اجتاحت الاراضي الفلسطينية واسرائيل موجة جديدة من الارهاب الاسرائيلي ورد الفعل الفلسطيني فسقط المزيد من الشهداء والقتلى، ما بات ينذر بمزيد من التدهور الأمني، وتبدد الأمال بوقف اطلاق النار واستئناف عملية السلام. وفيما ساوت السلطة الفلسطينية بين عملية الاغتيال التي نفذتها اسرائيل في قطاع غزة والعملية الفدائية التي نفذها فدائي فلسطيني شرق تل ابيب، امتدحت اسرائيل عملية الاغتيال ونددت بالعملية الاستشهادية في تل ابيب اول من امس والتي ادت الى قتل اربعة اشخاص، ثلاثة منهم على الاقل عسكريون، بعد ان شنت مروحيات اسرائيلية غارة ادت الى استشهاد اسلاميين بارزين في قطاع غزة وثلاثة اخرين. تعهدت الاجنحة المسلحة لفصائل المقاومة الفلسطينية بالرد على عملية اغتيال قائد "سرايا القدس" الذراع العسكرية ل"حركة الجهاد الاسلامي" في قطاع غزة مقلد حميد 38عاما مساء اول من امس. وقالت الاجنحة المسلحة في بيانات اصدرتها في اعقاب اغتيال حميد وقائد "سرايا القدس" في وسط القطاع نبيل شريحي 28 عاما انها ستنتقم لاغتيالهما وستصعد من مقاومتها للاحتلال. واعتبرت "حركة المقاومة الاسلامية" ان اغتيال حميد وضع حدا لاتفاق تحييد المدنيين من الطرفين الذي توصلت اليه فصائل المقاومة في حوار القاهرة مطلع الشهر الجاري. وطالب نحو عشرين الف مواطن خرجوا امس لتشييع جثامين الشهداء الخمسة الذين سقطوا في عملية اغتيال نفذتها مروحيات اسرائيلية من نوع "أباتشي" الاميركية الصنع مساء الخميس في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة، من بينهم ثلاثة مدنيين من المارة، بتنفيذ المزيد من العمليات الاستشهادية. والشهداء المدنيون الثلاثة الى جانب حميد وشريحي هم: وائل الدقران 32عاما وأشرف رضوان 16عاما وسعيد ابو ركاب 27عاما. اما المواطن حسام ابو طيور فيعتبر في حالة موت سريري. وكانت مروحيتان اسرائيليتان اطلقتا صاروخين في اتجاه السيارة التي كان يستقلها حميد وشريحي، ما أدى الى استشهادهما وثلاثة اخرين على الفور واصابة عدد من المارة بجروح. وبعد أقل من ساعة فجر سائد كمال حنني 18عاما نفسه في محطة للحافلات قرب احد أهم مفترقات الطرق شرق تل ابيب ويسمى مفترق "قيعا" قرب بلدة "بيتاح تكفا"، ما ادى الى مقتل اربعة اسرائيليين وجرح 11 آخرين. وأعلنت كتائب الشهيد ابو علي مصطفى الذراع العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤوليتها عن العملية. وقالت الجبهة ان العملية جاءت ردا على اغتيال اثنين من نشطائها برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وجرائم الاحتلال في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية. ووضع حنني، وهو من بلدة بيت فوريك شرق نابلس، بتفجيره نفسه، حدا لهدنة غير معلنة من جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة التي توصلت في الحوار الى اتفاق في شأن تحييد المدنيين استمرت نحو شهرين ونصف شهر. وجاءت العملية مصادفة بعد اقل من ساعة على عملية الاغتيال في غزة. وعلى رغم ان اجهزة الامن الاسرائيلية قالت انها تلقت نحو 25 انذارا بنية فلسطينيين تنفيذ عمليات، الا انه لم يصلها أي معلومات في شأن هذه العملية. وهذه هي المرة الاولى التي ينفذ فيها ناشط في الجبهة الشعبية عملية استشهادية داخل اسرائيل، علما انه سبق وان نفذ ناشطون من الجبهة عمليات استشهادية في عدد من المستوطنات اليهودية في الضفة والقطاع. وجاءت العملية بعد اسبوعين على الاحتفال بذكرى انطلاقة "الجبهة" وقبل نحو ثلاثة أسابيع على ذكرى اعتقال الأمين العام للجبهة احمد سعدات في الخامس عشر من كانون الثاني يناير عام 2002، في احد سجون السلطة الفلسطينية. واغتالت اسرائيل الامين العام السابق للجبهة ابو علي مصطفى في آب أغسطس 2001، ومنذ ذلك الحين اطلقت الجبهة اسمه على جناحها العسكري. كما تعتقل اسرائيل نائب الامين العام للجبهة عبد الرحيم ملوح وعدداً من اعضاء مكتبها السياسي ولجنتها المركزية منذ نحو عام ونصف عام. وردا على اغتيال مصطفى اغتالت الجبهة وزير السياحة الاسرائيلي اليميني المتطرف رحبعام زئيفي في تشرين لاول اكتوبر 2001. رد فعل السلطة ودانت القيادة الفلسطينية، ورئيس الوزراء الفلسطيني العملية الفدائية شرق تل ابيب وعملية اغتيال حميد في غزة، وقالت في بيان انها "تدين وترفض العمليات التفجيرية واعمال القصف والاغتيال كافة التي تستهدف المدنيين، سواء كانوا اسرائيليين ام فلسطينيين". واصدر ديوان مجلس الوزراء بيانا جاء فيه ان رئيس الوزراء احمد قريع والحكومة الفلسطينية يستنكران "مسلسل العنف والعنف المضاد، وكان اخره قيام المروحيات الاسرائيلية باغتيال خمسة من المواطنين في غزة، وتفجير حافلة ركاب في تل ابيب، ما ادى الى وقوع عدد من القتلى والجرحى". ردود فعل اسرائيلية وفور وقوع العملية في تل ابيب قرر وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز فرض الاغلاق الشامل على الضفة والقطاع والغاء "التسهيلات" كافة التي تدعي اسرائيل انها منحتها للفلسطينيين اخيرا. واجتاحت قوات الاحتلال بلدة بيت فوريك شرق نابلس والتي خرج منها حنني ونسفت منزل عائلته بالمتفجرات، ما ادى الى هدم ثلاثة منازل مجاورة له، منها اثنان يملكهما عمّا الشهيد وثالث لاحد الجيران. كما اعتقلت قوات الاحتلال نحو عشرة فلسطينيين من البلدة ودهمت منازلها وفتشتها بعد فرض حظر التجول عليها، وأصابت فتى بجروح. وحولت قوات الاحتلال مدينة نابلس مسرحا لاعنف عملياتها في اعقاب العملية، وفرضت حظر التجول عليها ونكلت بسكانها ودهمت عددا من منازلها وفتشتها. سياسيا، عقد رئيس الحكومة ارييل شارون جلسة مشاورات مع وزير خارجيته سيلفان شالوم لمناقشة الموقف في اعقاب العملية. كما عقد وزير الدفاع موفاز جلسة تشاورية مع اركان قيادة الجيش الاسرائيلي للبحث في الرد الاسرائيلي المحتمل على العملية. ونسبت صحيفة "يديعوت احرونوت" الى مصادر سياسية اسرائيلية قولها ان "اسرائيل ليست في حاجة لتغيير سياستها وانها ستواصل انتهاج الخطوات التي تنتهجها حاليا في مكافحة الارهاب". وطالب رئيس اللوبي الاستيطاني في الكنيست عن حزب "ليكود" يحيئيل مزان بالرد على العملية "باغتيال قادة الارهاب وفي مقدمتهم الرئيس ياسر عرفات" وقال وزير الصحة داني نافيه ليكود ان "العملية تذكرنا في شكل قاس بأن الارهاب مازال قائما على رغم ما نبديه من رغبة في التقدم على المسار السياسي"، ودعا الى طرد عرفات، معتبرا ان "هذه هي الخطوة الامنية الحتمية الآن". ورأى عضو الكنيست عن حزب العمل حاييم رامون ان "العملية تعتبر نتيجة متواصلة لعدم استكمال بناء جدار الفصل". واعتبر ان "كل يوم يمر من دون الانتهاء من بناء الجدار، حسب المصالح الامنية لسكان اسرائيل، وليس حسب المصالح السياسية للمستوطنيين، يجبي هنا ثمنا دمويا باهظا". وحذت عضو الكنيست عن حزب "شينوي" وسط ميلي بوليشوك ربلوخ حذو رامون وقالت ان "عمليات القتل ستتواصل طالما لم يتم بناء جدار فاصل بمحاذاة الخط الاخضر والانفصال من جانب واحد". اما رئيس كتلة حزبر "هيئيحود هليئومي" اليميني المتطرف يوري شتيرن فقال: "بدل الحديث الفارغ عن اخلاء المستوطنات الذي يشجع الارهاب يجب مواصلة وتعزيز الحرب ضد التنظيمات الارهابية وقواعد الارهاب". وقال المعلق العسكري الييكس فيشمان في مقال له امس في "يديعوت احرونوت" ان فشل قوات الامن الاسرائيلية في منع التفجير في تل ابيب "خلل احصائي" لأن قوات الامن اكتشفت ومنعت تنفيذ عمليات كثيرة، وأضاف انه يتفق مع رئيس هيئة الاركان على ان المنطقة تتجه نحو وقف لاطلاق النار. الى ذلك، قصفت "كتائب الشهيد عز الدين القسام" الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس عددا من المستوطنات اليهودية في قطاع غزة امس بخمسة صواريخ قسام وثلاث قذائف هاون. وقالت "الكتائب" في بيان ان "مجاهديها قصفوا معبر المنطار كارني شرق مدينة غزة بصاروخي قسام"، وان مثلهما اطلقا على مستوطنة "نتساريم" جنوبالمدينة، وخامساً على مستوطنة "جديد" غرب خان يونس. واطلقت قذائف الهاون الثلاث على مستوطنة "نفيه دكاليم" غرب خان يونس ايضا. من جهة اخرى، قدمت النيابة العسكرية الاسرائيلية صباح الخميس لائحة اتهام ضد الفلسطينية لطيفة خداع من مخيم بلاطة للاجئين قرب نابلس. وجاء في اللائحة ان خداع نقلت حزاماً ناسفا الى اسرائيل من اجل تنفيذ عملية تفجيرية، مقابل تلقيها مبلغا من المال. كما جاء في اللائحة ان خداع التي ربطت الحزام الناسف على وسطها كانت تعلم ان النساء لا يخضعن للتفتيش، وانها كانت على علم بتفاصيل العملية التي كانت ستنفذ في بلدة رأس العين وسط اسرائيل. وكان مقاتل من "سرايا القدس" التابعة ل"الجهاد الاسلامي" هو محمد الدسوقي 22 عاماً استشهد برصاص قوات الاحتلال اثناء محاولته زرع عبوة ناسفة قرب مستوطنة "جني طال" الجاثمة فوق اراضي الفلسطينيين شمال مدينة خان يونس، وشيع جثمان الدسوقي امس الى مثواه الاخير في مقبرة الشهداء في مخيم خان يونس القريب من المستوطنة المذكورة. واعلنت مصادر فلسطينية وفاة عدنان ابو جويعد 29 عاما من سكان خان يونس امس متأثرا بجروح اصيب بها في قصف اسرائيلي استهدف مخيم خان يونس للاجئين جنوب القطاع مساء الخميس. توغل في بلاطة من جهة اخرى، توغلت عشرات السيارات العسكرية امس في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين في نابلس حيث فرض جيش الاحتلال حظر التجول، حسبما افادت مصادر امنية فلسطينية. وقام الجنود بعمليات دهم من منزل الى منزل بحثا عن ناشطين "مطاردين".