ارتفعت الستارة الزهرية اللون للمرة الثانية في مؤتمر الحزب الجمهوري العام امس، وسط عزم أعضائه السياسيين والمندوبين الحاضرين على تقديم مرشحهم الرئيس جورج بوش بصفته الرجل المناسب لقيادة "أمة في حرب" والساعي إلى تحقيق الازدهار للبلاد. ويتوقف نجاح الحزب في نقل الصورة التي يريدها للرئيس على أمرين: أولهما: تقديم أدلة على تحسين الأداء الاقتصادي لا مجرد وعود بخفض الضرائب، وحل أزمة البطالة. أما الأمر الثاني والأهم، فهو كيف ينظر الناخب الأميركي إلى الحرب: هل هي قتال ضد الإرهابيين الذين يهددون بلاده، أم أنها حرب على أرض غريبة دامت مدة أطول من الحرب العالمية الأولى. صورة محببة ببوش وأمام ذلك، لن يوفر الجمهوريون وسيلة لتلميع صورة مرشحهم. وهم لا يحاولون إعادة التعريف به وإنما إعادة شرح أهدافه وشخصيته وأسلوبه في الحكم، الامور التي يعتبرون أنها لم تعد واضحة بسبب "ممارسات بعض المسؤولين" في إدارته. كما يسعون إلى تطرية صورة الرئيس، عبر إطلالة زوجته لورا بوش المحبوبة من جانب الجمهوريين والديموقراطيين على السواء، ورودي جولياني رئيس بلدية نيويورك السابق والسناتور جون ماكين وحاكم كاليفورنيا الممثل السابق آرنولد شوارزنيغر. وفي وقت تركز لورا بوش في كلمتها على الاسباب الداعية لضرورة اعادة انتخاب زوجها، فإنها تتجنب مهاجمة منافسه الديموقراطي السيناتور جون كيري. وأكدت مصادر في المؤتمر أن الهدف تذكير الناخبين بالمرشح الذي قدم لهم عام 2000، بصفته "محافظاً محبوباً"، مع التركيز على تقدم المرشح الجمهوري على منافسه الديموقراطي لجهة التواضع واعتباره رجلاً من الشعب. وقال زعيم الحزب الجمهوري إد جيلبسي: "الرئيس ليس فقط رئيساً عظيماً. والمؤتمر لن يعرض قوة بوش كقائد فقط، لكن كأب وزوج محب، وشخص يحب البيسبول". واستمرت فاعليات اليوم الثاني للمؤتمر الجمهوري بمشاركة 4850 مندوباً من مختلف الولايات، وسط إجراءات أمنية مشددة تحسباً لاعتداءات إرهابية، فيما أخذت التظاهرات في الخارج طابعاً عنيفاً. ومن أبرز متحدثي اليوم الثاني حاكم كاليفورنيا آرنولد شوارزنيغر، والعضو الديموقراطي في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا زيل ميللر الذي يؤيد بوش في خروج على سياسة حزبه في مساندة كيري. ماكين وجولياني و11 ايلول وشهدت جلسة أمس مشاركة أبرز اثنين من المتحدثين السود، وهما وزير النقل رود بيغ، ونائب الحاكم مايكل ستيل اللذان ركزا في الجلسة على بعض سياسات بوش الخاصة بالتعليم والرعاية الصحية والاقتصاد. وكان جون ماكين ورودولف جولياني افتتحا مؤتمر الحزب اول من امس، بإشادة بقيادة بوش بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 والتي قالا إن رده عليها برهن على قوته كقائد أعلى للقوات المسلحة. وأستحضر ماكين السناتور عن اريزونا ذكرى الاعتداءات التي وصفها بأنها "الاختبار لجيلنا". وأضاف أن بوش "وضع موضع الاختبار وارتقى الى مستوى أهم التحديات في عصرنا وأنا احييه". ووصف الحرب على الإرهاب بأنها "معركة بين الحق والباطل والخير والشر". وشبه جولياني حرب بوش على الإرهاب بالمعركة التي خاضها رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل ضد ألمانيا النازية ومعارضة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان للاتحاد السوفياتي. وقال انه في 11 أيلول، "اعتقدنا أننا سنتعرض للهجوم مرات عدة في ذلك اليوم وفي الأيام التي تلته. وبعفوية أخذت مفوض شرطة المدينة برنارد كيريك جانباً وقلت له علينا أن نشكر الله لأن جورج بوش رئيسنا، وأقولها مجدداً هذا المساء... فلنشكر الله لأن جورج بوش رئيسنا". بوش.. الزعيم القوي بالتزامن مع ذلك، استمرت جولة الرئيس بوش في الولايات الرئيسية، ليتوقف في اثنتين تراجعت شعبيته فيهما هما نيوهامبشير وميتشيغان، في محاولة لتصوير نفسه على انه قائد حاسم في الحرب على الإرهاب. وأخذ مناهضو بوش عليه تصريحاً أدلى به لشبكة "أن بي سي"، قال فيه عن الحرب على العراق: "لا أعتقد أن بإمكاننا كسبها. لكنني أعتقد أنه بإمكاننا ايجاد ظروف تجعل الذين يستخدمون الإرهاب كأداة، غير مرحب بهم في أجزاء من العالم". وعلق جون إدواردز المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس على ذلك قائلاً "هذا ليس وقت إعلان الهزيمة. لن تكون الحرب سهلة ولا سريعة لكن لدينا خطة شاملة طويلة الأجل لجعل أميركا أكثر أماناً". إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "إي بي سي" التلفزيونية وصحيفة "واشنطن بوست" إن تعادل المرشحين الجمهوري والديموقراطي مع حصول كل منهما على 48 في المئة من نيات التصويت الثاني. أما المرشح المستقل رالف نادر، فكان نصيبه واحداً في المئة بحسب هذا الاستطلاع. وأشارت استطلاعات عدة أجريت في الأيام الأخيرة الى تقدم طفيف لبوش. "عصيان مدني" ميدانياً، اتخذت التظاهرات في نيويورك طابعاً عنيفاً أمس، باقدام بعض المجموعات المعارضة لسياسة بوش في العراق، على قطع الطريق أمام مراكز الشركات العملاقة المستثمرة في العراق، وحصول مشادات مع رجال الشرطة ومندوبي الحزب الجمهوري. ونظمت مجموعة "التحرك الفعلي" تظاهرات جوالة ولجأت للعصيان المدني، أمام شركات: "مجوعة كارليل" للاستثمارات الدفاعية ومؤسسة "راند" لرسم الاستراتيجيات السياسية وعملاقتي النفط "شيفرون" و"هاليبرتون"، و"بنك اوف أميركا" وشركة "هامر" لعجلات الدفع الرباعي. وانطلق المتظاهرون من ساحات يونيون وهارلد وماديسون مسلحين بيافطات منددة ب"منتفعي الحرب" و"الرأسمالية الجشعة".