استنكر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد، داعياً القوى الامنية الى تحمل مسؤولياتها، فيما عمت المدن والبلدات المسيحية في العراق تظاهرات احتجاج واسعة تنديداً بالمجزرة التي راح ضحيتها عشرات المصلين بينهم اثنان من القساوسة، دفنا وباقي الضحايا في بغداد أمس، وقد لفت نعوشهم بالعلم العراقي. ونقلت وكالة «فرانس برس»عن مصدر مقرب من السيستاني قوله ان «سماحة المرجع يستنكر العمل الاجرامي الذي تعرض له اخواننا المسيحيون وهو يدعو الجهات الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها». وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في بيان ان «مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة تحقيق في الجريمة ومحاسبة المقصرين في القطاع المعني ومعالجة الجرحى وتعويض ذوي الشهداء واعادة اعمار الكنسية فوراً». وأكد ان مجلس الوزراء «استعرض الثلثاء العمل الاجرامي الذي قامت به مجموعة ارهابية تنتمي إلى تنظيم القاعدة استهدفت المؤمنين المسيحيين الذين كانوا يؤدون الصلاة في الكنيسة». وتابع ان «العراق عظيم بمكوناته وتنوعه والمكون المسيحي ركن وجذر اساسي من اركانه وجذوره». وكان المالكي اصدر امراً باحتجاز آمر الفوج المسؤول عن حماية منطقة الكرادة التي وقع فيها الاعتداء. إلى ذلك، أعلن مجلس قضاء الحمدانية في محافظة نينوى ذات الغالبية المسيحية اعتصاماً مدنياً شاملاً، فيما ضجت شوارع مدينة عنكاوا، كبرى المدن المسيحية في محافظة اربيل بمسيرة احتجاج سلمية وشيع اهالي الموصل عدداً من الضحايا وأعلنت طائفة الصابئة المندائيين وقف احتفالاتها بالعيد الصغير تضامناً مع الضحايا. وشارك آلاف المواطنين، مسلمين ومسيحيين، في مسيرة احتجاج سلمية جابت شوارع بلدة عينكاوا تنديداً باستهداف دور العبادة والمصلين. وتقدم التظاهرة كبار رجال الدين المسيحيين في اربيل، بالاضافة الى ممثل حكومة اقليم كردستان كاوة محمود الذي القى كلمة اعرب فيها عن اسف وتأثر حكومة الإقليم بالفاجعة، مشيراً الى ان «العنف والارهاب لا يستثني احداً حتى المصلين ودور العبادة». وشدد المتحدثون خلال المسيرة على أن «المسيحيين مكون اصيل من مكونات الشعب العراقي والتعتيم الذي يراد اضفاؤه على استهدافهم غير مقبول»، مشيرين الى أن «طلب المسيحيين حقوقهم لن يكون يوماً عبر السلاح والعنف، بل يهمهم ان يتمتع جميع العراقيين بحقوقهم اولاً». وفي سهل نينوى، وتحديداً في بغديدا، مركز قضاء الحمدانية، اعلن قائمقام القضاء نيسان كرومي ان موظفي الدولة وكوادرها في القضاء بدأوا اعتصاماً احتجاجاً على استهداف كنيسة سيدة النجاة. ميدانياً، أفادت المعلومات الواردة من قرى ومناطق سهل نينوى، ان ناحية برطلة في قضاء الحمدانية استقبلت عدداً من العائلات المسيحية القادمة من بغداد خوفاً من استهدافها بعد حادثة الكنيسة. وتوالت ردود فعل متضاربة حيال دور قوات الامن العراقية التي شاركت في عملية اقتحام الكنيسة لتحرير الرهائن، وقال ابو جيمس (رفض كشف اسمه الصريح) وهو مواطن مسيحي يسكن قريباً من كنيسة سيدة النجاة، أن لقوات الامن العراقية «دوراً خطيراً في ما جرى». وأضاف إن «القوات العراقية تعاملت بيد من حديد ونار مع الموقف ولم تستخدم وسائل ديبلوماسية للخروج من المأزق بأقل قدر ممكن من الضحايا، لكن الذي حدث ان الرصاص انهمر من كل جانب والنتيجة عشرات الضحايا من المصلين الابرياء». لكن سعيد بطرس قال ان القوات العراقية تعاملت بمهنية عالية مع الموقف، رافضاً فكرة تحميلها مسؤولية سقوط هذا العدد من الضحايا. وأشار الى أن «الموقف كان لا يسمح بالتعامل مع خيارات عدة، واي جهة اخرى كانت مكان القوات العراقية كانت ستتخذ الخيار ذاته، فمن غير المنطقي السماح للارهابيين بفرض طلباتهم واعتقد انهم كانوا سيعدمون الرهائن في نهاية المطاف، وعملية قوات الامن العراقية كانت ناجحة وصحيحة وفي محلها». من جانبه قال عبد الاحد دانيال إن للحادثة «صدى كبيراً جداً في كل ضمير حي، لا نستطيع الجزم ما اذا كانت قوات الامن العراقية قد استخدمت القوة المفرطة في معالجة الموقف ما ادى الى سقوط كل هذا العدد من الضحايا، وربما لم يكن باليد حيلة كما يقال». وبات المسيحيون في العراق خلال السنوات الماضية عرضة لهجمات وحملات تهجير وقتل تشنها ضدهم جماعات متشددة، وتراجعت اعدادهم الى اقل من النصف. وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني دان بشدة استهداف كنيسة النجاة للسريان الكاثوليك، ووصف الحادث بالاعتداء «الارهابي الجبان».