يحدثنا التاريخ الإسلامي مطولاً عن ثقافة الحرب بما لا يدع مجالاً لتأويل الهمجية التي تصدمنا يومياً على شاشات التلفزة، سواء في العراق أو الأردن أو غيرهما من الدول العربية وغير العربية. ان مقاومة المحتل حق مشروع. وفي فلسطين ولبنان أمثلة مشرفة. ولكن ما يحدث حالياً، وحصراً في العراق، فلا يمت للمقاومة بصلة، بل هو ارهاب بشع. وإلا ما معنى وضع عبوة ناسفة او سيارة مفخخة في سوق مكتظة، او خطف رهائن على الهوية وقطع رؤوسهم بلا رحمة يفرضها الدين عند ذبح البهائم. مؤكد ان قتل عميدة كلية الطب في الموصل وزوجها، ثم فصل رأسيهما، لا يرمي الى اخراج جنود الاحتلال. ذلك ليس سوى ارهاب يهدف الى ادخال العراق الجديد في دوامة الدم لمنع عودة الاستقرار اليه. يحدثنا التاريخ عن عمر بن الخطاب الذي قال لو ان شاة غرقت في الفرات لخشي ان يساءله الله عنها. أليس الأولى ان نحفظ حياة الآدميين؟ ان من يحتكر تراث "السلف الصالح" يتبع سلفاً غير الذي نعرف. ألم يوص أبو بكر جيوشه بعدم ترويع الآمنين؟ ألا يعي "المنظرون الشرعيون" وغير الشرعيين سيرة علي بن أبي طالب الذي توجه الى قاض هو عيّنه ليحتكم على يهودي كان قد استولى على درع أمير المؤمنين؟ هذه الثقافة التي تركها لنا السلف في منهج التعامل في الحكم والحروب والجوار. أما ما ينتهجه مدّعو "المقاومة الباسلة"، ومبررو الارهاب فلا يمت بصلة الى الانسانية. ناهيك عن دين حنيف ما انفك يحذرنا ان من قتل نفساً كان كمن قتل الناس جميعاً. اما ما يمارس من عنف أعمى وجاهل لا يفرق بين طابور مواطنين يبحثون عن عمل في حي بغدادي وقاعدة عسكرية، فلا علاقة له ب"ثقافة المقاومة". انه ارهاب بلا اي ثقافة. ثقافة المقاومة تبدأ بالفهم الصحيح للدين، وتعترف بحصانة النفس الآمنة، وتحترم الجوار. أوليس هذا ما علمنا إياه السلف الصالح؟ المنامة - كاميليا بسام