تسببت موجة التفجيرات التي طاولت الاحد ست كنائس في العراق، في اثارة قلق لدى المسيحيين الذين تناقص عددهم حتى اصبح دون المليون، وخوف من ان تنعكس المستجدات الامنية المأسوية على جوانب اخرى من حياتهم. واستنكرت هيئات واحزاب وشخصيات اسلامية ومسيحية وعربية استهداف الكنائس، منها منظمة المؤتمر الاسلامي و"الاخوان المسلمين". ومن الشخصيات آية الله علي السيستاني والمفتي السوري احمد كفتارو، والزعيم الشيعي مقتدى الصدر. فيما حمّلت الحكومة العراقية زعيم "القاعدة" في العراق ابو مصعب الزرقاوي مسؤولية الاعتداءات. وقبل التفجيرات واجه عدد من المسيحيين العراقيين اثر سقوط النظام السابق، تهديدات ومحاولات تخويف كانت تنتهي في غالب الاحيان بهجمات طاولت محلات في بغداد والموصل وكركوك ومدناً اخرى، يمارس فيها مسيحيون تجارة بيع الكحول. وتشير ارقام الى مقتل مئة مسيحي واثنين بعد الحرب، بعضهم بسبب بيعه الكحول وآخرون بسبب عملهم مترجمين لدى الاميركيين او في خدمتهم. وقتل او خطف مسيحيون من أجل المال، كسواهم من ابناء الطوائف الاخرى الذين يشكلون هدفاً لعصابات. يونادم كنا، عضو المؤتمر الوطني، وعضو المجلس المنحل، نفى ما يتردد من ان مجموعات مبشرين اميركيين، وغربيين جاءت الى العراق بعد سقوط النظام السابق، هي السبب وراء استهداف الكنائس في بغداد والموصل. وقبل شهور قليلة سرت "اشاعات" بين المسيحيين في العراق، فحوها ان استراليا مستعدة لمنحهم اللجوء السياسي او الانساني. في الرياض ندد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور عبدالواحد بلقزيز بالهجمات التي تستهدف المواطنين العراقيين الابرياء ومنها التفجيرات التي طاولت عدداً من الكنائس. وجاء في بيان صحافي اصدره امس "ان هذه الممارسات تتناقض تماماً مع الشريعة الاسلامية التي تحض على حرمة النفس البشرية وحماية واحترام مواطني الدولة ومن ضمنهم اتباع الديانات السماوية الذين هم في ذمة الدولة الاسلامية". في القاهرة، نددت جماعة الاخوان المسلمين في مصر بالاعتداءات الدامية واتهمت جهاز الاستخبارات الاسرائيلية "موساد" بارتكابها. وقال المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف في بيان منه نسخة "نستنكر وندين بشدة الاعمال التي استهدفت الكنائس والتي تشير الدلائل واصابع الاتهام الى ان الموساد يقف وراءها". واستنكر السيستاني الهجمات التي استهدفت الكنائس في بغداد والموصل ووصفها ب"الاعمال الاجرامية الفظيعة". وأكد بيان صادر عن مكتبه في النجف "ضرورة تضافر الجهود وتعاون الجميع حكومة وشعباً في سبيل وضع حد للاعتداء على العراقيين وقطع دابر المعتدين". أما مقتدى الصدر فقال: "إن الاعتداء على المسيحيين هو اعتداء على كل العراقيين، لأنهم بالأساس عراقيون". وأضاف: "ان الفاعلين لا يفرّقون بين مسلم ومسيحي بهدف ارباك الوضع الحالي وتعقيده". ووصف الصدر منفذي هذه التفجيرات بأنهم "أناس مجرمون وكفرة ونحن نحرم قتل الأبرياء من العراقيين". في دمشق، دان كفتارو التفجيرات التي "راح ضحيتها الأبرياء من أبناء شعبنا العراقي داخل دور عبادتهم والتي تأتي في سلسلة الأعمال الاجرامية ضد المدنيين". وأكد في بيان بثته "وكالة الأنباء السورية" الرسمية سانا أن "قتل العراقيين والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، بصرف النظر عن دينهم وعقيدتهم، هو شر محض للعراق وليس مقاومة شريفة، بل هو تشويه لصورتها وحقيقتها". في بيروت، قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص: "الفواجع تحل بالساحة العراقية يومياً، أمام مشهد اختطاف الابرياء والمساكين من العاملين، وتهديدهم بقطع رؤوسهم على غير ما ذنب اقترفوه...". واستنكر وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد، التفجيرات. وقال: "أياً كان منفذوها، فإن الخدمة الاولى التي يسدونها فهي الى مخطط التفجير وهو غير غريب عن المشروع الاسرائيلي الأساسي"، معتبراً أن "الحماقة أو الجهل أو التعصب أو الغلو أو نزعة الالغاء تخدم العدو اكثر مما تخدم صاحب القضية". ورأى مجلس كنائس الشرق الأوسط ان "في الاعتداء على الكنائس محاولة آثمة لبث الفرقة بين المسلمين والمسيحيين من أبناء الشعب العراقي". ودعا المرجعيات العراقية اسلامية ومسيحية الى "أقصى اشكال التعاون لوأد الفتنة وقطع الطريق على محاولات أيادي الشر ضرب الحياة المشتركة".