تجاهلت أسواق النفط أمس تصريحات منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك التي سعت الى تهدئة الاجواء والاعلان عن ارتفاع مفاجئ في مخزونات البنزين الاميركية قبل ثلاثة أيام، ودفعت بأسعار النفط الخام الى مستويات قياسية جديدة لتقترب من مستوى 45 دولاراً للبرميل للخام الاميركي الخفيف، وذلك بعدما سلط حريق شب في ثالث أكبر مصفاة أميركية ومشاكل شركة"يوكوس"النفطية الروسية الضوء على احتمال اضطراب الامدادات، في وقت تشهد فيه السوق نمو الطلب بأسرع معدل منذ أكثر من 20 عاماً. وعلى رغم أن"أوبك"قالت يوم الاربعاء الماضي ان لديها طاقة انتاجية اضافية تراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يومياً، الا ان المحللين قالوا أن الضخ الفعلي لهذه الكميات الى الاسواق سيحتاج لوقت. بدأت الموجة الاخيرة من ارتفاع اسعار النفط بعدما منعت الحكومة الروسية شركة"يوكوس"النفطية العملاقة من استعمال حساباتها المصرفية أول من أمس. وواصلت اسعار النفط ارتفاعها اثر نشوب حريق الليلة قبل الماضية في وحدة في مصفاة تابعة لشركة"بي بي"في تكساس، بطاقة انتاجية مقدارها 470 الف برميل يومياً، هي ثالث أكبر مصفاة في الولاياتالمتحدة. وتم اخماد الحريق لكن لم يتضح الى متى ستظل الوحدة مغلقة. وجاء الحريق في وقت مازال الطلب فيه على البنزين في الولاياتالمتحدة قوياً بسبب موسم العطلات. ويترقب المتعاملون الآن المزيد من الأخبار عن شركة"يوكوس"التي تضخ 1.7 مليون برميل يومياً، أي خمس انتاج النفط الروسي، وتمثل اثنين في المئة من الامدادات العالمية وتكافح حتى لا تسقط فريسة للافلاس تحت وطأة ديون ضريبية تبلغ 3.4 بليون دولار. وقال مصدر مالي أمس ان"يوكوس"لا تملك أموالاً في حساباتها المصرفية بعدما صادر ممثلو الادعاء 900 مليون دولار يوم الخميس الماضي لسداد متأخرات ضريبية مستحقة على الشركة. وأضاف المصدر:"ليس لديهم سيولة لتمويل عملياتهم الاساسية". ورفضت الشركة التعليق لكنها حذرت مراراً من قبل من أنها تحتاج الى 400 مليون دولار على الاقل من حساباتها في بنوك روسية لتمويل عملياتها الاساسية مثل رسوم النقل لضمان استمرار تدفق الصادرات. وقالت الشركة انها دفعت رسوم النقل لشهر آب اغسطس لشركة"ترانسنفت"لخطوط الانابيب لكنها ستحتاج للمال في منتصف آب لدفع رسوم الصادرات في أيلول سبتمبر. وبعدما قضت محكمة بتجميد حسابات الشركة المصرفية قالت"يوكوس"ان الضرائب المستحقة قد تعرضها للافلاس. وقالت وزارة العدل الروسية يوم الخميس ان جميع ايرادات شركة"يوكوس"النفطية العملاقة سيتم التحفظ عليها لدفع الضرائب المستحقة على الشركة البالغة 3.4 بليون دولار. واضافت الوزارة في بيان"جميع الموارد المالية الداخلة الى حسابات الشركة الآن وفي المستقبل ستتحفظ عليها سلطات تحصيل الضرائب وستحول الى الموازنة لدفع الدين الضرائب". ووصفت الوزارة بياناً اصدرته"يوكوس"يوم الاربعاء، جاء فيه ان سلطات تحصيل الضرائب سمحت لها باستخدام حساباتها المصرفية لدفع الاجور ونفقات التشغيل ورسوم النقل لضمان تدفق الصادرات النفطية، بأنه"ابتزاز". وقال خبير شؤون الطاقة المستقل جيف باين:"يوكوس هي العامل الرئيسي الذي يدعم الاسعار الآن". واضاف:"السوق تعتقد انها ستخسر انتاج يوكوس وفي الوقت نفسه فانه لا توجد اي دلائل على ان الطلب تباطأ في الربع الثاني مثلما كان متوقعاً. هناك انباء كافية تجعل الناس يعتقدون ان اوبك لن يكون بمقدورها زيادة انتاجها على الفور". واثارت المخاوف الأمنية في العراق اضافة الى حالة من الغموض في فنزويلا ونيجيريا قلقاً من عدم كفاية الامدادات. واجتذب هذا المستثمرين من صناديق المضاربات الذين يُنظر اليهم على انهم احد الأسباب المسؤولة عن الزيادات المستمرة لأسعار النفط هذه السنة. وأظهر استطلاع أجرته"رويترز"أمس أن المحللين النفطيين عدلوا بالزيادة توقعاتهم لاسعار النفط الخام خلال سنة 2004 مرة أخرى وأنهم يجاهدون للحاق بالارتفاعات القياسية في الاسعار. وقدّر الاستطلاع الذي شمل 14 محللاً أن يبلغ متوسط سعر خام"برنت"القياسي 33.30 دولار للبرميل بارتفاع نسبته 2.7 في المئة مقارنة بإجماع الاقتصاديين في استطلاع في حزيران يونيو الماضي على أن يبلغ 32.41 دولار وتوقعات بأن يبلغ 24.70 دولار في بداية السنة. وبلغ متوسط سعر"برنت"28.48 دولار للبرميل عام 2003. وتوقع الاستطلاع أن يبلغ متوسط سعر الخام الاميركي الخفيف هذه السنة 36.03 دولار للبرميل، ارتفاعاً من 35.20 دولار في حزيران. ورفض بعض المحللين الادلاء بتوقعات قبيل تعديل تقديراتهم خلال الايام القليلة المقبلة. ورفع المحللون باطراد توقعاتهم لاسعار الخام على مدى العام مع نمو الاقتصاد العالمي الذي قادته الولاياتالمتحدة والصين والذي عزز الطلب على النفط. وقال رودريغو راتو رئيس صندوق النقد الدولي يوم الاربعاء الماضي انه من المتوقع ان يتجاوز نمو الاقتصاد العالمي هذه السنة توقعات الصندوق في نيسان أبريل الماضي بأن يبلغ 4.6 في المئة ومن المقدر أن يواصل نموه القوي في سنة 2005. وقالت ديبورا وايت الاقتصادية في"اس جي سكيوريتيز":"كنا مخطئين تماماً فيما يتعلق بالطلب ... لم نتصور ان يواصل الطلب نموه المتسارع. ولم تتصور أوبك ذلك. لم يتصوره أحد". وتوقع محللون ان يتراجع ارتفاع الاسعار السنة المقبلة مع زيادة طاقة المصافي وزيادة المخزونات وتباطؤ نمو الطلب. وقدروا أن ينخفض متوسط سعر برنت الى 28.83 دولار في 2005. وقالت وايت:"في السنة المقبلة سيكون نمو الطلب أبطأ بشكل ملحوظ وليست هناك ضغوط من تغييرات جديدة في مواصفات المنتج ... ومع حل مشكلة نقص طاقة المصافي لن يكون هناك ما يسبب ازمة وربما أيضا يأتي الشتاء دافئاً وهو ما قد يفيد". وحتى يؤدي ارتفاع الاسعار الى خفض الطلب يقول المحللون ان السعر يجب أن يتجاوز مستوى 50 دولاراً للبرميل ليبدأ هذا الأثر. وقال بورنومو يوسجيانتورو رئيس"أوبك"أمس ان المنظمة تنتج بمعدل 30 مليون برميل يومياً ومستعدة لزيادة الانتاج بين مليون و1.5 مليون برميل يوميا اذا اتضح أن ذلك ضروري حينما يجتمع وزراء المنظمة في أيلول سبتمبر المقبل. وأضاف يوسجيانتورو وهو وزير النفط الاندونيسي:"الآن السقف الرسمي لانتاج أوبك 26 مليون برميل يومياً، وشاملاً انتاج العراق 28 مليون برميل يومياً". وزاد:"ولكن الان يوجد زيادة في الانتاج قدرها مليونا برميل يومياً وعليه فان انتاج أوبك الاجمالي 30 مليون برميل يومياً، ويرجع ذلك جزئياً الى أن أوبك تريد تحقيق استقرار سوق النفط". وقدّر استطلاع أجرته"رويترز"شمل مصادر من شركات استشارية وشركات نقل أن يكون انتاج"أوبك"قد بلغ 29.52 مليون برميل يومياً في تموز يوليو الماضي. ومن المقرر أن يجتمع وزراء"أوبك"في فيينا يوم 15 أيلول للبحث في سياسة الانتاج، لكن لا تملك سوى السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، طاقة انتاجية فائضة تمكنها من زيادة الامدادات. الأسعار وارتفع سعر خام"برنت"للعقود الآجلة تسليم أيلول سبتمبر في بورصة النفط الدولية في لندن صباح أمس 28 سنتاً الى 41.40 دولار للبرميل، متجاوزاً ذروته التي بلغها في الجلسة السابقة عند 41.30 دولار للبرميل ومسجلاً أعلى مستوى له منذ بدء تداول عقود"برنت"الآجلة عام 1988. كما سجل"برنت"41.50 دولار في المعاملات الالكترونية الاسيوية قبل افتتاح بورصة النفط الدولية في لندن. وتراجع سعر"برنت"في الساعات التالية من التعامل الى 40.90 دولار للبرميل. وارتفع سعر الخام الاميركي الخفيف للعقود الآجلة تسليم أيلول 27 سنتاً الى 44.68 دولار، مقابل 44.77 دولار أعلى مستوى له منذ بدء عمل بورصة"نايمكس"قبل 21 عاماً. وتراجع سعر الخام الاميركي في الساعات التالية من التعامل الى 44.24 دولار للبرميل. وقالت وكالة أنباء"أوبك"أوبكنا أمس أن سعر سلة خامات المنظمة ارتفع أول من أمس الى 39.55 دولار للبرميل من 39.29 دولار يوم الاربعاء.