مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    توتنهام يتغلب على أينتراخت فرانكفورت    مجلس الأعمال السعودي الأمريكي يحتفي بمرور 30 عامًا على تأسيسه    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    النفط يسجل زيادة بأكثر من 3 بالمئة    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    «تنمية رأس المال البشري».. تمكين المواطن وتعزيز مهاراته    تقاطعات السرديات المحلية والتأثيرات العالمية    هل أنا إعلامي؟!    فرح أنطون والقراءة العلمانية للدين    الاستمرار في السكوت    في إشكالية الظالم والمظلوم    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    حتى لا تودي بك تربية الأطفال إلى التهلكة    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على الخليج    ضبط إثيوبيين في عسير لتهريبهما (44,800) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    غدًا.. انطلاق التجارب الحرة لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 لموسم 2025    القبض على إندونيسي ارتكب عمليات نصب واحتيال بنشره إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    أمير القصيم يستقبل مدير فرع الشؤون الإسلامية    نائب أمير منطقة جازان يطّلع على تقرير "الميز التنافسية" للمنطقة لعام 2024    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    أمير القصيم يستقبل منسوبي تجمع القصيم الصحي ويطّلع على التقرير السنوي    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    تخريج الدفعة ال22 من طلاب "كاساو" برعاية نائب وزير الحرس الوطني    بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يصل العاصمة الإيرانية طهران في زيارة رسمية    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    وفاة محمد الفايز.. أول وزير للخدمة المدنية    سهرة فنية في «أوتار الطرب»    مجلس «شموخ وطن» يحتفي بسلامة الغبيشي    زخة شهب القيثارات تضيء سماء أبريل    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    أنور يعقد قرانه    "التعليم" تستعرض 48 تجربة مميزة في مدارس الأحساء    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    حرب الرسوم الجمركية تهدد بتباطؤ الاقتصاد العالمي    مؤسسة تطوير دارين وتاروت تعقد اجتماعها الثاني    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 03 - 08 - 2004

انتهيت من حديثي عن الاهتمام بالإسلام والمسلمين، من زاوية الإرهاب أمس، وقد عجزت عن الاشارة الى أخبار تتحدث عن هوية اسلامية متزايدة بعد استطلاع في ست دول عربية، وعن الاسلام على الطريقة الايطالية كما يمارسه المهاجرون هناك، والاسلام "الراديكالي" المنتشر في المناطق السنيّة من العراق.
كلها موجود عندي لمن يرغب، ولكن أفضل منها ما كتب نيكولاس كريستوف في "نيويورك تايمز" تحت عنوان "يسوع وجهاد"، فهو تحدث عن فكر المسيحيين الصهيونيين من قاعدة جورج بوش الانتخابية، وروايات تروج هذا الفكر بيع منها نحو 60 مليون نسخة. واختار الكاتب من رواية أخيرة عنوانها "العودة الرائعة" وتنتهي كبقية الروايات بموت جميع الناس باستثناء المؤمنين بالمسيح على طريقتهم. وهذا لا يعني ان ينتهي اليهود والمسلمون والبوذيون وحدهم في الجحيم، بل أن ينضم اليهم الكاثوليك والارثوذكس وكل طائفة مسيحية غير الجناح التبشيري المؤمن بالعودة الثانية.
وفي الرواية الأخيرة "يرفع يسوع يده وتفتح الأرض بما يكفي لابتلاع غير المؤمنين الذين يسقطون وهم يصيحون وينتحبون، إلا أن اصواتهم تضيع عندما تغلق عليهم الأرض...". ويسأل كريستوف ماذا كان حدث لو أن مسلماً نشر في المملكة العربية السعودية كتاباً يصف فيه قتل الله الملايين من غير المسلمين.
الانسان لا يحتاج الى جواب، فالمسيحيون الصهيونيون كانوا سيقودون الحملة على "التطرف" الاسلامي من دون أن يروا تطرفهم.
التطرف، مثل الكفر، ملّة واحدة، والمسيحيون الصهيونيون يعتقدون ان قيام اسرائيل تجسيد لارادة الله، ووعده لسيدنا ابراهيم. وهم ينتظرون عودة المسيح الثانية ومعركة ارمجدون، أو المعركة النهائية بين الخير والشر، عندما ينقذون وحدهم ويفنى الآخرون جميعاً، فإشارة من يد المسيح تكفي لتمزيق هؤلاء إرباً. وهم يسعون الآن الى تنفيذ حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، وبناء المعبد اليهودي في مكان قبة الصخرة المشرفة، كخطوات لا بد من أن تتحقق تمهيداً للعودة الثانية.
ويقدر عدد المسيحيين الصهيونيين في الولايات المتحدة بنحو 20 مليوناً، وقد قدموا تبرعات بملايين الدولارات في السنوات الأخيرة لإسرائيل، وأقاموا تحالفاً مع ليكود، مع ان اثنين من رؤساء حاخامات اسرائيل السابقين، وهما ابراهام شابيرا وموردخاي الياهو أمرا بعدم قبول التبرعات من المسيحيين الصهيونيين لأن هؤلاء يعتبرون مصير اليهود جهنم إلا اذا اعتنقوا مذهبهم التبشيري.
ويرفض رؤساء الكنائس المسيحية الكبرى فهم المسيحيين الصهيونيين الكتاب المقدس، فهؤلاء يتوكأون على اشارات في سفر دانيال وانجيل متى، كما انهم يركزون على بضعة اعداد في كتاب الرؤيا عن المسيح الدجال وعودة المخلص. والكتاب هذا هو الأخير في العهد الجديد، وينسب الى القديس يوحنا، إلا أن مؤرخين محدثين يشكون في صحة هذه النسبة، وبعضهم يقول انه ربما كان هناك يوحنا غير القديس صاحب الانجيل المعروف باسمه.
وكان الواحد منا يستطيع اهمال التبشيريين، على اعتبار انهم ضالون أو مضللون، لولا ارتباطهم العضوي المباشر بجورج بوش وسياسته. وأرجو ألا يعتقد القارئ انني أبالغ، فالرأي ليس لي وحدي وقد كتب دانا ميلبانك ومايك ألن في "واشنطن بوست" ان استراتيجية بوش الانتخابية من نوع جيد، فالعادة ان يركز المرشح على الناخبين الذين لم يقرروا رأيهم بعد، غير ان جورج بوش قرر الاعتماد على أصوات قاعدته الانتخابية، لذلك فهو يخاطبهم ويحثهم على التصويت، لأنه يعتقد ان النتيجة سيقررها مدى التزام ناخبي كل مرشح ومشاركتهم في الاقتراع.
من هنا يصبح تطرف المسيحيين الصهيونيين خطراً علينا عرباً ومسلمين، لأنهم اذا أعادوا بوش الى البيت الأبيض، فهو سيلتزم فكرهم الديني والسياسي مرة أخرى.
جورج بوش من بلدة ميرلاند، في تكساس، ففيها بيته ومزرعته، مع انه لم يولد فيها، ميرلاند بلدة تضم 94 ألف نسمة، و250 كنيسة، وهو رقم يكاد يكون قياسياً بالمفاهيم الأميركية. ويبدو ان البلدة صناعتها النفط والدين، فبين الكنيسة المنهجية حيث تزوج جورج بوش ومكتب أنصاره الذين يجمعون التبرعات لحملته الانتخابية هناك تمثال للسيد المسيح، محاط بلهب أحمر وجيش من الصلبان البيض المغروسة في الرمل، مع وعد بموت الشيطان.
وغالبية سكان البلدة يعتبرون ان جورج بوش رئيس مسيحي يطيع اوامر الله. وكمثل عليهم قرأت تحقيقاً عن البلدة في مجلة "التايمز" ينسب الى بيل كولنز، وهو من انصار بوش، قوله انه بعد المعركة على ضفاف الفرات يحصل اليهود على أرضهم التوراتية وتصبح عودة المسيح الثانية وشيكة جداً. ويزيد لا فض فوه ان يد الله ترشد السياسة الخارجية الأميركية، وهو سعيد بالغليان في الشرق الأوسط، لأنه ينذر بقرب عودة المسيح.
وكان هناك آخرون يتحدثون أيضاً عن عودة المسيح غداً أو بعد غد، وروعة ان يصادف ذلك وصول جورج بوش الى ميرلاند. وهم جميعاً يقسمون العالم بين الذين "انقذوا"، أي هم، والذين لم "ينقذوا" أي بقية العالم بمن فيه القارئ وأنا.
بموضوعية ومسؤولية، أجد ان تطرف المسيحيين الصهيونيين يزيد اضعافاً على تطرف الارهابيين المسلمين، والفرق بين الاثنين ان المسيحيين الصهيونيين لا يحملون السلاح لقتل الآخرين، وإنما ينتظرون ان يقوم السيد المسيح بالمهمة نيابة عنهم. وهكذا تنجو قاعدة بوش الانتخابية من الاهتمام السلبي الذي يحيط بالاسلام والمسلمين نتيجة للارهاب، مع انها اكثر خطراً لتأثيرها في أكبر قوة سياسية واقتصادية وعسكرية في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.