لقيت الدعوة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ردوداً متباينة نتيجة معارضة الولاياتالمتحدة، وهي تملك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. والتجاذبات السياسية حول القضية الفلسطينية لن تطوى، ولو صادق المجلس علي إعلان الدولة الفلسطينية. وموقف السياسة الخارجية الإيرانية في محله. وتبرز الحاجة إلى التفكير في ما يمكن الإقدام عليه، إذا وافق مجلس الأمن علي تشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة. والقضية الفلسطينية تتصدر أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. ولن يخلّف بروز دولتين، إسرائيل وفلسطين، أثراً في سياسة إيران الخارجية. فإسرائيل، وعلى رغم أنها حازت اعتراف معظم دول الأسرة الدولية، هي في العرف الديبلوماسي الإيراني «كيان صهيوني مغتصب للأرض». وطهران اعترفت بمشروعية الدولة الفلسطينية، وفتحت سفارة لها. وتربطها علاقات ديبلوماسية بالسلطة الفلسطينية، علي رغم اختلاف وجهات النظر بين الطرفين. وقد تؤثر التطورات الأخيرة في سياسة المجموعات «الجهادية» الفلسطينية، مثل «حركة حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وفي علاقة هذه المجموعات بإيران. فتأسيس الدولة الفلسطينية قد يحمل الحركات هذه على المشاركة في اللعبة السياسية. وإذا لم تتغير مواقف هذه الحركات، فإيران مدعوة إلى اتخاذ موقف جديد وسياسة جديدة إزاء الاحتمالات المستجدة على أن تراعي مصالحها القومية. ولا شك في أن الدفاع عن القيم والمصالح الفلسطينية واجب تمليه ثوابت الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لكن المطالبة بشروط تفوق تلك التي يطالب بها الفلسطينيون أنفسهم، يترتب عليها دفع ثمن هذا الموقف الذي لا يخدم المصالح الإيرانية. وبعيداً عن المكاسب الفلسطينية من قبول مجلس الأمن دعوة محمود عباس إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، تقتضي مصالحنا القومية دعم هذه الخطوة، علي رغم بروز بعض التعارض بين مصالحنا الوطنية وبعض المصالح الأخري. وحريّ بالنظام الإيراني أن يأخذ مصالح الشعب في الاعتبار. وهذا ينطبق أيضاً علي مصالح الشعب الفلسطيني. وتقتضي هذه تشكيل دولة مستقلة تربطها علاقات متميزة مع كل الدول، والمنظمات الدولية للدفاع عن حقوق هذا الشعب، والحفاظ علي مكتسباته وإنجازاته التي تحققت في العقود الماضية. نشوء الدولة الفلسطينية المستقلة، ولو لم يذلل كل المشكلات، ومنها تلك المتعلقة بقطاع غزة ومرتفعات الجولان، هو فاتحة جديدة للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني. * صحافي، عن «شرق» الايرانية، 26/9/2011، اعداد محمد صالح صدقيان