أكدت الجزائر أمس مع بدء زيارة وزير الداخلية المغربي مصطفى الساهل، أن السلم في الصحراء الغربية "لا يتحقق إلا مع مسؤولي جبهة بوليساريو. وان محاولات البحث عن محاور بديل لن يؤدي إلا إلى طريق مسدود". وأعلن وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم أن زيارة المسؤول المغربي قد تؤدي إلى إعلان تشكيل "آلية أمنية" مشتركة تهدف إلى ضمان التعاون الأمني في "المفهوم الشامل". وأوضح أن الآلية تتعلق ب"متابعة قضية الإرهاب في البلدين والمخدرات والهجرة السرية، إضافة إلى القضايا المتصلة بأمن البلدين". واستهل الساهل، الذي وصل أمس إلى العاصمة الجزائرية، زيارته التي تستمر يومين بلقاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وأفيد أن اللقاء الذي حضره وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني ومدير ديوان الرئاسة العربي بلخير، تناول اقتراحات من شأنها المساهمة في "تطبيع" العلاقات. وكان الساهل أعلن لدى وصوله أن الزيارة "تكريس للديناميكية الايجابية" التي تشهدها هذه العلاقات، وأنها "تتويج للقاءات الأخيرة على مستوى الوزراء واللجان المختصة التي مكنت من دراسة القضايا المشتركة وطرح التصورات لايجاد حلول عملية وناجعة في إطار مقاربة جديدة". وعبر الساهل عن قناعته ب"إمكان العمل المشترك والدفع بقوة نحو بناء مغرب عربي موحد كاختيار استراتيجي يخدم مصلحة الشعبين أولاً، ويكون أيضاً وسيلة لمواجهة التحديات المشتركة". ومن المقرر أن يعقد الساهل وزرهوني اليوم أول اجتماع يتناول كل الملفات التي لها صلة بالتعاون الأمني وملف الحدود واللجنة القنصلية التي تدرس كيفية رفع التأشيرات المفروضة على رعايا البلدين منذ العام 1994. في موازاة ذلك، أصدرت الخارجية الجزائرية بياناً انتقدت فيه "المغالطات" و"الخلط المتعمد" في شأن موقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية. وجاء في البيان "ان الجزائر التي تكن تقديراً كبيراً للشعب المغربي الشقيق تؤكد أن السلم لا يتحقق إلا مع مسؤولي جبهة بوليساريو، وان محاولات البحث عن محاور بديل، أي الجزائر، لن يؤدي إلا إلى طريق مسدود ولا يساهم إلا في تمديد وبصفة جائرة وضعية تضر بمصالح شعوب المنطقة". وأكد البيان استعداد الجزائر لتقديم "مساهمتها في حدود وضعها كبلد جار لتراب الصحراء الغربية"، ولبناء اتحاد المغرب العربي "من دون شروط مسبقة أحادية الجانب". ودعا المغرب و"بوليساريو" إلى "تحمل مسؤوليتهما الأساسية والتاريخية" بايجاد "رؤية خيرة خدمة لمصالح شعوب المنطقة". وفي الرباط، ذكرت مصادر مطلعة أن زيارة الساهل للجزائر ستمهد لزيارة مماثلة يقوم بها رئيس الوزراء ادريس جطو في نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل. وقالت المصادر إن زيارة الساهل التي تأتي عقب اتفاق البلدين على تفعيل اجراءات تطبيع العلاقات والبحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك، ستدرس الإمكانات المتاحة أمام تسويات الملفات العالقة ذات الصلة باستمرار اغلاق الحدود والتنسيق في الحرب على الإرهاب ومواجهة الهجرة غير المشروعة وتجارة المخدرات والتهريب، لكنها ستحيط أيضاً بالوضع الاقليمي في منطقة الشمال الافريقي والجهود المبذولة لتحسين علاقات البلدين. ولاحظت المصادر أن الوفد المغربي الذي يرافق وزير الدخلية يضم المحافظ ياسين المنصوري، الذي يعتبر من الشخصيات المهتمة بتطورات ملف الصحراء، علماً أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أسند إليه، في الأسابيع الأولى لتوليه العرش، مهمة الاضطلاع بالأوضاع في المحافظات الصحراوية. كما يضم الوفد المحافظ نورالدين بن إبراهيم مدير الشؤون العامة في الداخلية والمعروف عنه أنه من المتابعين لملف العلاقات المغربية - الجزائرية على الصعيد الأمني، مما يرجح أن تتناول محادثات الساهل هذين الملفين. ويحمل الوزير الساهل رسالة تقدير من الملك محمد السادس إلى الرئيس بوتفليقة، كما سيحضر في الجزائر تدشين مختبر لتحليل الحامض النووي يعتبر الأول من نوعه في افريقيا والعالم العربي، كما سيشارك في حفلة تخرج دفعة من المدرسة العليا للشرطة.