لم يأت موسم في الدوري الايطالي في كآبة الموسم الجديد الذي ستبدأ منافساته اليوم، فجف مصادر المال حرم محبي الكرة الايطالية من اضافة المع الاسماء العالمية الى انديتها التي عانت في العامين الاخيرين من مشاكل مادية قاسية اجبرتها على تخفيض رواتب لاعبيها وتحديد سقوف لا تتعداها وتقليص اعداد اللاعبين في كل منها لتفادي كارثة ناديي فيورنتينا ونابولي اللذين اعلنا افلاسهما وبدآ مجدداً من القاع، والاهم عدم المبالغة في قيمة بدل الانتقالات التي وصلت الى ارقام فلكية في اواخر التسعينات ما قاد الى ديون تقدر بثلاثة بلايين يورو. وبعدما احتكرت الاندية الايطالية ضم اكبر الاسماء في عالم كرة القدم، فإن ابرز الانتقالات استعداداً للموسم الجديد كان البرازيلي ايمرسون والسويدي زلاتان ابراهيموفيتش الى يوفنتوس والمدافع الهولندي ياب ستام الى ميلان بمجموع بلغ 50 مليون يورو. فقلة مصادر المال وقوانين الاتحاد الجديدة الصارمة التي تحدد سقف الديون المسموح به للاندية حتى تظل فاعلة في الدوري، ربما هي ما قادت الى رفع اعداد الدرجة الاولى من 16 فريقاً الى عشرين، والسبب هو ان زيادة الفرق يعني زيادة في عدد المباريات وتلقائياً زيادة في المداخيل من الحضور الجماهيري والنقل التلفزيوني. وفيما تنحصر المنافسة على اللقب تقليدياً بين الستة الكبار ميلان ويوفنتوس وانتر ميلان وروما وبارما ولاتسيو، فإن الصراع الحقيقي يبقى بين ميلان ويوفنتوس، لكن الاول يظل يغرد خارج السرب من كل النواحي، فحامل اللقب ميلان لا يعاني من مشاكل مادية على رغم عدم صرفه الا القليل "لأننا لا نحتاج الى صرف الكثير لضم لاعبين" بحسب نائب رئيس النادي ادريانو غالياني، اذ ضم المدافع ياب ستام نحو 10 ملايين يورو من لاتسيو، فيما حصل على خدمات صانع الالعاب الفرنسي فيكيش دوراسو ليون من دون مقابل، وعلى المهاجم الارجنتيني هيرنان كريسبو تشلسي على سبيل الاعارة، وصفقة الاخير ربما تعد الابرز هذا الصيف، ليس فقط لأن ميلان حصل على خدمات مهاجم من الطراز الاول من دون مقابل، وإنما لن يدفع سوى جزء بسيط من راتبه الخيالي الذي تتحمل اعباءه ادارة نادي البليونير الروسي رومان ابراموفيتش. وبهذه الاضافات فإن ميلان زاد على القوة الضاربة في فريقه المتمثلة بالمهاجمين تشيفتشينكو والبرازيلي كاكا والمدافع المخضرم باولو مالديني. اما غريمه يوفنتوس فإنه مصمم على ردم هوة الفارق، وكان افضل صفقاته في الصيف هو التعاقد مع المدرب المخضرم فابيو كابيلو من روما، فيما لحقه لاعب الارتكاز ايمرسون فضلاً عن المهاجم ابراهيموفيتش اياكس. ويأمل كابيلو ايجاد العلاج الناجع للخط الدفاعي ل"السيدة العجوز" الذي عانى كثيراً الموسم الماضي، فهو اقنع قائد منتخب ايطاليا فابيو كانفارو بالموافقة على تقليص راتبه الذي كان يتقاضاه مع انتر ميلان بمقدار الثلث لينضم الى الفريق على امل تشكيل ثنائي جديد مع الفرنسي ليليان تورام يذكر بأيامهما معاً مع بارما عام 1999. لكن الفارق انهما الآن في الثلاثينات من عمريهما، لكن خبرة كابيلو التي قادته الى الفوز بستة القاب دوري في 12 موسماً ستكون حاسمة في اعادة تأهيل الفريق للصراع على اللقب. اما روما فكان يأمل تعويض خسارة المدرب كابيلو بتعيين الواعد سيزار برانديلي الذي صنع المعجزات مع بارما تحت ظروف صعبة وضغوط مادية مهلكة، لكن سرعان ما فسخ عقده ليكون الى جانب زوجته المريضة، فكان خيار نادي العاصمة مدرب منتخب المانيا السابق رودي فولر الذي تألق مع الفريق في الثمانينات، واولى مهماته مع فريقه الجديد كانت مراعاة المشاكل المادية، فجنى 50 مليون يورو ببيعه والتر صامويل الى ريال مدريد وايمرسون الى يوفنتوس، لكنه ضم في المقابل المدافع الفرنسي فيليب مكسيس اوكسير علماً بأنه سيكون موقوفاً لستة اسابيع لنكثه العقد مع ناديه السابق، وضم ايضاً ماتيو فيراري من بارما وسيمون بيروتا من كييفو والمهاجم المصري احمد حسام ميدو من مرسيليا. فأصبح لدى فولر فريق صغير السن متعطش للانتصارات بوجود كاسانو وتوتي. اما انتر ميلان فسجل مدخولاً في سوق الانتقالات بلغ نحو مليوني يورو للمرة الاولى منذ 1957" فالفريق تحت ادارة المدرب الجديد روبرتو مانشيني متخم بالنجوم، وبلغ العدد 41 لاعباً محترفاً قبل ان يتخلى المدرب الجديد عن عدد كبير منهم، لكنه جلب من ناديه السابق بعض اصحاب الخبرة كالمدافعين سينيسا ميهايلوفيتش وجوسيبي فافالي وصانع العاب تشلسي خوان فيرون لينضموا الى كريستيان فييري وديجان ستانكوفيتش وادجار دافيدز والفارو ريكوبا فضلاً عن البرازيلي المتألق ادريانو. اما عن لاتسيو الذي يحتضر ببطء، فإنه لا يزال في غرفة الانعاش، فبعدما اتضح ان لدى الفريق 14 لاعباً فقط فإن رئيس النادي كلاوديو لوتيتو ضم تسعة لاعبين جدد بما لا يزيد على 1.5 مليون يورو فقط، بينهم نجم الفريق السابق باولو دي كانيو الذي وافق على تقليص راتبه الذي كان يتقاضاه مع الاندية الانكليزية بنسة 75 في المئة. وهذه الاستراتيجة هي ذاتها التي اتبعها بارما، وأبرز ما حققه المدرب سيلفيو بالديني هو ابقاء المهاجم الواعد البيرتو جيرالدينو مع الفريق. اما ابرز من انفق على لاعبين جدد خارج الستة الكبار فهما الصاعدان الجديدان، فيورنتينا وباليرمو" فالاول عاد بعد غياب 3 سنوات متدرجاً من الدرجة الرابعة الى الاولى بعد اشهار افلاسه، فضم مارتن يورغنسون اودينيزي وفابريزيو ميتشولي يوفنتوس وخافيير بورتيو ريال مدريد، اما باليرمو فعاد الى الاضواء بعد غياب استمر 20 عاماً وصرف نحو 30 مليون يورو ليضمن بقاءه لسنوات رغم وجود الهداف لوكا توني. ورغم كل السيئات والمشاكل المادية، يبقى الحديث عن عقم خطط اللعب في الدوري الايطالي وارداً وصالحاً للنقاش والمقارنة، لكن دوري ابطال اوروبا يظل شاهداً على هبوط مستوى الكرة الايطالية من الصدارة الى ما بعد الكرتين الاسبانية والانكليزية.