على رغم أن شهرته لم تصل يوماً الى ما وصلت اليه حينما فتحت له فضائية mbc أبوابها بعد ما يقارب الربع قرن من العمل الاعلامي، تنقل خلالها بين الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، فإن جورج قرداحي الاعلامي صاحب الطلة المميزة والحضور المحبب والثقافة الشاملة التي صقلتها السنين، لم يتردد في الانضمام الى صفوف lbc من خلال برنامجين يطغى عليهما الطابع الانساني: الأول بعنوان "افتح قلبك"، بدأ عرضه قبل يومين، والثاني "تيليتون" يهدف الى جمع التبرعات لمساعدة جمعيات خيرية من مختلف الدول العربية. فماذا عن البرنامجين؟ "التليتون"، يقول قرداحي، يندرج ضمن اطار حملة تعبوية تقوم بها lbc لإسداء خدمات للمحتاجين في العالم العربي، وهو برنامج ضخم يحتاج الكثير من التحضير، لذلك سيعرض مرة كل شهرين. أما "افتح قلبك" فبرنامج فريد من نوعه، إذ لأول مرة نرى على شاشاتنا العربية برنامجاً له صيغته وهو فكرة مأخوذة اصلاً من الغرب. وكما يدل اليه اسمه، انه ساحة للناس كي يفتحوا قلوبهم ويفرغوا كل المتاعب والمشكلات الجاثمة على صدورهم ويصفّوا حساباتهم. ويقوم البرنامج على فكرة داع ومدعو حيث يأمل الداعي في فتح صفحة جديدة ونسيان الماضي. حبكة البرنامج موجودة في الستار الذي يرمز الى القلوب المغلقة. أما قرار فتح الستار فللمدعو وحده. وكما نرى الفكرة بسيطة لكن القصص هي المعقدة وهنا تكمن الصعوبة والرهان. إذ ان التحدي هو في جعل الناس يلتحمون مع بعضهم بعضاً لنسيان الماضي الأليم على ان تكون هناك متابعة لاحقة لهم من خلال فريق البرنامج. تعبوا من الدموع! فهل يمكن وضع "افتح قلبك" في الخانة نفسها مع "ضرب خوات" و"صارت معي" وغيرها من سلسلة البرامج التي لعبت فيها lbc على المشاعر الانسانية فيما تعب المشاهدون من الدموع التي تسببها؟ "أبداً، يقول قرداحي، صحيح هناك دموع وبرامج محزنة ومأسوية على شاشاتنا، لكن هذا البرنامج مختلف كل الاختلاف عنها، كونه بعيداً من التمثيل، ولا يوجد فيه تركيز على المأساة أو الظلم او العار. انه برنامج شامل، فيه اللحظات الحلوة واللحظات المرة التي غالباً ما تنتهي نهاية سعيدة. "افتح قلبك" نوع من برامج الواقع المسجلة، حيث يظهر المرء على حقيقته، برد فعله الحقيقية لا التمثييلة، على عكس البرامج الأخرى التي قد يكون لها جذور واقعية لكن مضخمة. أضف الى ذلك أن دوري تلطيف الاجواء، وكما ترون في سياق الحلقات، أحياناً كثيرة في عز مأسوية البرنامج أجعل من هو تحت المأساة يبتسم أو يرتاح". شهرة جورج قرداحي التي حصل عليها من خلال "من سيربح المليون" جعلته يفكر ألف مرة ومرة قبل ان يقدم على أي خطوة جديدة. "ولو فكرت أكثر لما قبلت بأي برنامج آخر، يقول قرداحي، اذ كان "من سيربح المليون" قمة الأعمال التلفزيونية من حيث حبكة البرنامج واخراجه والمكونات التي يحتويها. من هنا لو وضعت الخوف أمام عيني لما قمت بأي برنامج بعده". فما الذي أغراه اذا في "افتح قلبك"؟ ويجيب قرداحي: "قبلت بهذا البرنامج لانه في جزء منه قريب من "من سيربح المليون" عنيت به الجزء الانساني. صحيح كان البرنامج برنامج مسابقات وأسئلة وملايين، لكن كان هناك ايضاً تعاطٍ مع الناس. وهذا التعامل بالذات هو الذي حبب الناس فيَّ. من هنا "افتح قلبك" ما هو الا هذا الجانب الانساني، أي الحوار بيني وبين الناس وهو حوار يدخل الى أعماق قلوبهم. في "من سيربح المليون" كان حواراً عابراً، في هذا البرنامج هناك نوع من سبر اغوار نفوسهم وإظهار ما في داخل القلوب على الملأ". حديث ملايين الدولارات لم يكن انتقال جورج قرداحي الى lbc سهلاً على بعض زملائه في المحطة خصوصاً مع الحديث في الصحف عن مليون دولار، هو "الأجر السنوي له"، او لجهة تصريحات قرداحي الاستفزازية، فماذا يقول قرداحي عن ذلك؟ "لم اشعر ابداً أنه يوجد أي نفور أو انزعاج من بعض الزملاء في lbc، ولعل سواي يشعر بذلك، أما انا فلا، إذ أحترم الجميع. والحال أنني لم اضع نفسي موضع منافسة مع أحد ولست هنا لآخذ مكان أحد، حتى انه لا احتكاك بيننا، إذ لا أملك مكتباً في المحطة، فقط أسجل حلقاتي وأمشي. أما لجهة تصريحاتي "الاستفزازية" فهذا امر غير صحيح إذ قولتني الصحافة احياناً ما لم أقله، الأمر الذي أوقعني في سوء تفاهم كبير مع المعنيين، فأنا لا اسمح لنفسي بأن اقوّم احد الزملاء كما لا أسمح له بتقويمي، وهذا نوع من احترام الذات اولاً وأخيراً". جورج قرداحي الذي يأمل في أن يضيف الى تاريخه بانتقاله الى lbc، ما الذي سيضيفه هو الى محطة ناجحة؟ "المحطات الكبيرة التي وصلت الى درجة من النجاح لن يؤثر فيها قليل زيادة أو قليل بالناقص. من هنا كل ما في الأمر أنني آمل في ان اضيف الى المحطة وأترك بصمتي على هذه الشاشة كما فعلت في mbc لأن نجاحي من نجاح المحطة وإلا لما تعاونت lbc معي لو لم تكن لديها الرغبة في أن أضيف ما عندي من رصيد". فماذا عن الفارق بين المحطتين؟ يجيب قرداحي: "دخلت الفضائيات العربية في سوق العرض والطلب، ونحن العاملون فيها دخلنا أيضاً في هذه السوق. صارت هناك منافسة كبيرة بين الفضائيات، وصار هناك سعي من الفضائيات للحصول على الأفضل: أفضل برنامج، أفضل مقدم، أفضل مخرج... ولذلك في الوقت الذي قررت فيه mbc ايقاف برنامجي لبعض الوقت، جاءتني عروض عدة أهمها من lbc، فوجدته الانسب على مختلف الصعد، إذ عرض علي برنامجان قريبان جداً من توجهاتي من جهة، ومن جهة ثانية كان العرض الأنسب مادياً كما أنه يؤمن لي فرصة العودة الى الوطن بعد غربة 25 عاماً. لكل تلك الاسباب ملت نحو الاتفاق مع lbc لكنني لم اتفق معها قبل استشارة mbc. فالحقيقة أنني قصدت رئيس مجلس ادارة المحطة قبل ان أوقّع على العقد واخبرته بما يجري، فقال لي: في أي موقع كنت سنبقى اصدقاء. لكن عرض mbc كان أقل بكثير من lbc ليس فقط على الصعيد المادي بل أيضاً من حيث المضمون والمهنية، فالحساد كانوا كثراً واذكر أن أحدهم قال: المحطة التي تصنع جورج قرداحي في امكانها أن تصنع غيره". فهل المحطة التلفزيونية هي التي تصنع نجوماً أم ان المقدم الناجح هو الذي يعلي شأن المحطة؟ "المقدم الناجح لا يستطيع أن يصبح مقدماً ناجحاً، يقول قرداحي، بلا محطة تلفزيونية كونها الوسيلة والوسيط، لكنها في رأيي لا تصنع نجوماً. فالنجم يصنعه الجمهور وحده". جورج قرداحي الذي درس العلوم السياسية وعمل في الاخبار السياسية لمدة طويلة لم تعد تستهويه البرامج السياسية "فالأوضاع الراهنة والسياسة العربية تدعو الى القرف والتقيؤ، كما يقول، السياسة كلها خيبة امل، والناس تعبوا وصاروا يحتقرون كل شيء، حتى انهم اشمأزوا من السياسيين الذين يتناوبون على محطات التلفزة في العالم العربي". وفي الختام بقي ان نسأل: هل يكون "افتح قلبك" فاتحة لسلسلة برامج من هذا النوع كما كان "من سيربح المليون" فاتحة لموجة جديدة من برامج الالعاب على الشاشة الصغيرة. "انشالله"، يقول قرداحي متبسماً ويتابع: "صحيح فتح "من سيربح المليون" المجال أمام منافسة شديدة بين المحطات التي ارادت مجاراة mbc ومن جملتها lbc وقتها، بعد النجاح الكبير الذي حققه البرنامج والمداخيل الضخمة التي أدخلها الى المحطة حتى سال لعاب كل المحطات التلفزيونية الاخرى. واليوم آمل في أن يكون "افتح قلبك" فاتحة لنوع آخر من البرامج...".