أظهر مسح شامل عن استخدام التبغ بين الشباب في سلطنة عمان أن واحداً من كل خمسة طلاب يدخن، وغالبية المدخنين من الذكور. كما يمارس التدخين حالياً بأي صورة من صوره واحد من كل خمسة من الطلاب بنسبة 16 في المئة للذكور و2 في المئة للاناث. وليس تدخين السجائر وحده المثير للصدمة في مجتمع يعتبر هذه العادة حراماً يستوجب التوبة، ما يصدم أيضاً هو استخدام الشيشة بتزايد مقلق. وبلغت نسبة تدخين الشيشة بين الشباب 17 في المئة للبنين و3 في المئة للإناث. إضافة إلى ذلك، فإن 15 في المئة من الذكور و3 في المئة من الإناث يستخدمون التبغ الممضوغ. وعبر معظم المدخنين حالياً عن رغبتهم في الإقلاع عن التدخين، وأشار 67 في المئة منهم إلى أنهم حاولوا الإقلاع عنه هذا العام ولكنهم فشلوا. ويعتبر المسح الذى أجري في سلطنة عُمان أول مسح وطني يهدف إلى التوصل الى تقويم دوري لمعدلات استخدام التبغ بين الشباب، ليتعرف من خلاله الى اتجاهات وممارسات الشباب حول استخدام التبغ بصوره وأشكاله المختلفة بما فيها الشيشة والتبغ الممضوغ والنشوق، سعياً الى التعرف الى مدى تعرض الشباب للتدخين السلبي والاعلانات المتواصلة لترويج منتجات التبغ وكذلك الاعلانات المضادة لها. اضافة إلى التعرف إلى مدى ما يتلقاه الطلاب من معلومات صحية ورسائل تثقيفية حول مضار التدخين من خلال المناهج الدراسية وبرامج التوعية الصحية. وأُجري المسح على مرحلتين شملتا جميع المدارس الحكومية في السلطنة، وشارك فيه 1962 طالباً من الفئة العمرية 13- 15 سنة. واستخدم استبيان مدار ذاتياً وزع على جميع الطلاب للإجابة عنه في نحو 45 دقيقة، ووصلت النسبة الإجمالية للمشاركة 96.9 في المئة. وكشف المسح أسباب اتجاه الطلبة الى استخدام التبغ، وأظهر أن ثلث إلى نصف الطلاب يعتقدون بأن الذكور والاناث من المدخنين لديهم أصدقاء أكثر، ويبدون أكثر جاذبية من غيرهم. وتزيد نسبة هذا الاعتقاد بين المدخنين عن غير المدخنين. وقد أكد ثلاثة من كل أربعة طلاب أنهم شاهدوا إعلانات لمنتجات التبغ في الجرائد والمجلات. كما أن واحدة من كل ثلاث بنات، وواحداً من كل عشرة ذكور لديهم اغراض تحمل شعاراً لمنتجات التبغ، كما أفادت نسبة مشابهة بأنها تحصل على السجائر مجاناً من مندوبي شركات التبغ. وعلى رغم وجود القانون الذي يمنع بيع التبغ للأطفال أقل من 18 عاماً، إلا أن معظم المدخنين 86 في المئة أفادوا بأن أحداً من البائعين لم يرفض بيع السجائر لهم بسبب صغر سنهم. واللافت ان انتشار التدخين في عمان يسير بوتيرة مرتفعة على رغم تدني نسبته مقارنة مع دول أخرى، فالجيل القديم الذي يعتبر استخدام التبغ من أعمال الشيطان يعزز ذلك فتوى دينية، يؤكد أن التدخين حرام وفيه إضرار بالصحة وهدر للمال. وعلى رغم ذلك، فإن المقهى الرابح هو الذي يقدم الشيشة ويتزاحم عليه الشباب الذين ادمنوها الى درجة أن صندوق السيارة قد لا يخلو من عدتها. وتطبق وزارة الصحة العمانية برنامجاً للحد من انتشار التدخين يتمثل في اجراءات عدة منها حظره كلياً في المباني والمكاتب الحكومية بما فيها المؤسسات الصحية والتعليمية وفي وسائل النقل العام، اضافة الى حظر الإعلان عن التدخين في وسائل الإعلام، وفي المناسبات الرياضية والفنية. ومن الاجراءات الأخرى حظر بيع السجائر للأطفال أقل من 18 سنة وفرض زيادة دورية للضرائب على التبغ المستورد وعدم توفير أي دعم لمزارعي التبغ علماً أن زراعة التبغ محدودة جداً في عُمان. وأجرت وزارة الصحة عام 2001 دراسة عن صحة المراهقين بين الطلبة في الفئة العمرية 15- 19 سنة أظهرت أن هناك زيادة في معدل انتشار التدخين بين الجنسين بلغت 8 في المئة بين الذكور و7.3 في المئة بين الإناث. وأوضحت بيانات المسح حقيقة مفادها أن استهلاك الشيشة في تلك الشريحة من المجتمع، يزيد على استهلاك السجائر. وكانت تلك النتيجة متوقعة أيضاً، إذ سمح أخيراً بفتح مقاه للشيشة، مما ساعد على انتشارها ليس في محافظة مسقط فحسب ولكن أيضاً في المناطق الأخرى من السلطنة. ومن المدهش بدرجة كبيرة أن نسبة الطالبات اللاتي يستعملن منتجات التبغ الأخرى كانت أربعة أضعاف الطالبات اللاتي يدخن السجائر. وتشير نتائج المسح إلى ضرورة تطوير استراتيجيات التدخل اللازمة للحد من ظاهرة استخدام التبغ حيث تشمل المنتجات الأخرى من التبغ. وأوضحت النتائج أيضاً أن أكثر من 14 في المئة من الطلبة أكدوا أن لديهم القابلية للبدء بالتدخين خلال العام المقبل مع وجود دلالة إحصائية بمقدار الضعف بين الطلاب مقارنة بالطالبات. وعلى رغم ذلك فقد أظهرت البيانات موقفاً إيجابياً للطلبة، وهو أن نحو تسعة من كل عشرة طلبة يعتقدون أن التدخين يجب أن يمنع في كل الأماكن العامة. ويعتقد أربعة تقريباً من كل عشرة من مستخدمي الشيشة 43.6 في المئة وثلث الذين لم يستخدموها، أن الشيشة أقل ضرراً من السجائر. ويمكن أن نستخلص من هذا أن هناك فهماً خاطئاً وعدم اهتمام بالمضاعفات المترتبة عن التدخين وخاصة الشيشة. وترتبط هذه المشكلة بانعدام البحوث عن ظاهرة تدخين الشيشة وانتشارها الواسع في المجتمعات الشرقية.