اغتيل المسؤول في "حزب الله" و"المقاومة الاسلامية" غالب عوالي صباح أمس في انفجار عبوة ناسفة زنتها 500 غرام وضعت في سيارته في مرأب البناية التي يقطنها في شارع معوض في ضاحية بيروت الجنوبية. ووجه الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله وكبار المسؤولين اللبنانيين الاتهام الى اسرائيل، محملين اياها مسؤولية حادث الاغتيال، بينما لوح الحزب في بيان النعي بأن "العدو الصهيوني سيندم على هذه الحماقة الكبيرة التي ارتكبها". توافرت ل"الحياة" معلومات أولية من مصادر أمنية لبنانية رسمية وحزبية رجحت احتمال تفجير سيارة عوالي وهي من طراز مرسيدس 230 فضّية اللون من مسافة قريبة بواسطة جهاز تحكّم عن بُعد، بعد ان قامت الجهة التي نفذت الجريمة بدراسة المنطقة التي يقع فيها المبنى الذي يقطنه عوالي وبمراقبة تحرّكه عن كثب خصوصاً انه اعتاد فور انتقاله الى منزله الجديد منذ أشهر عدة وبناء لموافقة مالك المبنى على ايقاف سيارته في الموقف الخاص الذي يركن فيه الاول سيارته بخلاف المالكين والمستأجرين الآخرين الذين يوقفون سياراتهم في مرأب آخر خاص بالمبنى. وبحسب المعلومات، ان عوالي اعتاد قبل صعوده الى سيارته صباح كل يوم، ان يتولى شخصياً اجراء تدقيق أمني روتيني لسيارته، مستعيناً بمرآة كان يحتفظ بها في صندوق السيارة، يدور بها تحتها للتأكد من عدم وجود اي جسم مشبوه. وتردد - بحسب روايات لم تتأكد، تناقلها شهود عيان - ان عوالي توجه الى المكان الذي أوقف فيه سيارته بصحبة شخص معروف منه، وان الاخير بناء لطلب عوالي ذهب لاحضار غرض كان نسيه، لكن الانفجار حصل قبل أمتار من وصول عوالي الى صندوق السيارة، لاحضار آلة الكشف عن المتفجرات، بينما تحدث شهود آخرون عن ان الانفجار حصل في اللحظة التي كان يفتح فيها الصندوق. وما يعزز الرواية الأولى التي تحدثت عن ان الانفجار حصل وهو على مسافة ثلاثة أمتار من السيارة، ان الدماء كانت بعيدة بضعة أمتار عنها، اضافة الى ان رجال الأدلة الجنائية الذين تولوا التقاط صور الانفجار وجمع عينات من بقايا السيارة التي تطايرت منها، أجروا كشفاً دقيقاً تبين من خلاله ان لا آثار لبصمات عوالي على اي مكان في صندوق السيارة والذي كان يفترض ان يفتحه. والى حين انتهاء خبراء المتفجرات من ضباط في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي ومسؤولين أمنيين في "حزب الله" من اعداد تقاريرهم النهائية ومطابقتها بعضها مع بعض هناك من يرجح ان تكون الجهة التي خططت ونفذت الجريمة وضعت العبوة في مكان ما في الجزء الخلفي من السيارة وتحديداً في صندوقها الخلفي فوق الدولاب، كما ان الطريقة التي دسّت فيها العبوة من شأنها ان توجّه الانظار نحو التركيز على ان يكون التفجير قد تم بواسطة جهاز لاسلكي. وعلى رغم ان لا شيء نهائياً على هذا الصعيد، فإن تفجير العبوة في سيارة عوالي يختلف من حيث الاسلوب عن حادثي التفجير اللذين استهدفا سيارتي جهاد أحمد جبريل نجل الأمين العام للجبهة الشعبية - القيادة العامة - في حي مار الياس في بيروت الغربية في 20-5-2002 وعلي حسن صالح أحد قادة المقاومة في أوتوستراد هادي نصرالله في الضاحية الجنوبية في 12-8-2003. فجبريل وصالح اغتيلا وهما على مقعديهما امام مقودي سيارتيهما، وبعد ادارتهما لمحركيهما وكانا قطعا مسافة أمتار قبل الانفجار، بينما حصل انفجار سيارة عوالي وهي ما زالت مركونة. كما ان خبراء المتفجرات ورجال الأدلة الجنائية أخذوا يجمعون كل ما وجدوه في مكان الانفجار، علهم يتمكنوا من العثور على اي شيء يستطيعون من خلاله تحديد الطريقة التي تمت بها عملية التفجير. وعاين مندوب "الحياة" مكان الانفجار صباحاً وعاد بالمعلومات الآتية: لم يدرك بعض سكان البناية التي يقيم عوالي في الطبقة الرابعة منها، فوراً ان الانفجار وقع في مرأبها. وظن بعضهم نظراً الى شدة دوي الانفجار ان ثمة غارة نفذتها طائرة اسرائيلية في الحي. وتنادى بعضهم الى النوافذ مشيحين بنظرهم نحو السماء الا ان الدخان الذي تصاعد لفتهم الى ان الانفجار في المرأب. لا يعرف سكان البناية عن عوالي كثيراً لكن بعضهم أفاد انه يسكن فيها منذ نحو شهرين. كانت سيارة عوالي وحيدة في المرأب المكشوف الذي يقع خلف البناية، وهو مسوّر بجدار اسمنت يرتفع نحو مترين وله بوابة حديد. لم يسمح عناصر أمن الحزب سوى للصحافيين بالدخول. وكان كثر منهم مشغولين مع عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي في معاينة السيارة والبحث الدقيق في انقاضها ومحيطها عن ادلة وآثار للعبوة. وقال بعض الشهود ان عوالي لم يدخل سيارته وان الانفجار وقع قبل ان يصل اليها بنحو مترين لناحية الخلف مما أدى الى اصابته في النصف السفلي من جسمه، فبقيت ساقه اليمنى شبه معلقة واصيبت الساق اليسرى بجروح، وكذلك احدث الانفجار تشققات في وجهه وجبينه، بحسب ما أفاد الطبيب الشرعي أحمد المقداد. ووضعت النيابة العامة العسكرية يدها على الحادث اذ عاين قاضي التحقيق العسكري رهيف رمضان، بتكليف من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد، السيارة ثم انتقل الى مستشفى بهمن وعاين الجثة. واستمع رجال الضابطة العدلية ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني الى إفادات عدد من الاشخاص بينهم ناطور البناية المدعو أنور وهو مصري الجنسية. وشيّع "حزب الله" عوالي ظهراً في مجمع "سيد الشهداء" حيث أمّ المصلين السيد نصرالله في مشاركة رجال دين شيعة وسنّة.