سقط 16 قتيلاً وأكثر من 90 جريحاً في تفجيرين استهدفا حافلتين اسرائيليتين في بئر السبع جنوب اسرائيل، تبنتهما "حركة المقاومة الاسلامية" حماس التي أعلنت أنهما جاءا ضمن ردودها على اغتيال الدولة العبرية كبار قادتها. وفيما أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون أن اسرائيل ستواصل محاربة الارهاب وأن العمليتين لا علاقة لهما بخطة الفصل، دانتها السلطة الفلسطينية ودعت الى تفعيل عملية السلام بدلاً من بناء الجدار الفاصل الذي لا يجدي نفعاً "في الطريق الى السلام والاستقرار". قُتل 16 اسرائيلياً وأصيب اكثر من 90 آخرين في هجومين منفصلين متزامنين على حافلتين اسرائيليتين في مدينة بئر السبع في صحراء النقب جنوب اسرائيل عصر أمس. وتبنت العملية "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس في بيان لها أمس. وأغلقت الشرطة الاسرائيلية المنطقة التي وقع فيها الانفجاران، فيما شرعت عشرات من سيارات الإسعاف وعدد من الطائرات المروحية الاسرائيلية، بنقل عشرات الجرحى الى مستشفى "سوروكا" في المدينة. وأوعز المفتش العام للشرطة الاسرائيلية الفريق موشيه كرادي الى الشرطة بتكثيف نشاطاتها في جميع أنحاء اسرائيل، وزيادة عدد أفرادها، ووضع حواجز ثابتة ومتنقلة في مختلف المدن والمحاور وخصوصاً في الضفة الغربية. ومشطت قوات "حرس الحدود" الإسرائيلية المنطقة ولاحقت من يُعتقد بأنه أحد المنفذين، كما اعتقلت عشرات الفلسطينيين الذين يمكثون في المدينة من دون تصاريح، قادمين من مدينة الخليل وضواحيها. وتعتبر العمليتان ضربتين قاسيتين للدولة العبرية واجراءاتها الأمنية وحال الاستنفار القصوى والطوارئ التي ما برحت أجهزة الأمن الاسرائيلية تعلنها يوماً بعد يوم. وجاءت العمليتان بعد أكثر من ثمانية شهور على آخر عملية استشهادية فلسطينية تلك التي نفذتها ريم الرياشي في 24 كانون الاول ديسمبر الماضي. وفي أول رد فعل له، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون: "يجب محاربة الارهاب. انها سياسة الحكومة وسياستي انا أيضاً، الحرب ضد الارهاب هي حرب لا هوادة فيها". وقالت "كتائب القسام" إن العمليتين جاءتا كأحد ردودها على اغتيال مؤسسها وزعيمها الشهيد الشيخ احمد ياسين وخليفته الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي في آذار مارس ونيسان ابريل الماضيين على التوالي. ولم تشر كتائب القسام الى ما اذا كانت العمليتان استشهاديتين، أم نفذتا من خلال زرع عبوات ناسفة في الحافلتين. وكانت قوات الاحتلال أحبطت تنفيذ شاب فلسطيني عملية استشهادية على حاجز "أيرز" شمال قطاع غزة صباح أمس، في وقت قتلت فتى في مخيم رفح للاجئين جنوب القطاع، واجتاحت مدينتي نابلس وجنين شمال الضفة الغربية واعتقلت حوالي 40 فلسطينياً. وقالت مصادر عسكرية اسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي اكتشف فلسطينياً يحمل تصريح دخول مزيفاً الى اسرائيل ويتزنر بحزام ناسف حول وسطه واعتقلته قبل أن يُفجر الحزام. وأضافت أن الشاب الذي تمكن من الوصول الى ممر الدخول في الحاجز فجراً، أثار شكوك الجنود الموجودين في المكان فاعتقلوه قبل أن يتمكن من تفجير نفسه. ولم تتبن العملية أي جهة فلسطينية حتى الآن. وبعد ساعات على وقوع العمليتين، دعا شارون وزير دفاعه شاؤول موفاز ورؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة إلى اجتماع طارئ مساء أمس ل"تقويم الأوضاع الأمنية" في أعقاب عمليتي بئر السبع ولإقرار الرد العسكري عليهما. وأعلن قائد المنطقة الجنوبية في الشرطة انه لم تتوافر انذارات استخباراتية مسبقة، وأن عناصر الشرطة قامت، استعداداً لبدء العام الدراسي الجديد اليوم، بتمشيط مدينة بئر السبع يوم أمس "بحثاً عن أبناء أقليات" واعتقلت 40 منهم مكثوا فيها بشكل غير قانوني. ورجحت تكهنات أولية حول هوية الجهة التي وقفت وراء العمليتين أن يكون قائد الذراع العسكرية لحركة "حماس" في الخليل عماد القواسمة، فيما لم يستبعد المعلق العسكري في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أن يكون منفذا العمليتين تسللا إلى بئر السبع من الأراضي المصرية! وقال وزير الأمن الداخلي تسامي هنغبي إن العمليتين تثبتان من جديد انه حيث اقيم جدار فاصل لا تقع عمليات استشهادية و"العمليتان وقعتا هنا بسبب عدم إقامة جدار يفصل بين الخليل وجنوب إسرائيل". ودعا وزير الخارجية سلفان شالوم إلى الشروع في بناء الجدار في هذه المنطقة بغض النظر عن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي اعتبار الجدار غير قانوني. في هذه الأثناء، حمّل أقطاب اليمين المتطرف شارون مسؤولية وقوع العمليتين، وقال رئيس حزب "الاتحاد القومي" المتشدد تسفي هندل إن شارون "يتحمل مسؤولية لا بأس بها لحمام الدم"، مضيفاً: "انه يشجع المخربين" على قتل المزيد من اليهود على خلفية ضعفه وهاجسه "لترحيل" المستوطنين من غزة. ورأى الوزير زبولون اورليف مفدال ان العمليتين "تعيداننا إلى الوضع المؤلم وتبددان وهم الهدوؤء والانفصال"، ودعا إلى إصدار الأوامر للجيش بالاستعداد ل"حرب ضارية على الإرهاب"، بدلاً من اشغاله بالإعداد لاخلاء المستوطنات في غزة. وجاء ذلك فيما دانت السلطة الفلسطينية الهجوم، وقال وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات إن السلطة "تدين العمليات التي تستهدف مدنيين اسرائيليين او فلسطينيين". ودعا اللجنة الرباعية الى "تدخل فوري لتنفيذ خريطة الطريق لأن الطريق الى السلام والأمن والاستقرار للجميع لن تأتي عبر الجدران والاقتحامات والاستيطان والاغتيالات بل عبر عملية سلام ذات مغزى تقود الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي". وقال مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع "يستنكر رئيس مجلس الوزراء والحكومة الفلسطينية تفجير حافلتي ركاب في بئر السبع واستهداف المدنيين ما ادى الى وقوع عدد من القتلى والجرحى". واضاف البيان: "وتؤكد الحكومة الفلسطينية ان مصالحنا الوطنية العليا تتعارض مع هذه الاعمال وتتطلب وقفاً فورياً لها، والتي تمنح اسرائيل ذريعة لاستمرارها في تنفيذ مسلسل الاغتيالات والتصفيات والاجتياحات واستهداف المدنيين الفلسطينيين والنشاط الاستيطاني وبناء جدار الضم والتوسع". من جهة ثانية، قتلت قوات الاحتلال الفتى مازن الآغا 14 عاماً في مخيم يبنا المحاذي للشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر صباح أمس. وقال شهود ل"الحياة" إن قوات الاحتلال أطلقت النار بكثافة على المنطقة القريبة من أحد ابراج المراقبة العسكرية، فاصاب 18 عياراً نارياً جسد الفتى، في مشهد بدا مروعاً وقاسياً، أمام عيني والديه واخوته واخواته وجيرانه. وشيّع في وقت لاحق جثمان الآغا في مدينة خان يونس حيث تسكن عائلته. كما شيّع جثمان الشاب ياسر النجار 25 عاما في مدينة خان يونس. وكان النجار استشهد مساء أول من أمس قرب مستوطنة "موراغ" اليهودية الواقعة بين مدينتي رفح وخان يونس. من جهة أخرى، اجتاحت قوات الاحتلال مدينتي نابلس وجنين شمال الضفة. وأفادت مصادر فلسطينية أن نحو 20 آلية عسكرية اجتاحت مدينة جنين وحاصرت منزلاً واعتقلت خمسة مواطنين. كما اجتاحت مدينة نابلس واعتقلت عدداً من المواطنين. وتوغلت في بلدة العبيدية قرب مدينة بيت لحم جنوب الضفة، وفجرت عدداً من أبواب المنازل ودهمتها. وقالت مصادر عسكرية اسرائيلية ان قوات الاحتلال اعتقلت 39 فلسطينياً خلال الساعات الأخيرة في الضفة الغربية.