يطل الاعلامي اللبناني مرسيل غانم بين حين وآخر في برنامجه التلفزيوني الاسبوعي "كلام الناس" بمواضيع تختلف بعض الشيء عن المعتاد في حلقاته، لناحية الموضوع الذي يطرحه والاعداد والضيوف. فهو يخصص حلقة لموضوع او قضية تحتاج الى تحقيقات مصورة، ومقابلات خارجية، اضافة الى ضيوفه في الاستديو. وغالباً ما تكون هذه الحلقات مسجلة، بعيداً من البث المباشر الذي يعتمده في برنامجه. وفي حلقة من هذه الحلقات تطرق غانم الى موضوع السجون و"نزلائها" ليتحدث عن مسجونين أدخلوا السجن "ظلماً"، ولم يعد أمامهم سبيل الى الحرية، وأقفلت نصوص قانونية كل السبل وان ظهرت وقائع جديدة تثبت براءتهم. ومن هؤلاء المسجونين في سجن رومية المركزي شرق بيروت السجين الفلسطيني يوسف شعبان الذي دانه المجلس العدلي اللبناني أعلى سلطة قضائية بقتل الديبلوماسي الاردني، نائب عمران المعايطة، قبل عشر سنوات. لكن بعد سنوات ظهر الجاني الحقيقي، وهو ياسر سلامة أبو شنار، ونفذ فيه حكم الاعدام في الاردن. وتمكن ذووه من احضار ملف كامل، مصدق، عن الحكم الاردني الذي لم يرد فيه اسم شعبان، والتحقيقات الأولية التي ورد فيه اسمه مرتين: الأولى تفيد ان بوشنار اخبر شعبان بأنه نفذ العملية، وفي الثانية رد أبو شنار على سؤال واضح للمحقق: "لا علاقة ليوسف شعبان بالعملية". استضاف غانم في حلقته وزير العدل بهيج طبارة، وعضو لجنة الادارة والعدل النيابية النائب القاضي السابق وليد عيدو، ونقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي ووكيلة شعبان، المحامية مي خنساء، والمحامي الاردني حسن المصري الذي كان وكيلاً للمتهم الفعلي الذي نفذ فيه حكم الاعدام في الاردن بعد محاكمته. وعلى رغم ان الحلقة عرضت القضية في شكل جيد، وأثير خلالها نقاش قانوني في "أصول المحاكمات الجزائية"، وقدمت شهادات في "براءة" شعبان، فقال المتهم الفعلي في الاردن في التحقيقات صراحة: "لا علاقة ليوسف شعبان" بالعملية، فإن الحلقة انتهت الى ما انتهى اليه موضوع مشابه نشر سابقاً في "الحياة". العقبة الاساس تكمن في المادة 366 من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تنص على ان احكام المجلس العدلي مبرمة، ولا تقبل اي شكل من اشكال المراجعة. وكذلك قدم تفسير سلبي للمادة 367 من القانون نفسه التي تنص على ان للنيابة العامة التمييزية ان تتوسع في التحقيق، اذا توافرت عناصر جديدة. لكن التفسير أفاد أن هذه الامكانية متاحة خلال المحاكمة، لا بعد صدور الحكم. وكان لافتاً في الحلقة اضافة الى إقرار المشاركين ان شعبان يبدو غير مذنب. وأقر طبارة بأن قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد صدر عن المجلس النيابي قبل أكثر من سنة بتعديلات ايجابية كثيرة ليس أفضل من السابق لناحية إلغائه مادة كانت تنص على إمكان اعادة المحاكمة لدى توافر عناصر جديدة أياً تكن المحكمة الصادر عنها الحكم. اما القانون الجديد فغابت عنه هذه المادة، ولم يعد في الامكان إعادة محاكمة شعبان علماً انه سجن قبل سنوات طويلة من التعديل. والامر الثاني الذي كان لافتاً هو تعهد النائب عيدو بتقديم مشروع قانون الى المجلس النيابي لتعديل هذه المادة، بصفته رئيساً للجنة العدل والادارة. وكذلك خلص المشاركون في الحلقة الى ان لا سبيل لخروج شعبان من السجن الا من خلال عفو خاص من رئيس الجمهورية اميل لحود. وهذا الأمر معروف. والمحامية خنساء لم تتوان عن فعل ذلك، لكن الطلب رد بناء لرد النيابة العامة والمادة 366. لم يحصل شيء منذ عرض الحلقة قبل نحو شهر حتى الآن بعد. فلا الوزير أعلن عن قيامه بأمر لرفع الظلم كما وعد. ولا عيدو تقدم بمشروع قانون لتعديل المادة 366. ومن الناحية القضائية فإن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي مطانيوس خوري، أبلغ عائلة شعبان ان القضاء يطبق نصوص القانون، والعائلة طلبت موعداً للقاء الرئيس لحود، لتشرح له المسألة، وهي لا تزال تنتظر تحديد موعد، الى استنساخها 128 نسخة من الملف، وتوزيعه على النواب، علّ عشرة منهم يسهمون، مع عيدو، في تعديل المادة ليخرج يوسف الى الحرية ووالدته وابنيه. بيروت - فيصل المير [email protected]