غريب كيف يمكن برنامجاً أن يرتبط بشخصِ مقدّمه وكيف يمكن مقدماً أن يرتبط ببرنامج، فينجح الواحد مع الآخر ويُنجح الأول الثاني. هذا تماماً ما حصل مع جورج قرداحي الذي عاد عبر شاشة «أم بي سي 1» في موسم جديد من «مَن سيربح المليون» بعدما شكّل مع هذا البرنامج ثنائياً فريداً ومتناسقاً. هذا الموسم يحمل بعض التغييرات البسيطة في مضمونه، ولكن من دون أن تكون جوهرية، «إنّها تغييرات تزيينية». إذ ألغي سؤال السرعة في البداية وخُفّض عدد الأسئلة من 15 إلى 12، فضلاً عن إضافة وسيلة مساعدة رابعة هي الاستعانة بمستشار يمكن اللجوء إليه فيساعد المشتركين على مقدار معرفته. جورج قرداحي بدأ مسيرته الإعلامية إذاعياً، وكان «مَن سيربح المليون» مفتاح نجاحه تلفزيونياً، فأين تكمن قوّة هذا البرنامج أو قوّة المقدّم في هذا البرنامج؟ يجيب: «القوة هي الخلطة بين البرنامج ومقدّمه، فهو ضمّ مواصفات جيّدة ومقوّمات حسنة. ثمّ أتى المقدّم مطابقاً لما يتطلّبه «مَن سيربح المليون»، فكان نتيجة ذلك النجاح». ولكن ألا يمكن أن يكون ذلك قد حصره في إطار معيّن قد يكون سبباً لصعوبة نجاحه بالطريقة نفسها في برنامج آخر؟ يقول بثقة: «عندي قناعة تامّة بأنّ ما من برنامج سأقدمه أنا أو سيقدّمه سواي يستطيع أن يحظى بالنجاح ذاته الذي حققه «مَن سيربح المليون». فهذا البرنامج ظلّ طيلة ثلاثة أعوام مالئ الدنيا وشاغل الناس». ثمّ يضيف: «لا أريد أن أكون متشائماً، لكنّني أعتقد أنّ من الصعب أن يُعرض عليّ برنامجٌ بالنجاح نفسه، فأنا قدّمت برامج أخرى كان نجاحها عادياً ومقبولاً لا أكثر». ولا ينفي قرداحي أنّ هذا الأمر كان من الممكن أن ينعكس سلباً عليه، «ولكن في النهاية أبقى أنا أنا، فقد يعتبر أحدهم أنّ «مَن سيربح المليون» أفضل من «القوة العاشرة»، لكن جورج قرداحي هو نفسه في البرنامجين، لأنّني مهنياً لم أقصّر في أي نقطة». ويضيف: «على كل حال أعتقد أنّني تخطيت مرحلة أن يقوّمني الجمهور لأنّهم تثبّتوا من صدقيتي في العمل». ويعتقد قرداحي بأنّ تفاعله مع الجمهور ومع البرنامج هو الذي ولّد هذا الاهتمام الكبير به من الجمهور، وهنا لا بد من طرح السؤال: هل كان سيحظى «مَن سيربح المليون» بالنجاح ذاته لو قدّمه شخص آخر؟ «هذا السؤال لا يمكن أن أجيب عنه أنا»، يقول جورج قرداحي، «لكنني أقول بمهنية وبموضوعية إنّه كان في الإمكان أن يقدّمه شخص آخر يملك مقوّمات أفضل منّي فيحظى البرنامج بنجاح أكبر، ولكن من حظّي ومن حظ البرنامج أنّنا التقينا». لم يكن قرداحي على حد قوله يقوم بأيّ مجهود أو يتبع تكتيكاً معيّناً في التقديم، بل كان على سجيته وعفويته، «فكلّ ما كان يخطر في بالي كنت أقوله، طبعاً ضمن حدود التقديم، فكنت أنا، من دون محاولة أن أكون شخصاً آخر أو أن أقلّد مقدّماً آخر». ويلفت إلى أنّ هذا البرنامج، على رغم أنّه مسجّل، يتمّ التعامل معه على أنّه مباشر لما يتطلّبه من تركيز تام وسرعة بديهة وتفاعل متين. إن كان قرداحي لم يسعَ إلى تقليد أحد، فهذا لا ينفي أنّ كثُراً حاولوا تقليده، فهل أزعجه ذلك أم أفرحه باعتبار أنّه مثال يُحتذى؟ «شاهدت بعض الذين كانوا يحاولون تقليدي في التقديم، ولا أخفي أنّ الفكرة أسعدتني على الصعيد الشخصي، ولكنّها أحزنتني من ناحية هؤلاء الأشخاص لأنّ هذا النوع من البرامج لا يمكن فيه تقليد أسلوب الآخرين، فعلى المرء أن يقدّم برنامجه بحسب أسلوبه، فإمّا ان ينجح وإما أن يفشل». ويلفت إلى أنّ ممثلين معروفين حاولوا تقليده في التقديم فكُتب عنهم أنّهم ناجحون في التمثيل لكنّهم فاشلون في تقليد جورج قرداحي! «إفتح قلبك» هو البرنامج التالي الذي انتقل إليه بعد «مَن سيربح المليون» ويفصح ان «تلك الخطوة كانت تتطلّب منّي الشجاعة». فهل كانت هذه الشجاعة في غير مكانها فندم عليها؟ يسارع إلى النفي معتبراً أنّ البرنامج كان تجربة جيّدة ومفيدة. «صحيح أنّ البرنامج لم يحقق نجاحاً ضخماً، ولكن حتّى الذين لم يحبّوه اعترفوا بأنّ فيه مقدرة مهنية، فمن الصعب مخاطبة قلوب الناس وحضّهم على مصالحة الغير ونسيان الضغائن والأحقاد». نقطة ضعف «إفتح قلبك»، بحسب قرداحي، كانت في الحالات والقصص لأنّ عالمنا العربي لا يتكلّم بوضوح وصراحة، بل يتستّر على مشاكله بخفر وربّما بخوف لدرجة أنّ الفتاة تمتنع عن الإفصاح عن مشاكلها حتّى أمام أمّها، والشاب أمام أبيه أو أخيه! بالإنتقال إلى «القوة العاشرة»، البرنامج الثالث الذي قدّمه جورج قرداحي والذي ينتمي أيضاً إلى فئة المعلومات العامة والربح، نجد أنّه بقي بعيداً من نجاح «مَن سيربح المليون»، وسبب ذلك بحسب تحليل مقدّمه «أنّ الأسئلة لم تكن واضحة ودقيقة ولها احتمالات معيّنة، بل كانت مفتوحة ونسبية مثل سؤال: «كم نسبة المدخنين في العالم العربي؟»، وهذا النوع يمكن أن يهتمّ له المشاهد في عشر حلقات أو 15 كحدّ أقصى لا في أربعين وخمسين حلقة! لكن على رغم كل شيء كانت نسبة مشاهدته لا بأس بها، فاستطاع أن يحقق نجاحاً، ولو بنسبة لم تكن كبيرة جداً».