واصل آلاف الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي اضرابهم المفتوح عن الطعام امس لليوم الثاني على التوالي، وسط تعاطف وتأييد شعبي كبيرين، أخذت دائرتهما في الاتساع، في اعقاب انضمام اصوات يهودية لصوتهم ضد الاوضاع المأساوية التي يعيشونها، وبعد ان عمت التظاهرات والمسيرات والاعتصامات وخيام التضامن معهم مختلف ارجاء الاراضي الفلسطينية. وقررت الحكومة الفلسطينية في اجتماعها الاسبوعي امس في مدينة رام الله التوجه الى الاممالمتحدة لاعتبار السجناء الفلسطينيين الموجودين في السجون الاسرائيلية اسرى حرب. واعلن ذلك بعد جلسة الحكومة وزير شؤون الاسرى والمحررين هشام عبدالرازق. وفي تطور لافت، اكد سكرتير لجنة الحوار الاسرائيلي - الفلسطيني لطيف دوري انه "لن يتم التوصل الى السلام العادل مع الشعب الفلسطيني من دون اطلاق سراح جميع اسرى الحرية من غياهب سجون الاحتلال البغيض، كي يعودوا معززين مكرمين الى وطنهم واحضان عائلاتهم واحبتهم". ووصف دوري في تصريح صحافي حصلت "الحياة" على نسخة منه امس تصريحات وزير الامن الداخلي تساحي هنغبي بأنها "وصمة عار على جبين حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون العنصرية التي تنتهج سياسة القمع والتنكيل ضد اسرى الحرية، ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق الدولية والمعارف الاخلاقية". واستنكر بقوة "هذه الاساليب الشنيعة والعقوبات الجماعية" ضد الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب، مشدداً على تأييده "مطالبهم الانسانية التي يجب تلبيتها". ودعا دوري "اصحاب الضمائر الحية في العال الى التضامن مع الاسرى والمعتقلين". في غضون ذلك، ناشدت جمعية الاسرى والمحررين "حسام" في قطاع غزة البابا يوحنا بولس الثاني التدخل العاجل من اجل انقاذ حياة الاسرى والمعتقلين. وناشدت الجمعية في بيان لها امس حصلت "الحياة" على نسخة منه بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني والامين العام للامم المتحدة كوفي انان "التدخل العاجل لدى الحكومة الاسرائيلية لتوقف الانتهاكات المستمرة في حق الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية والعمل الجاد من اجل انقاذ حياتهم". ووجه رئيس المكتب السياسي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس خالد مشعل رسالة الى الاسرى والمعتقلين امس اكد فيها ان قضيتهم "على رأس اهتماماتنا". وقال مشعل في رسالته: "نؤكد لهذا العدو الغاصب اللئيم اننا قادرون على ايلامه، وعلى ابتداع الوسائل الكفيلة باطلاق الاسرى في سجونه، ولن نسمح لهذا العدو بالاستمرار في سياسة القتل البطيء والاذلال الوحشية في حق اسرانا واسيراتنا"، في اشارة الى احتمال خطف جنود او مدنيين اسرائيليين لمبادلتهم بالاسرى والمعتقلين. كما اصدر عدد من الفصائل والقوى والهيئات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بيانات تحيي صمود الاسرى وتحثهم على الدفاع عن كرامتهم وكرامة الوطن والامة، في اشارة لشد أزرهم ومساندتهم في الاضراب الذي بدأ بخوضه اكثر من الفي اسير، فيما يتوقع ان ينضم آلاف آخرين الى الاضراب بعد غد الاربعاء. في هذه الاثناء، هدد الاسرى والمعتقلون المضربون عن الطعام بالامتناع عن شرب الماء ايضاً في حال استمر التصعيد الاسرائيلي ضدهم. وقال الاسرى في رسالة وصلت الى نادي الاسير في الضفة الغربية ان سلطات الاحتلال زجت بنحو 50 سجيناً جنائياً يهودياً الى احد اقسام سجن "نفحة" الصحراوي واستلموا مطبخ السجن في عملية مقصودة لاستفزاز الاسرى المضربين. واعتبر الاسرى ان هذا الاجراء غير مسبوق وخطوة تصعيدية من جانب ادارة السجن. ووصف رئيس نادي الاسير عيسى قراقع وضع الاسرى بانه خطير جداً واشار الى ان سلطات الاحتلال وضعت خطة لقمع المضربين بوسائل لا انسانية وغير مسؤولة، لافتاً الى ان هذه هي المرة الاولى التي يصدر فيها قرار حكومي بكسر الاضراب والدعوة العلنية الى موت الاسرى. وقال ان الاسرى المرضى هددوا بخوض الاضراب، والامتناع عن تناول الدواء اذا لم تلب مطالبهم الانسانية، المتمثلة بتحسين شروط حياتهم وظروف اعتقالهم وادخال تحسينات على اوضاعهم. واعلن قاضي القضاة الشرعيين في فلسطين الشيخ تيسير رجب التميمي، والناطق الرسمي باسم الكنيسة الارثوذكسية الاب عطا الله حنا الاضراب المفتوح عن الطعام اعتباراً من امس تضامناً مع الاسرى والمعتقلين. وجاء هذا الاعلان اثناء زيارة قام بها الشيخ التميمي والاب حنا الى خيمة اعتصام للتضامن مع الاسرى اقيمت في مدينة رام الله اول من امس. واشار التميمي الى انه والاب حنا خاطبا من موقعيهما الديني الفاتيكان وشيخ الازهر وابرز المرجعيات الدينية في العالم لمطالبتهم المشاركة في فعاليات دعم الاسرى المضربين عن الطعام بمختلف الاساليب المتاحة وادانة سلطات الاحتلال الاسرائيلي وكشف جرائمها العنصرية. كما انضم الى الاضراب النائب المعتقل مروان البرغوثي. واشار قراقع الى ان النائب البرغوثي معزول تماما عن العالم الخارجي في زنزانته الانفرادية في سجن بئر السبع في صحراء النقب بعد ان صادرت ادارة السجن جهازي التلفزيون والراديو منه، ورفضت ادخال الصحف اليه ايضا. الى ذلك، شهدت المدن والمخيمات والقرى في الضفة وغزة امس مسيرات واعتصامات احتجاجية على الاجراءات الاسرائيلية ضد الاسرى والمعتقلين، ومساندة لهم. وجابت مسيرات جماهيرية مساندة امس مختلف المناطق رفع خلالها المشاركون صور الاسرى والمعتقلين والرئيس ياسر عرفات واعلام فلسطين ورايات الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية، ولافتات كتب عليها "قلب واحد... صف واحد مع الاسرى الابطال". كما هتف المشاركون في مسيرة ضخمة في مدينة غزة بالقول "يا شارون اسمع اسمع الاسير مش رح يركع". واضرب عن الطعام كثير من اهالي الاسرى امس من بينهم الحاج احمد الديك 71 عاماً تضامناً مع ابنائه الاربعة وحفيديه المعتقلين في السجون الاسرائيلية. وقال الديك: "بدأت الاضراب لأن هؤلاء هم اولادي الاربعة وولدان لابنتي، كما ان جميع الاسرى هم اولادي، الله يعطيهم ويعطينا الصحة".