الأفكار مشتتة، والآراء مختلفة، والقوميات متعددة، والديانات كثيرة، وقبائل تعد 753. وسؤالي: لماذا لا نستفيد من هذا التنوع؟ لماذا لم نستفد من جيراننا وأخواننا وأشقائنا في الدول العربية والافريقية؟ ولو تم السلام المنقوص غداً سيظهر لنا زعيم آخر، بل قل زعماء آخرون. ونحن الآن على مفترق الطرق، ولنا رأيان لا ثالث لهما: إما ان نقف وقفة رجل واحد لكي نحافظ على وحدة الوطن وتراب السودان، وإما نقسم السودان الى دويلات جنوب وغرب وشمال وشرق. نرجو ان يكون ذلك حافزاً لنا للتحرك قبل فوات الاوان حتى لا نجد انفسنا مجبرين على الجلوس مقهورين من اجل ايجاد حلول لقضايانا المزمنة، لأننا اذا عجزنا عن ذلك فربما صحونا يوماً لنجد ان السودان قد اختفى وقامت مكانه دويلات. وفي تقديري، السودانيون عجزوا عن لمّ شمل السودان والتعايش السلمي، ولجأوا الى البيوتات والتنظيمات التقليدية والمصالح الشخصية التي لا تنفع السودان. وفي تقديري لا توجد دولة في العالم فيها مئة ألف زعيم، وكل زعيم يريد ان يحكم السودان على افكار دينية وطائفية وحزبية وقبلية، والى الابد ووراثياً. وهذا شيء عجيب، وسيوصلنا الى العجب العجاب. ولو رجعنا الى الوراء قليلاً مع التنظيمات والحكومات، على سبيل المثال حكومات حزب الامة والاتحادي الديموقراطي وحكومة النميري وابراهيم عبود والأزهري والإنقاذيين، كلها منظومات مبنية على بيوتات وراثية، ليس همها اخراج السودان من المأزق الذي نحن فيه اليوم. ما فائدة التجمع، وما فائدة المعارضة، وما موقعهما من الإعراب؟ اذا كان علي عثمان محمد طه يتفاوض من اجل الشمال السياسي، وجون قرنق يتفاوض فقط من اجل جنوب السودان، والنوبه يناضلون من اجل جبال النوبة، وحزبا الامة والاتحادي الديموقراطي من اجل البيوتات الوراثية، لماذا نتفاوض؟ ومهما كثرت المفاوضات والاجتماعات التي تصب في مصلحة الوراثيات والقبليات والبيوتات، لا جدوى منها ولا حل لقضايا السودان على الاطلاق. فلا بد من ان نقول الحقائق، إما ان نصل الى نتائج مرضية او نصل الى مفترق الطرق. أما اتفاقية نيفاشا، ففي تقديري انها اتفاقية منقوصة، وغير مرضية للشعب السوداني. وأقول هذه الاتفاقية خطر على اخواننا الجنوبيين اذا لم ينتبهوا، وخطر على السودان عموماً. ولا توجد دولة في تاريخ العالم تقسم ثرواتها قبل تحديد مصير الدولة نفسها. هذه الاتفاقية التجزيئية والعاطفية لا تنفع السودان، بل تدمره. قبل تحديد النسب نحدد مصير السودان: هل السودان يكون أم لا يكون؟ ألا يعقل بلد مساحته مليون ميل مربع، وسكانه اكثر من 32 مليوناً تنحصر قضيته بين اقليمين الشمالي والجنوبي، ونترك للأيام هل يكون السودان موحداً ام مقسماً الى دويلات؟ القاهرة - مصطفى موسى علي أمين الشؤون الاجتماعية والعلاقات العامة للتحالف الفيديرالي الديموقراطي السوداني [email protected]