخل على الشراء خصوصاً انه من الصعب النزول بأسعار الكومبيوتر لما يتطلبه من عناصر يتم استيرادها من الخارج، وكانت المشكلة تكمن في التقسيط لنواجه العائق امام المستقبل الذي نسعى الى تحقيقه. واستغرقت دراسة المشروع عاماً فقط وهي فترة زمنية كافية فهي تجربة قابلة للنجاح، وتم خلال تلك الفترة دراسة السوق واحتىاجاتها وتحديد الاسعار المناسبة للشراء من قبل المواطنين وقررنا التنفيذ من خلال المشاركة بين الشركة المصرية للاتصالات وبنك مصر و350 شركة مصرية منتجة للأجهزة والبرامج ومبادرة من شركات التأمين للمشاركة بالمشروع بتقديم ضمان للائتمان والصيانة. هل اعتبار خط الهاتف المنزلي كضمان للحصول على الكومبيوتر إيجابيا؟ - خط التليفون كضامن للحصول على جهاز الكومبيوتر كافٍ جدا بعد موافقة البنك على ذلك ومبادرة بعض البنوك الاخرى الحالىة للمشاركة ايضا بضمان استمرار التمويل للمشروع من خلال الطلب حيث تتوافر عناصر صعبة، ولكن التمويل بعيد عن ذلك وإني اخشى من عدم قدرة الشركات على توفير خدمة ما بعد البيع لأجهزة الكومبيوتر، فالأهم هو خدمة المواطنين فما سيحدث من قوائم انتظار بالمشروع مقبول في ضوء التجربة. لماذا اختيرت شركة واحدة من بين 15 تقدمت لتنفيذ المشروع؟ - تمت الموافقة لعدد من الشركات بلغت 15 شركة وبدأنا بالشركة التي ابدت قدرتها واستعدادها. فإن لم نعمل بالشركة الجديدة، فإن السوق لن تتحرك ولن نفرق بين الشركات ولا بد ان تتنافس والبقاء للأصلح. وما زلنا نرحب بمن يُبادر بالدخول إذ ان مشروع كومبيوتر لكل منزل هو مشروع ضخم يحتاج الى المزيد من الاجهزة والمتوقع ان يتم من خلاله توزيع مئة الف جهاز كومبيوتر وستستفيد منه مليونا اسرة خلال عامين. وما أبعاد المشروع من وجهة نظركم؟ - المشروع له ابعاد كثيرة حيث ستنطلق من خلاله مشاريع عدة مثمرة وستفتح اسواقاً جديدة وتدفع عجلة استثمارات البنوك وتستفيد الشركة المصرية للاتصالات من خلال تشغيل الانترنت وتبني مجتمع المعلومات المصري، وإدخال تكنولوجيا المعلومات لخدمة المجتمع اقتصاديا في التعليم، وتنمية تجارة الكومبيوتر داخل الشركات الصغيرة، بالاضافة للمشاريع التي من خلالها يتحقق مجتمع المعلومات واهمها مشروع الحكومة الالكترونية وهو في طريقه للاثمار. ومن جانب آخر حينما يرتفع حجم الطلب كما نتوقع سندخل في مرحلة تصنيع مكونات الكومبيوتر محليا واحضرت احدى الشركات بالفعل خطا للانتاج وبدأت في تصنيع شاشات الكومبيوتر تحت رعاية شركات كورية واهم العناصر المكونة للأجهزة ستصنه ايضا لينخفض سعر الكومبيوتر بقيمة 10 في المئة عن السوق وبالتالب يتم تصدير اجهزة الكومبيوتر المصرية بجودة عالمية للمناطق المحيطة وستعمق صناعة الكومبيوتر والمعلومات في مصر. لنترك الخطط ونذهب الى الجدل القائم في شأن قانون الاتصالات الذي ناقشه البرلمان اخيراً، ما تصورك لهذا القانون؟ - هذا القانون كان ضرورة حتمية، ولا شك في ان المناخ اختلف فالتشريعات السابقة كانت تخدم الدولة وهي التي تقدم خدمات الاتصالات، ولكن العالم كله الآن اتجه نحو القطاع الخاص لتقديم خدمات الاتصال، وبالتالي ظهرت عوامل جديدة لا بد من ايجاد تنظيم لها، وبالتالي فالقانون يطلق علىه تنظيم الاتصالات لأنه ينظم العلاقة بين مقدم الخدمة وفي هذه الحالة ليس الدولة وبين متلقي الخدمة سواء كان مواطناً أم شركة أم مستثمراً. ومقدمو خدمات الاتصالات هي شركات تهدف الى الربح، فهي تحل محل الدولة في الاستثمار ولا شك في ان المتلقي يريد خدمة جيدة وبسعر معقول، والجديد أن يكون لديه الاختيار وأعني بذلك المنافسة. في هذا الاطار يكون دور الدولة هو رقابة العلاقة بين المتلقي ومقدم الخدمة من خلال جهاز انشاء الاتصالات، وهو الجهاز التابع للدولة الذي يتابع ويتأكد من ان الخدمة على نفس المستوى وانه ليس هناك استغلال او احتكار لان الاحتكار لا يصلح في وجود القطاع الخاص فهذا غير مصرح به. والجديد أن القانون يقدم موضوع الخدمة الشاملة وأن كل مواطن من حقه ان يتلقى خدمة الاتصالات من دون تفرقة، وبصرف النظر عن اقتصادية الخدمة، واخيراً وهو الاهم أنه يضمن الامن القومي لمصر فشبكة الاتصالات شبكة حساسة للغاية، وليست هناك مشكلة إذا ادارتها الدولة، ولكن ماذا يحدث إذا ادارتها شركة قطاع خاص؟ فكيف نضمن اولاً خصوصية المواطن فلا يتعرض لاي تنصت؟ وكيف نضمن ألا يستخدم في اغراض تمس امن الدولة من جاسوسية او نقل معلومات؟ إذن فلا بد من عناصر تنظم امن الدولة من خلال هذا القانون، هذا فضلا عن ان القانون يجرم الاعتداء على هذه الشبكات ويجرم ايضاً تقديم الخدمات من دون ترخيص مثل تهريب المكالمات الدولية ويشدد العقوبة على ذلك حماية للمواطنين وخصوصياتهم وسرية بياناتهم، وحماية لاحد المرافق الاساسية للدولة. الا ترى ان هذا القانون جاء متأخرا عن موعده؟ - كنت اتمنى ان يخرج القانون من سنتين او ثلاث ولكن لا بد من اعداده جيداً واعتقد بأنه كلما تأخر فإننا نستطيع ان نتعرف على الثغرات التي يجب معالجتها بدلا من صدور القانون ثم ظهور الثغرات فنضطر الى تعديل القانون مرة اخرى، وأنا اعتقد بأن مشاهدة تجربة القطاع الخاص اولاً ثم سن التشريع ميزة وليست عيباً. بعضهم يرى أن قانون الاتصالات الجديد يتصادم مع الدستور خصوصاً وان الخط العام يسقط حماية الحرية الخاصة للمواطنين، فالتنصت على المكالمات التليفونية لم تنج منه اي جهة حكومية او خاصة على رغم وجود قانون يحرم هذه العمليات. ما تعليقك؟ - مع احترامي لمن يعتقدون ذلك فالقراءة الدقيقة للمادة 65 التي ثار حولها الجدل لا، تعني ذلك مطلقا، فهي تنص ببساطة شديدة على أن مشغل او مقدم الخدمة لا بد أن يتيح للجهات الامنية استخدام هذه الخاصية. هذا كلام فني بمعنى أنه لا يجوز أن آتي بشبكة ولا استطيع في اي وقت من الاوقات مراقبة هذه الشبكة، لكن هذا لا يعني اطلاقاً - والقانون لم يمس هذا من قريب او بعيد - إننا لم نتبع الاجراءات القانونية والحماية التي يكفلها الدستور عند اتخاذ هذه الاجراءات، فالامر يتعلق فقط بمجرد وجود الخاصية الفنية، لكن لا يتعارض الامر مع الدستور مطلقا. ولكن بعضهم يرى ضرورة وضع الاتصالات تحت سيطرة الدولة لما تمثله من قضية تمس امن الدولة ومصلحة المواطنين؟ - لا داعي لذلك في وجود الضوابط التي وضعها القانون، بل العكس فمن الافضل وجود الدولة خارج الخدمة الفنية نفسها مع ضرورة وجودها كرقيب ومشرف، ما يعطيها رخصة افضل للسيطرة على هذه الشبكات.