كتبت عن بعض مظاهر اللاسامية في 12 من الشهر الماضي، وتلقيت رسائل كثيرة من قراء، غالبيتهم غير عربية، ومن اليهود الأميركيين والأوروبيين، مع بعض الاسرائيليين. ورددت على الرسائل في 23 من الشهر نفسه، فتلقيت مجموعة أكبر من الرسائل، وبعض القراء قرأ المقال الثاني مترجماً الى الانكليزية من دون أن يكون قرأ المقال الأول. أقول باختصار شديد انني دِنت وأدين اللاسامية بالمطلق، وأرفض أي سبب لها أو تبرير، وفي حين أحمّل آرييل شارون مسؤولية زيادتها، فإنني أسجل أيضاً انها موجودة، وهناك لا سامية كامنة في أوروبا، وبعض اللاساميين يستعمل شارون عذراً لممارسة لا ساميته. رددت على قراء كثيرين ردوداً خاصة، وسأحاول اليوم عرض بعض الآراء التي تلقيتها، خصوصاً ان أكثرها ضد ما كتبت. ولا أزيد هنا سوى أن الرسائل التي أتناولها اليوم كانت بالانكليزية وبالبريد الالكتروني. القارئان ديفيد كولنز وستيفن غودمان علقا في شكل موضوعي على اللاسامية، ثم اشتركا في الاعتراض على تعليق لي بدأت به المقال الثاني، فقد كان القارئ علي العميلي من البحرين بعث اليّ برسالة نشرت جزءاً منها يحمّل العرب المسؤولية عن فشلهم وعجزهم وتناحرهم، وقلت: "القارئ معه حق. ولكن رجائي عنده، ما تفضحناش. ربنا يستر عليك". كانت الترجمة الى الانكليزية صحيحة، إلا أن المترجم على ما أعتقد شاب فاته المعنى، فالعبارة من الأفلام المصرية القديمة، عندما تضبط الست في وضع مشبوه، فتقول: "بعرضك ما تفضحناش..." وقد شرحت للقارئين المقصود بعد أن اعتقدا انني أحاول منع نشر الغسيل العربي الوسخ في الصحف. كان هناك دفاع كثير عن شارون من قراء شارونيين، والقارئ كلي غلوكمان كرر رأياً أسمعه باستمرار وأرفضه، هو أن شارون ارتكب جرائم أقل من سلوبودان ميلوشيفيتش أو صدام حسين أو آخرين. والرد الصحيح هو ان جرائم أي طرف، كثرت أو قلت، لا تعفي طرفاً آخر من جرائمه. وشارون لا يستطيع أن يقول إنه بما ان صدام حسين قتل ألوفاً من أبناء شعبه فإن من حقي قتل مئات من الفلسطينيين. غير انني اوافق القارئ ميكي ر. نصف رأيه فهو يقول انه لا يجوز توجيه الكره الى جميع اليهود بسبب شارون، وهذا صحيح، غير ان النصف الثاني يزعم ان غياب الديموقراطية في البلدان العربية وعجز الشعوب ازاء الحكام يجعلان العرب يبحثون عن كبش فداء هو اسرائيل وكره اليهود. وهذا غير صحيح بالمرة، فسبب الكره، وهو موجود فعلاً، لا يمكن أن يفصل عن الممارسات الوحشية لحكومة آرييل شارون ضد الفلسطينيين قتلاً وتدميراً كل يوم. أما القارئ جاريك فونتين، فهو عنصري من نوع شارون، يتهم العرب باللاسامية، ثم يزيد تهماً عنصرية خالصة في دفاعه عن مجرم حرب. بل انه في عنصريته يسخر من الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية، ولا تهمه اراؤهما، ما يفضح نزعة غطرسة شارونية خالصة. وضاق المجال فأزيد باختصار: - القارئ بروس ساندرز يعتبر تحميل شارون المسؤولية عن انتشار اللاسامية عذراً يقدمه اللاساميون. وأبقى عند موقفي كما سجلته في بداية هذه الزاوية. - القارئ ناتان زافران يتحدث عن جرائم عرب ضد عرب وعن دارفور وايران، بل عن خطاب لرئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد. وكل هذا لا يعفي آرييل من جرائمه، بل يجعل من يدافع عنها شريكاً فيها. - القارئ ألون الوني يحمّل العرب مسؤولية عجزهم عن اصلاح امورهم، وهذا صحيح، ثم يطالب الصحافيين مثلي العمل لبناء رأي عام عربي يطلب السلام، ولا غضاضة في ذلك. غير انني مرة أخرى أصر على ان اخطاء العرب وخطاياهم لا تمنع ان في اسرائيل رئيس وزراء متطرفاً لا يريد السلام. - القارئ دارشاي ايميت يتهمني بتسهيل الإرهاب، وباستخدام عبارات منمقة لاخفاء اني لا سامي. وأتهمه بأنه عنصري يكره العرب والمسلمين، ويتستر على مجرم الحرب آرييل شارون، ما يجعله شريكاً في جرائمه. - القارئ ملفن ويلز يدخل في متاهة تاريخية عن حق اليهود في اسرائيل، لا العرب أو المسلمين. وأقول له ان كل عربي ومسلم يقول ان فلسطين للعرب والمسلمين، وهناك 2،1 بليون منهم حول العالم مقابل 16 مليون يهودي، ما يعني غالبية مطلقة تقول ان فلسطين، لا اسرائيل، للفلسطينيين. وهذا الرد من نوع كلام القارئ، فأنا لا أزال أطالب بدولتين تعيشان بسلام جنباً الى جنب. - القارئ بول يتحدث عن تضحيات الأميركيين بأرواح أبنائهم وببلايين الدولارات في العراق، وأقول ان الادارة الأميركية مسؤولة عن قتل الأميركيين وتبديد أموال دافع الضرائب الأميركي. وهي "تبرعت" بالحرب لأسباب كاذبة كلها. ويجب ان يحاسبها القارئ لا أن يحاسبنا نحن. بعد كل ما سبق أكمل ببعض البريد المؤيد للأفكار التي سجلتها في المقالين، والقارئ جيم كينلان يقول ان المقال ممتاز، والنفوذ اليهودي في سنة انتخابات يمنع البحث في التأييد الأميركي للسياسات الاسرائيلية في فلسطين وهو يقترح اعادة توطين الاسرائيليين في بلده الولاياتالمتحدة، مع ادراكه ان هذا صعب، ويحذر العرب من ممارسة الإرهاب لأنه لن يعود عليهم بنتيجة. والقارئ باتريك أوغل يريد أن يقرأ مقالي الأميركيون والعرب والاسرائيليون لأن اللاسامية لا يجوز تبريرها أبداً. أما القارئ جون جونز فيعتقد انني أقسو على العرب. وقد بعثت اليه برد خاص. ولا أنسى أن أشكر القارئ حاسن حسام على رسالته، فهو وقف معي ضد أنصار شارون. هذا باختصار شديد ما عندي عن اللاسامية وسببها الشاروني بين مؤيد ومعارض من القراء. وسأغلق الموضوع الى حين، فقد استهلك، وشارون ليس مصيبتنا الوحيدة، فهناك مصائب كثيرة غيره. من صنع أيدينا.