رغم أنه لا توجد علاقة بين مباريات كرة القدم ومظاهرات الجامعة فإن الطالبة وين شياو وجدت نفسها وسط احتجاج على حرب العراق عندما ذهبت لمشاهدة إحدى مباريات بطولة الأمم الآسيوية. أطلقت وين صيحات تشجيع قوية مع حشد غفير من الصينيين لمؤازرة المنتخب العراقي ليفوز على السعودية ويتأهل لدور الثمانية. وقالت وين 20 عاما وهي تلوح بعلم عراقي من الورق: "أنا متعاطفة معهم... الأميركيون غزوهم". وعارضت الصين -قيادة وشعبا- بقوة ذلك الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة العام الماضي" ولذا لم يكن مستغربا أن يجتذب المنتخب العراقي الذي واجه عقبات لا تحصى للتأهل للبطولة الآسيوية وكذا دورة الألعاب الأولمبية الشهر المقبل اهتماما إعلاميا كبيرا. وترفض الحكومة الصينية التي يقودها الحزب الشيوعي السماح بخروج أية مظاهرة ضخمة حتى وإن كانت دوافعها تتماشى مع سياساتها خشية أن يتحول مثل هذا الجمع إلى العنف أو يثير اضطرابات اجتماعية اخرى. ولذا فعندما يثور غضب الصينيين الوطنيين بسبب ما يرون أنه انتهاكات إمبريالية لسيادة الدول فإنهم لا يجدون وسيلة تذكر للتنفيث عما يجول بصدورهم. إحدى الوسائل المتاحة ربما تكون غرف الدردشة على الإنترنت.. والوسيلة الثانية هي الملاعب الرياضية. ويقول هوانغ جينتينغ الصحافي الرياضي لصحيفة شونكينغ يوث اليومية: "الصينيون بطبيعتهم يحبون تأييد الضعفاء". وكان الطلاب في شتى أنحاء الصين تقدموا بطلبات العام الماضي للحصول على موافقة لتنظيم مسيرات ضد الحرب على العراق، ورفضت السلطات. وقالت وين: "مدرستنا تقمع الأنشطة السياسية للطلبة". لكنها كانت يوم الثلثاء الماضي مع أكثر من عشرة آلاف صيني آخرين ممن يشجعون العراق وهم يرددون هتافات منها "انهضوا أيها الأبطال". وقال الأمين العام للاتحاد الآسيوي لكرة القدم بيتر فيلابان بعد فوز العراق على تركمانستان: "لا بد أن الفريق العراقي شعر وكأنه يلعب في بغداد". ولم يشجع محبو كرة القدم في الصينالعراق فحسب بل وتجمعوا أيضا ضد اليابان.. "والكل يعرف الأسباب"" فقد احتل اليابانيون أجزاء من الصين من عام 1931 وحتى 1945. ورغم ظهور علاقات تجارية وسياسية قوية بين بكين وطوكيو خلال العقود الأخيرة فإن كثيرا من الصينيين لم ينسوا حتى الآن الفظائع التي ارتكبتها القوات اليابانية إبان الحرب. وزاد من تعقد الأمور أن اليابان لعبت مبارياتها في مرحلة المجموعات بمدينة شونكينغ عاصمة الوطنيين الذين تقهقروا خلال حرب المقاومة بين عامي 1937 و1945. وقصف سلاح الجو اليابانيالمدينة ليقتل حوالي 12 ألف فرد. وقوبل المنتخب الياباني بمشاعر عدائية خلال مبارياته وكاد الأمر يتحول إلى عنف بعد فوز اليابان على تايلاند 4-1 يوم السبت الماضي. وقالت السلطات إنها ستوفر إجراءات أمن إضافية للفريق الياباني خلال مبارياته المتبقية في البطولة الآسيوية. وأحاط المئات من المشجعين الصينيين الغاضبين بحافلة الفريق بعد انتهاء المباراة، وأمر مسؤولو البطولة السائق بسرعة المغادرة فلم يتمكن لاعبان من الركوب. كما رشق بعض المشجعين الصينيين مجموعة من مشجعي اليابان بأجسام صلبة أثناء وعقب المباراة التي جرت ضمن منافسات المجموعة الرابعة. وقال المدير الفني لمنتخب اليابان زيكو في مؤتمر صحافي: "إذا كان بوسعنا إحراز أربعة أهداف في كل مرة نواجه فيها هتافات معادية فأنا أتمنى سماع المزيد منها في المباراة المقبلة". ولم تظهر تصريحات زيكو في صحف شونكينغ التي حذرتها السلطات من نشر أي شيء يزيد غضب المشجعين. وقال الصحافي هوانغ: "ما ننشره يجب أن يؤدي لمشاعر طيبة بين الصينواليابان". وهذه الرقابة تتماشى تماما مع استراتيجية الصين لتهدئة الرأي العام الغاضب من عدة مسائل مرتبطة باليابان بداية من جزر متنازع عليها وصولا إلى مطالب بتعويضات. وعندما لعبت اليابان مع إيران الأربعاء الماضي طلبت السلطات إرسال مزيد من قوات مكافحة الشغب بعدما تقدمت اليابان بشكوى. ومع هذا تحول 50 ألف صيني لتشجيع إيران إذ لوّحوا بأعلام الجمهورية الإسلامية وأطلقوا صيحات الاستهجان مع سقوط كل لاعب ياباني. وقال أحد المشجعين: "الحكومة لا تتخذ دوما مثل هذا الموقف القوي. لكن الناس هنا تفعل هذا". ومضى يقول: "لا يمكن أن نتمادى في هذا الطريق لكننا لا نستطيع أيضا أن ننسى الماضي". وتعادلت اليابان من دون أهداف لتصعد لدور الثمانية وتبقى في شونغكينغ. وتلعب اليابان مباراتها المقبلة أمام الأردن. ويعرف الجميع من الذي سيشجعه الصينيون في هذه المباراة.